«الاستروجينات النباتية»، هي أنواع مميزة من كيميائيات الفايتو، تستمد مكانتها من خواصها الحيوية التي تحاكي هرمون الاستروجين. وقد جاء في مجلة (اللأنست) الطبية، أنها يمكن أن تحل بكفاءة محل الاستروجين المخلق الذي يستخدم كدواء. وها نحن نذكر بعض الأمثلة المختارة المثيرة منها، التي ترى أنها تستحق أن تعرف، وأن تجد الاهتمام الكافي من قبلهن:
· صويا بالأيزوفلافونات: فول الصويا يعد من أكمل النباتات غذاء، فدقيقه كامل الدهن، إذا حلل يعطى الأرقام الآتية:5.50% ماء، 20.3% نشاء وما إليه، 23.4 دهن، 40.2% بروتين رفيع القيمة. ودقيق الصويا إذ يحلل تحليلًا أدق، ينبئ عن وجود أنواع مميزة من الفايتواستروجينات، شبيهة بالاستروجين الآدمي، تعرف بالايزوفلافونات Isoflavovoms or Isoflavonoids، مثل مادة «جنستين»، ومادة «ديدزين».
على أن الأيزوفلافونات لا توجد إلا في مشتقات الصويا التي تحوي بروتينًا، مثل دقيق الصويا الذي يخلط بدقيق القمح، لصناعة العجائن الغذائية والمخبوزات، ومثل بروتينات الصويا المعزولة والمركزة التي تضاف إلى اللحوم، لإنتاج المصنفات. ومثل حليب الصويا، واللبن الزبادي والجبن المصنوع من الحليب. ومثل التوفو Tofu، الذي ينتج عن ترسيب بروتين الصويا في صورة قوالب بيضاء، تقطع إلى شرائح تضاف إلى السلطات، أو تؤكل بعد تخميرها في الدهن، كما تؤكل شرائح اللحوم المحمرة سواء بسواء. أما زيت فول الصويا، والصلصة المصنوعة من الصويا، فهي منتجات تكاد تخلو من الأيزوفلافونات.
· البطاطا الشافية: البطاطا نبات جذري يمتاز بلب نشوى حلو الطعم سكري، يؤكل طبخًا وشيًا في الأفران. وهو من حيث عناصر الغذاء غني بالكربوهيدرات (26.3%)، ولكن محتواه من البروتين زهيد (1.7%)، والرماد (1%)، والدهون (0.4%)، ويوجد بالبطاطا وفرة في طليعة فيتامين (أ) المعروف بالكاروتين، ومقدار حسن من فيتامين (ج). على أن أخطر ما في البطاطا، ذلك المقدار الوافي من الفايتواستروجينات. ولسوف تدهش كل امرأة إذا علمت أن محتوى البطاطا من الاستروجينات النباتية المهمة، ينافس نظيره في أطباق الصويا التي يمتاز بها المطبخ الياباني.
· منع المثيرات: تجدينها في أنواع عدة من الخضراوات مثل الكرنب العادي، وكرنب بروكسل، وكرنب السلطة، والسبانخ، وقنبيط الشتاء (قنبيط بروكولي)، وهي مركبات بوسعها حماية النساء من اضطرابات سن اليأس، إلى جانب منع المثيرات غير الطبيعية لهرمون الاستروجين.
· في البقول: ومنها الحمص الذي يعد من أغنى أنواع الغذاء بفضل ما ينطوي عليه من نشاء ودهن وبروتين، وما فيه من أملاح معدنية كالفوسفور والبوتاسيوم والكالسيوم والكبريت والحديد، إلى جانب صنوف من الفيتامين. وفي البسلة مقدار عظيم من النشاء (20-50%)، والبروتين (24%)، والسكريات (4-10%)، وفيها العديد من الأملاح المعدنية والفيتامينات. وعدا ما في الحمص والبسلة من مغذيات ضرورية للإنسان، وجدت مركبات الفايتواستروجينات، بتركيزات معقولة. ولأجل ذلك راح خبراء التغذية يوصون النساء بتناول هاتين ومنتجاتهما، وبخاصة في مرحلة سن اليأس وما قبلها أيضًا.
