الصحة والغذاء

واحد شاورما !!

أن تجد حشرة في ساندوتش، ليست بعيدة على أفخم مطاعم الخمس نجوم و تزداد فرصة التسمم كلما قلت درجة المتابعة والنظافة. ولكن هل هذا غش؟ لا بالطبع إنما هو إهمال.

ومما يدعم تلك الثقة المشوّشة هو أن صانع الطعام يهدف إلى الفوائد المادية من الطهي، يجتمع في ذلك المطاعم العالمية والمطاعم المختبئة في أزقة الحارات. وربما  وظفوا (الغاية تبرر الوسيلة) لجني الأرباح في بيئة ذات معيار سلامة منخفض.

ولعلي أسوق طرفة حول هذا الإطار فقد اشترى أحدهم خبزًا من فرّان فوجد في قطعة الخبز جناح صرصار و في الأخرى رجله وفي الأخرى جناحه، فانطلق إلى البلدية التي بادرت بالتحقيق مع الخباز، فماذا قال؟

قال: ياحضرة المراقب أنا عملت مسابقة في المخبز، فمن يستكمل صرصارًا كاملًا يحصل على جائزة، والتفت على المشتكي وسلم عليه قائلًا: مبروك!.

الغش والإهمال في الأطعمة كلاهما مصيبة فالغش فعل مقصود والإهمال ترك مقصود؛ أي ترك للتقييم والرقابة و كلاهما يضر ويقود للتسمم، فمثلاً تسمم آلاف الأطفال بمادة الميلامين في الحليب الصيني فعل مقصود والعمالة التي قبض عليها تدقّ الرخام مع البهارات وتبيعه بالجملة على المطاعم والفنادق! وهذا من الغش، أما ما شاهدته من مقاطع الفيديو كالفأر الذي يعبث بالشاورما، والقط الذي يعبث بالدونات وكلاهما أثناء وقت الصلاة فهذا إن صحّ فهو عين الإهمال.

أعجبني ما سمعته عن أحد الأمهات التي لم ترضخ لإلحاح أبنائها للحصول على الشاورما، وهي تسمع وترى كثرة وسهولة التسمم بها، إنما استطاعت الحصول على سرّ (التتبيله) واشترت صدور الدجاج  والشطة والبقدونس وورق الساندوتش وأصبحت تصنعها محليًا (على الصاج) وبيني وبينكم استنسخنا الفكرة فوجدناها (مغرية)، فما هي إلا قطع صدرين من الدجاج تتبّل في خليط الثوم والزنجبيل والخلّ والصلصة والصويا و قطعة من قشر البرتقال ،يخلط بالخلاط مع فنجان من الزيت، تترك التتبيلة في الثلاجة ثلاث ساعات أو يوم، وعند الطهي تقلب على المقلاة مع شيء من زيت الزيتون والملح والبهارات و رشّة من الفلفل الأسود ويضاف البقدونس عند الحشو ويلف بالورق المخصص للساندوتش.. وبالهناء والشفاء.

و لقد حدثني من أثق به أن له صديقًا قد افتتح مطعمًا يقدم الشاورما، وذكر أنهم إذا انتهى الدوام وقد تبقى من الشاورما حجمٌ معقول يلفونها في قصدير وتوضع في (الفريزر) لليوم التالي. وهذا يزيد فرصة التسمم، وقد يتفاجأ عمّال المطاعم بتأخر الزبائن المعتادين وذلك لأن هناك مباراة هامّة في كرة القدم منقولة على التلفزيون فيكون مصير الشاورما (الفريزر) إلا من هدى الله. عندها أيقنت أسباب كثرة التسمم من الشاورما لأنها تجهز ليوم كامل فإذا لم يحضر الزبائن المتوقعون همس الشيطان في أذن العامل أن ادّخرها ليوم غد!.

وفي بدايات ظهور الشاورما في الرياض قام مجموعة من الشباب (الطائش) بسرقة الشاورما بأكملها أثناء وقت الصلاة، فلمّا اختلوا بها أرادو تقطيعها وتناولها مع الخبز فإذا بها غير مطهية من الداخل! .

وهذا أمر آخر يقود إلى التسمم وهو أن الشاورما هي الوحيدة من الأطعمة التي تستمر خارج الثلاجة لفترة طويلة مع استمرار الجزء الداخلي (نيء) و إذا اجتمعت الأسباب المعينة للتسمم سيكون المواطن هو الضحية فتقرأ الخبر في الجريدة من الغد.

أسمع عن شهادة وقاية صحية عالمية للغذاء تسمى (HACCP) وهي تمنح للمنتجات التي تطبق عليها شروطًا معينة لسلامة الغذاء الفائقة والتي تقلل أو تمنع المخاطر ويسعى للحصول عليها عدد من الشركات العريقة في تصنيع الغذاء، يبدو لي أن هذه الشهادة لو كانت إلزامية على المطاعم فإن أول عقبة ستواجههم هي ضرورة التخلص من الشاورما أو تغيير طريقة طهيها نظرًا لصرامة الشروط المترتبة.

على أية حال، همسة لربة المنزل مدمنة أكل المطاعم:

مهما أغراك الديكور، يظل مطبخك معمور.

محمد بن عبدالله المحيميد

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم