أظهرت دراسة حديثة أن ما يقرب من ثلث كبار السن الأصحاء يتناولون الأسبرين يوميًا على أمل الوقاية من أمراض القلب والسكتة الدماغية. ومع ذلك، كشفت الدراسة أن هذه العادة قد تكون مضرة أكثر منها مفيدة، حيث يزيد خطر حدوث نزيف دون تحقيق فوائد صحية كبيرة لهذه الفئة العمرية.
لم يعد الخبراء يوصون باستخدام الأسبرين بشكل روتيني للوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية لدى الأشخاص الذين تجاوزوا سن الستين. ووفقًا للدكتور موهاك جوبتا، أحد الباحثين في الدراسة، فإن خطر النزيف يفوق الفوائد المتوقعة من تناول الأسبرين لدى هذه الفئة العمرية.
لذلك، يجب على الأطباء والمهنيين الصحيين التأكد من أن مرضاهم على دراية كاملة بمخاطر وفوائد تناول الأسبرين، وتقديم المشورة الطبية المناسبة لكل حالة على حدة.
استطلاع آراء أكثر من 150 مليون بالغ حول استخدام الأسبرين
حلل الباحثون بيانات من المسح الوطني للمقابلات الصحية في الولايات المتحدة (2012-2019 و2021) والتي شملت حوالي 150 مليون بالغ، وذلك لدراسة اتجاهات استخدام الأسبرين للوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية.
ركزت الدراسة على مشاركين أعمارهم 40 عامًا فأكثر، حيث تم سؤالهم عن استخدامهم للأدوية المسيلة للدم مثل الأسبرين. وتم تصنيف المشاركين بناءً على تاريخهم الصحي، بما في ذلك الإصابة بالسكتة الدماغية أو النوبة القلبية أو أمراض الشرايين.
أظهرت النتائج انخفاضًا في استخدام الأسبرين بين عامي 2018 و2019، وذلك بعد أن نصح خبراء القلب بعدم تناول الأسبرين بشكل روتيني للوقاية من أمراض القلب لدى الأشخاص الأصحاء وكبار السن. ومع ذلك، لا يزال حوالي ثلث الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 60 عامًا فأكثر ولا يعانون من أمراض قلبية يتناولون الأسبرين، وقد اتخذ حوالي 5% منهم هذا القرار دون استشارة الطبيب.
هل توجد مخاطر من تناول جرعة منخفضة يوميًا؟
قد يبدو الأسبرين، وخاصة بجرعات منخفضة، وكأنه دواء غير ضار، لكنه قد يضر الجسم عند استخدامه بانتظام، كما يقول الدكتور بلير سوتر، اختصاصي أمراض القلب في مركز ويكسنر الطبي التابع لجامعة ولاية أوهايو في كولومبوس، والذي لم يشارك في البحث. ويضيف الدكتور سوتر: “إن الخطر الأساسي هو النزيف من المعدة أو الجهاز الهضمي. والمرضى الأكثر عرضة لخطر النزيف هم الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 70 عامًا، والمرضى الذين يعانون من اضطرابات النزيف، والذين يتناولون تركيبات معينة من الأدوية”. لذلك، يجب استشارة الطبيب قبل البدء في تناول الأسبرين أو التوقف عنه.
من يجب عليه تناول الأسبرين للحفاظ على صحة القلب؟
يقول الدكتور آشيش ساراجو، مؤلف الدراسة الرئيسي واختصاصي أمراض القلب في عيادة كليفلاند في أوهايو، إن الأسبرين غالبًا ما يكون دواءً أساسياً للأشخاص الذين يعانون من أمراض قلبية سابقة، مثل النوبة القلبية أو السكتة الدماغية، أو الذين خضعوا لعمليات قلبية، لأنه يساهم في الوقاية من حدوث أحداث قلبية وعائية أخرى.
وتشير عقود من الأدلة إلى أن تناول الأسبرين يوميًا بجرعة منخفضة يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بحدث قلبي وعائي ثانٍ بنحو 25%. ويمنع تكون جلطات الدم التي قد تسد الشرايين وتؤدي إلى النوبات القلبية والسكتات الدماغية.
بالنسبة للأشخاص الأصحاء الذين يرغبون في الوقاية الأولية من أمراض القلب، قد يكون تناول الأسبرين خيارًا مناسبًا في بعض الحالات. يوصي الخبراء بضرورة استشارة الطبيب لتقييم الفوائد والمخاطر بشكل فردي، خاصة بالنسبة للبالغين الأصغر سنًا الذين يعانون من عوامل خطر عالية مثل ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع الكوليسترول، أو السكري.
يشدد الدكتور ويليام لوسون، مدير أمراض القلب الوقائية في معهد ستوني بروك للقلب، على أهمية إجراء حوار مفتوح مع الطبيب لتحديد ما إذا كان تناول الأسبرين مناسبًا لكل حالة على حدة، وذلك لأن الفوائد والمخاطر تختلف من شخص لآخر.
لماذا يتناول كثير من كبار السن الأسبرين يوميًا؟
يقول سوتر إن الأسبرين كان عنصرًا أساسيًا في أدوية الوقاية من الأمراض لسنوات عديدة ولا يزال هو الدواء الأول الذي يوصي به الأطباء عند حدوث نوبة قلبية حادة.
ومع ذلك، تشير الدراسات الحديثة إلى أن فعالية الأسبرين في الوقاية من الأمراض أقل مما كان يعتقد سابقًا، إلا أن هذه الدراسات نسبياً حديثة، ولا تزال التوصيات القديمة شائعة بسبب عدة عوامل، منها العادات الطبية المتأصلة وقلة الوعي بالتحديثات العلمية.
ويضيف جوبتا أن هناك أيضًا تفسيرين طبيين لاستمرار استخدام الأسبرين لدى كبار السن الأصحاء. أولاً، على الرغم من عدم التوصية ببدء تناول الأسبرين للوقاية من الأمراض لدى كبار السن، فإنه لا توجد إرشادات واضحة حول التوقف عن تناوله لمن بدأوا بالفعل. ثانياً، قد يرى الأطباء أن فوائد الأسبرين تفوق مخاطره في بعض الحالات، خاصة لمن يعانون من عوامل خطر عالية للإصابة بأمراض القلب.
وينصح جوبتا أنه من المهم جدًا عدم التوقف عن تناول أي دواء، بما في ذلك الأسبرين، دون استشارة الطبيب.
إذا كنت تتناول الأسبرين للوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية، مثل النوبة القلبية أو السكتة الدماغية، ولكنك لم تشخص بأي من هذه الأمراض ولم ينصحك طبيبك بتناوله، فمن الضروري أن تتحدث معه على الفور. قد يكون هناك أسباب طبية تجعل تناول الأسبرين غير مناسب لك.