· بذور الكتان: اهتم باحثو التغذية في السنوات الأخيرة ببذور الكتان. فهي غذاء قيم، ونسبة البروتين به مرتفعة (31%)، وكذا ما به من دهون (32-42%)، وسكريات (34%) ومعادن وفيتامينات. على أن بذور الكتان تمتاز بمقدار عظيم من فايتو الليجنان Lignans، يفوق ما هو موجود في الحبوب الكاملة وفي الخضراوات بنحو 75 إلى 80 مرة.
بقي أن نقول إن صغر حجم بذور الكتان وقساوة القشور، يجعلها تدخل الجهاز الهضمي كاملة من دون طحن أو تفتت، ثم تطرح بعد حين في الفضلات، ولا يستفاد منها في الأكل. وإذن، فقد وجب طحن البذور ناعمًا قبل أن تؤكل، وقبل أن يضاف منها إلى العجائن ومخبوزات الصانعين.
· السوداني والفايتو: يعتبر بعضهم أن الفول السوداني من أكرم الأغذية، فالرطل الواحد منه ينتج في الجسم 2700 س ح، بينما ينتج رطل من لحم العجل 900 س ح. وهو يحتوي على مقدار وافر من أصول الطعام الثلاثة: البروتين والنشاء والدهون، فضلًا عن صنوف من الفيتامين. على أن أقيم ما في هذا الغذاء، ما ينطوي عليه من مركبات الفايتوالفينولية المهمة، وبخاصة فايتوريزفيراترول الذي يتصف بصفات الاستروجينات. واتضحت أهميته في حماية النساء في سن الإياس من الإصابة بأورام الأثداء، وخطر تجمع الصفائح الدموية المكونة للجلطات، فضلًا عن تأثيره المفيد في تثبيط أكسدة الكولسترول منخفض الكثافة، مما يحقق حماية أكبر ضد تصلب الشرايين.
· مخازن العنب: درس الباحثون في السنوات الأخيرة المكونات الطبيعية ذات الخواص الاستروجينية الموجودة في العنب ومنتجاته. وخلصت دراساتهم إلى اكتشاف العديد من مركبات الفايتوالفينولية في أصناف العنب الحمراء الداكنة والسوداء على وجه الخصوص. كما عثروا على فايتو ريزفيراترول بتركيزات جيدة في قشرة ثمار العنب الطازجة.
· رمان الأنوثة: الرمان فاكهة ممتعة، ومع المتعة غذاء. ففي بذوره الغضة المتشحمة عصارة سكرية لونها أحمر إلى وردي. تحتوي على مواد سكرية وبروتينات ودهون وأحماض عضوية وفيتامينات. وغير ما في البذور من مغذيات وتحتوي على مركبات البليترين ذات الأهمية الطبية كطارد للديدان. والمهم هو أن تعرف النساء كيف ينتفعن بهذا المركبات.
· التمر والنوى: التمر من خير الفواكه بفضل ما فيه من مغذيات، مثل الكربوهيدرات (70.6-78%)، والدهون (2.5-3%)، والبروتين (1.9-2%)، والأملاح المعدنية (1.2%)، فضلًا عن الفيتامينات. ولكن الجديد هو ما اكتشف بالتمر من مركبات طبيعية فعالة نشيطة دوائيًا على نحو مثير.. فمنها ما يشبه في تأثيره هرمون الأوكسيتوسين الذي يفرز من الفص الخلفي للغدة النخامية.. ومنها ما يشبه في تركيبه ووظيفته هرمون الاستروجين.
وقد وجد الباحثون مركبات استروجينية في نوى التمر، بمعدل 1.9 ملجم/كجم من النوى. وحين درس العلماء تأثير خلاصات النوى على كل من الرحم والمهبل، أحدثت زيادة في وزن الرحم، كما تسببت في تحول الخلايا المهبلية إلى خلايا كيراتينية. وهي التأثيرات نفسها التي يتصف بها هرمون الاستروجين. كل ذلك يؤكد أهمية نوى التمر كغذاء دوائي، يوافق المرأة لدى بلوغها سن اليأس.
ويمكن إعداد وتجهيز النوى بصورة مقبولة للآكلين، بأن يحمص كالبن ويطحن، ويؤخذ ملعقة صغيرة منه، على نصف كوب ماء، تغلى كالشاي جيدًا، ثم تحلى بالعسل ويشرب يوميًا قدر فنجان.
· الحلبة والنساء: تمتاز الحلبة بتأثير هرموني أنثوي يماثل تأثير الاستروجين. وفي بذور الحلبة قدر جيد من البروتين (22%)، و28% من مواد غروية، و6% من زيت ثابت، ونوعين من القلويدات هما: تريجونيللين، والكولين.
كما توجد بالحلبة أنواع من كيميائيات الفايتو تؤثر في الأعضاء التناسلية للأنثى، على نحو ما يفعل هرمون الاستروجين. وهذه الميزة هي التي رشحت مغلي الحلبة لتنشيط الطمث لدى الفتيات في سن البلوغ، ولتقوية غدد الثدي وإدرار الحليب لدى السيدات المرضعات، كما رشحته للقواعد من النساء، لمكافحة المتاعب التي تصاحب التوغل في غابات العمر.
· عرق السوس: اقترنت أهميته بخواصه كمشروب شعبي مرطب للجسم وملين وملطف للبلغم ومفيد لمتاعب الصدور. على أن هذا المشروب بدأ يتقدم في السنوات الأخيرة، صفوف الأغذية الفعالة على نحو غير مسبوق. فقد حاز المرتبة الثالثة بين الأغذية النباتية الواقية من الإصابة بالأورام. وحاز موقعًا متقدمًا بين الأطعمة المضادة لاضطرابات سن الإياس. لقد استطاع كيميائيو الأغذية الذين ينقبون في مكونات عرق السوس، أن يضعوا أيديهم، لأول مرة على كنز من مركبات الفايتو المفيدة، وكانت نتائج تجاربهم نعمة وبركة، لكل امرأة تبحث عن بديل طبيعي لهرمون الاستروجين.
· هرمونات الشمر: يستخلص منه زيت عطري يحتوي على مادة الانيثول بنسبة 50-60%، ومادة الفانشون بنسبة 20%، مع قليل من مركبات تكسب البذور طعمها ورائحتها المميزة، مثل الفيلاندرين، والبينين؛ ولأن البذور تنطوي على قدر من الفايتو استروجينات، فإن مشروب الشمر يفيد في تنبيه غدد المرأة الجنسية، ويفيد الحائض في تيسير خروج الدماء، ويفيد المرضع في تنبيه غدد الأثداء، كما يعين المرأة حين تبلغ سن الإياس.
· الينسون للصحة: الينسون مضاد جيد للتخمر والتقلصات والانتفاخ، ويفتح الشهية ويقلل من نوبات السعال، ولأجل ذلك يضاف إلى كثير من الأطعمة، أو يستخدم كمشروب. ولكن بذور الينسون أقيم من ذلك بكثير، ففيها 31 % بروتين، و 29% دهون، و 26.9% نشاء وسكريات، و10.3% ألياف، ونحو 2.8% زيت عطري، يمتاز برائحة مميزة وطعم حلو. ويقول الباحثون إن أخذ الرجل قليلًا من الينسون يفيد في تقوية فعل الهرمون الذكري، ولكن إذا أخذ الكثير منه فإنه يقلل من تأثيره الجنسي.
ويقول الباحثون إن أخذ المرأة الينسون يفيد في تنبيه الرحم، ويساعد على إخراج إفرازات الدورة الشهرية، وبسبب تأثيره الاستروجيني فإن المرضع تأخذه لتنشيط إدرار الحليب من الأثداء، ويفيد في تقوية مبايض المرأة بعد سن الإياس، ويخفف من متاعبها إلى حد كبير.
لكن ننصح بعدم غلي بذور الينسون طويلًا في الماء، لئلا يتطاير زيته العطري الفعال، وتقل الفائدة المبتغاة. وأسلم طريقة لتحضير مشروب الينسون هي نقع مسحوق البذور في ماء ساخن لدرجة الغليان، بمعدل ملعقة من المسحوق لكل كوب من الماء، ويغطى لمدة عشر دقائق، بعدها يصفى ثم يشرب بالهناء والشفاء.
أ.د. فوزي عبدالقادر الفيشاوي – أستاذ علوم وتكنولوجيا الأغذية