أفضل الوسائل للتمتع بصوم صحي

يظن بعض الناس أن الصيام يقلل من لياقتهم البدنية، ويؤثر على نشاطهم وكفاءتهم في العمل، فيتسم معظم نهارهم بالنوم والكسل، وتنخفض إنتاجيتهم بزعم كونهم متعبين من الصوم.

وهناك من ينقطع عن عمله، ويتفرغ للعبادة فقط، بينما فريق آخر يتخفف من عمله لا ليعبد الله، إنما ليصرف وقته أمام الفضائيات، فينقضي النهار ومن ثم الشهر دون أن يشعر بجوع أو عطش.

وبين هذا وذاك، هناك فريق ثالث يمارس حياته بشكل طبيعي، دون أن تتأثر إنتاجيته بالصوم، بل ربما ازدادت عن معدلها في الأيام العادية..

خريطة غذائية

ولهؤلاء جميعا، يرسم عدد من الخبراء خريطة غذائية للحد من كسل الرجال في رمضان.

منع أي ضرر للجسم البشري جراء الصوم، يشير خبراء في علوم التغذية إلى أهمية تعجيل وجبة الافطار والحفاظ على وجبة السحور، مع الاعتدال في الأكل والحركة والنشاط أثناء الصيام، لأن الذي يتوقف أثناء الصيام هما عمليتا الهضم والامتصاص وليست التغذية. فخلايا الجسم تعمل بصورة طبيعية، وتحصل على جميع الاحتياجات اللازمة لها.

وتعتبر الحركة أثناء الصيام عملاً إيجابيًا وحيويًا يزيد من كفاءة عمل الكبد والعضلات، ويخلص الجسم من الشحوم، ما يعني أن الكسل والخمول والنوم أثناء نهار شهر رمضان يعطل الحصول على كل هذه الفوائد، بل قد يصيب صاحبها بكثير من الأمراض تجعله أكثر خمولاً وتبلدًا، فضلا عن اضطراب الساعة البيولوجية في الجسم، مما يكون له أثر سيئ على الاستقلاب الغذائي داخل خلايا الجسم.

نظام صحي

إلى ذلك، تتطرق د. وفاء أحمد، أستاذ الصحة العامة والطب الوقائي, لأهم أسباب كسل الرجال في رمضان، منها السهر لفترات طويلة، والإكثار من تناول الأغذية الدسمة، والمسليات أثناء مشاهدة التليفزيون، مع قلة ممارسة الرياضة. وكذلك التدخين إذ إن الرجل الذي اعتاد التدخين لا يقوى على الاستغناء عنه، وبالتالي يشعر بالتعب والملل والكسل طوال النهار فيلجأ للنوم حتى لا يصاب بالعصبية وفقدان التوازن.

وتنصح د. وفاء باتباع نظام غذائي صحي يمد الجسم بالنشاط والحيوية ويعوضه عما يفقده، فنجد البعض عند انطلاق مدفع الإفطار يدخن مباشرة، وهذا من أكثر الأمور خطرًا على الصحة، لذلك ينبغي تناول كوب من العصير أو طبق من الشوربة أيًا كان نوعها، وبعد فترة يتناول الوجبة الأساسية، لأن تناول الأكل مرة واحدة يؤدي إلى عسر الهضم، ويسبب الانتفاخ والكسل، ومن الممكن أن يؤدي إلى الخمول والنوم، فلابد من تناول الإفطار على مراحل تتضمن:

– تناول طبق سلطة خضراء مع (سمك – لحم – فراخ).

– يفضل الإفطار قليل الدسم غير مشبع بالدهون مع طبق من الخضراوات، بالإضافة إلى الأرز أو المكرونة أو بطاطس مسلوقة.

– عدم شرب الماء أثناء الأكل أو بعده مباشرة.

– يفضل شرب العصائر أو تناول الفاكهة بعد الأكل بساعتين أو أكثر.

– عدم الإكثار من الحلويات.

– أما السحور فيفضل أن يتكون من اللبن أو الزبادي أو الجبن مع رغيف وقليل من الفول المدمس مع طبق سلطة خضراء، ولا مانع من كوب عصير، مع ممارسة أي رياضة خفيفة تعمل على تنشيط الذهن وصفاء العقل.

أفطر على مرتين

تشير د. ليلى حسين – أستاذ التغذية إلى أن كسل الرجل الصائم سببه الرئيسي تناول الطعام في الإفطار مرة واحدة والاستمرار في تناول الحلويات والفواكه طوال الليل، ومشاهدة التليفزيون بكثرة مع تناول المسليات التي تؤدي إلى الشعور بالخمول الشديد، وضعف القدرة على العمل، خاصة إذا لم يقم بأي نشاط حركي لتنشيط الجسم.

