تشير دراسة جديدة إلى أن تناول مكملات البوليفينول بانتظام قد يدعم الشيخوخة الصحية عن طريق خفض ضغط الدم الانقباضي وعلامات الالتهاب الرئيسية لدى البالغين فوق سن 55 عامًا.
غالبًا ما يصاحب التقدم في السن ازدياد في الالتهاب المزمن منخفض الدرجة، وهي حالة تُعرف باسم الالتهاب المرتبط بالشيخوخة (Inflammaging). ترتبط هذه العملية بزيادة خطر الإصابة بأمراض مثل داء السكري، وأمراض القلب والأوعية الدموية، والاضطرابات العصبية التنكسية لدى كبار السن.

الرمان (Punica granatum L) فاكهة شائعة ومحبوبة، تتميز بغناها بالبوليفينولات، وخاصةً البونيكالاجين، وهو مركب إيلاجيتانيني قوي. بفضل هذه المركبات، يمتلك الرمان نشاطًا مضادًا للأكسدة يفوق العديد من الأطعمة الأخرى الغنية بالبوليفينولات، بما في ذلك الشاي الأخضر.
بالإضافة إلى قيمته الغذائية، يُعد الرمان محصولًا مستدامًا، إذ ينمو في المناطق المعرضة للجفاف، ويتكيف مع أنواع التربة المتنوعة، ويتطلب كميات قليلة نسبيًا من المياه والطاقة.
في حين أثبتت الدراسات بالفعل أن مستخلص الرمان (PE) يوفر فوائد مضادة للالتهابات وحماية للقلب والأيض لدى عموم السكان، ركزت هذه الدراسة بشكل خاص على البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 55 و70 عامًا والذين كانوا إما ذوي وزن طبيعي أو يعانون من زيادة الوزن.
شملت الدراسة 86 مشاركًا، أغلبيتهم من النساء البريطانيات ذوات البشرة البيضاء، وبلغ متوسط مؤشر كتلة الجسم لديهن 24.
كان متوسط ضغط الدم الانقباضي لديهن 128 ملم زئبق، وهو مرتفع نسبيًا، وإن لم يكن ضمن نطاق ارتفاع ضغط الدم. في الواقع، كان لدى 80% منهن مستويات ضغط دم انقباضي تتراوح بين 120 و129 ملم زئبق.
في البداية، أظهر المشاركون تنوعًا واسعًا في علامات الالتهاب. كانت مستويات الإنترلوكين-6 (IL-6) لدى ثلثهم تقريبًا ضمن الحد الأدنى من المعدل الطبيعي، بينما كان عامل نخر الورم ألفا (TNF-α) لدى أكثر من نصفهم ضمن الحدود الطبيعية. وكانت مستويات البروتين التفاعلي-سي (CRP) لدى جميع المشاركين تقريبًا طبيعية.
ومع ذلك، كانت عوامل خطر أمراض القلب الأيضية أكثر شيوعًا. كان لدى ما يقرب من 90% منهن مستويات كوليسترول إجمالي أعلى من 5 مليمول/لتر، وكان لدى 80% منهن مستويات كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة (LDL) مرتفعة (>3 مليمول/لتر).
لوحظ ارتفاع في مستوى الدهون الثلاثية (TG > 1.7 مليمول/لتر) لدى 11% من المشاركين، بينما انخفضت مستويات البروتين الدهني عالي الكثافة (HDL) لدى 4% فقط. وظلت مستويات سكر الدم الصائم ضمن المعدل الطبيعي لدى أكثر من نصف المجموعة بقليل.
خلال فترة الدراسة، لاحظ المشاركون الذين تناولوا مستخلص الرمان انخفاضًا في بعض مؤشرات الالتهاب، وهو انخفاض لم يُلاحظ في مجموعة الدواء الوهمي. انخفضت مستويات IL-6 بمعدل 5.47 بيكوغرام/مل، كما انخفضت مستويات IL1- b بشكل ملحوظ. أظهر البروتين التفاعلي C وTNF-α اتجاهًا هبوطيًا، وإن لم يكن ذا دلالة إحصائية.
وظلت العلامات مثل IL1-α ومثبط منشط البلازمينوجين 1 (PAI-1) دون تغيير.

ارتبط استهلاك مستخلص الرمان أيضًا بانخفاض ضغط الدم الانقباضي، خاصةً لدى المشاركين الذين كانت قراءات ضغطهم مرتفعة في البداية. في المتوسط، انخفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 5.2 ملم زئبق. وانخفض ضغط الدم الانبساطي (DBP) بحوالي 3 ملم زئبق، مع أن هذا التغيير لم يكن ذا أهمية إحصائية.
لم تتغير المؤشرات الأيضية الأخرى، بما في ذلك مؤشر كتلة الجسم، بشكل ملحوظ مع استخدام مستخلص الرمان. قد يُعزى ذلك إلى صغر نسبة المشاركين الذين يعانون من زيادة الوزن، مما يحد من القدرة على اكتشاف الاختلافات بناءً على الوزن.
تجدر الإشارة إلى أن تناول البوليفينول لم يؤثر على العادات الغذائية، أو النشاط البدني، أو استهلاك المغذيات الكبرى. كان المكمل الغذائي جيد التحمل، مع تسجيل مستوى عالٍ من الالتزام.
من الناحية السريرية، يُعدّ انخفاض ضغط الدم الانقباضي هامًا. إذ يرتبط انخفاضه بنسبة 5% عادةً بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية الكبرى بنسبة 10%.
تتضمن الآلية المقترحة لهذه الفائدة في خفض ضغط الدم تحسين توسع الأوعية الدموية. ويعزى ذلك على الأرجح إلى انخفاض الإجهاد التأكسدي المرتبط بالإيلاجيتانينات، وزيادة نشاط إنزيم أكسيد النيتريك البطاني (eNOS).
على الرغم من هذه النتائج الواعدة، لم يحسن العلاج بمستخلص الرمان بشكل ملحوظ مؤشرات القلب والأيض الأخرى في هذه الدراسة. قد تؤدي العينة، التي تتكون في الغالب من نساء ذوات وزن طبيعي، إلى تحيز في الاختيار ويحد من إمكانية التعميم.
وفي نهاية المطاف، تُسلِّط هذه الدراسة الضوء على مخاطر القلب والأيض والالتهابات التي غالبًا ما يُغفل عنها، والتي قد تظهر حتى لدى كبار السن الذين يبدون أصحاء. وقد أظهر العديد من المشاركين ارتفاعًا في ضغط الدم الانقباضي وعلامات التهابية في بداية الدراسة.
تشير النتائج إلى أن تناول مستخلص الرمان بانتظام قد يساعد على خفض ضغط الدم الانقباضي وبعض مؤشرات الالتهاب لدى هذه الفئة العمرية. وكما أشار الباحثون، “قد يوفر تناول مستخلص الرمان استراتيجية قيّمة وغير دوائية لتعزيز الشيخوخة الصحية”.
ومع ذلك، لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من البحث. وستكون الدراسات الأوسع نطاقًا والأكثر تنوعًا مع فترات متابعة أطول ضرورية لتحديد التأثير الصحي طويل المدى لمكملات البوليفينول على كبار السن.