وللتغلب على هذه الحالة، يجب اتباع نظام غذائي سليم يدعم الجسم بالنشاط والحيوية، يتضمن تناول طعام الإفطار على مرتين، الأولى تتكون من شوربة الخضار وطبق سلطة خضراء، والوجبة الثانية أرز أو مكرونة وطبق من الخضراوات وقطعة لحم أو سمك أو دجاج، والإكثار من السوائل والفاكهة، أما الحلويات فتكون بنسبة قليلة، ولابد من الحركة والمشي بعد تناول الأكل، أما السحور فيكون برغيف خبز مع فول وبيض، أو زبادي أو لبن أو جبن مع طبق سلطة خضراء، والقيام بتمارين رياضية بسيطة تنشط الدورة الدموية وتمنع الكسل.

خطأ شائع

انخفاض الإنتاجية في رمضان خطأ شائع بين الناس، هذا ما تؤكده د. سونيا صالح، أستاذ التغذية بجامعة حلوان، موضحة أن للصيام فوائد عديدة تنشط الجسم وتخلصه من الدهون المترسبة، بينما الخطأ الذي يقع فيه الرجل بشكل عام هو اتباع عادات غذائية خاطئة، وممارسات مضرة كالسهر، وعدم الاعتدال في ممارسة عمله بنظام، وكلها أسباب تؤدي إلى الكسل والتراخي وفقدان الطاقة أثناء الصيام، موضحة أن الشعور بالإرهاق من الطبيعي أن يواجه الصائم، ويكون ذلك عادة قبل الإفطار وليس طوال النهار التي غالبا ما يكون فيها أوقات العمل.

فالإفراط الشديد في تناول الأطعمة سواء في وجبة الإفطار أو السحور يشكل عبئا على المعدة يسبب بدوره عسر هضم يتسبب في الشعور بالغثيان والخمول وعدم القدرة على العمل. لذا تنصح د. سونيا بتناول الوجبات الغذائية بصورة منظمة ومعتدلة، فلا يترك الصائم نفسه حتى الشبع، بل يترك مساحة للطعام وأخرى للشراب ومساحة للحركة والنفس، فيشعر الصائم بالراحة حتى بعد تناول وجبة الإفطار.

كذلك الأمر بالنسبة للسحور، فيتناول الغذاء الصحي كالزبادي والفاكهة، ويتفادى الحلويات تمامًا بعد السحور، أو المكسرات وغيرها من العادات السلبية التي تعيق الحركة أثناء الصيام، مع عدم النوم بعد السحور مباشرة، بل نتجه إلى صلاة الفجر حتى تهضم المعدة العناصر الغذائية وينام الصائم دون تعب أو شعور بالثقل التي تسببه كثرة الأطعمة على المعدة.

أسباب الكسل معروفة

أما د. حاتم صدقي أستاذ الصحة العامة بالمركز القومي للبحوث، فيوضح أن أسباب الكسل والخمول معروفة وتكون عادة نتيجة نقص السكر في الدم، ولأن غالبية الرجال تعودوا على تناول الشاي والقهوة والسجائر وغيرها من المكيفات أثناء العمل، فإنهم يفتقدون القدرة على الإنتاج في ظل شعورهم بالكسل والخمول والعصبية، وهؤلاء أنصحهم بالتقليل من تناول الشاي والقهوة والامتناع عن السجائر حتى لا يواجهوا هذه المشكلة أثناء الصيام، وأن يحرصوا عند تناول وجبة الإفطار على توفير المادة السكرية كالتمر وقمر الدين والعصائر الطازجة حتى ترتفع نسبة السكر في الدم، ثم تناول وجبة إفطار متكاملة العناصر الغذائية.

أما عن السحور، فلابد من أن تتوافر فيه الألبان ومنتجاتها وقليل من البروتينات ونشويات بنسبة 15% على الأكثر كالخبز، لأن هذه النسبة يستخدمها الجسم أثناء النهار بتحويل المادة النشوية إلى مواد سكرية في الدم، حتى لا يعاني الصائم انخفاض نسبة السكر في الدم، والاعتدال في بذل الطاقة وعدم التعرض للحرارة والشمس وأن يعمل الصائم في أجواء جيدة التهوية.

والمؤكد إن الاعتدال في كل الممارسات أفضل الوسائل للتمتع بصوم صحي دون الإخلال بكفاءة أو إنتاجية العمل.