الصحة والغذاء

صناعة الخضراوات والفواكه في البيوت المحمية

الزراعة المحمية لإنتاج الخضراوات والشتلات من الخطوات الهامة التي سارت عليها المملكة كزراعة بديلة عن الزراعات التقليدية المكشوفة التي لم تعد تساير ركب التطور.

ويقصد بالزراعة المحمية للخضر إنتاجها في منشآت خاصة تسمى الصوبات أو البيوت المحمية لغرض حمايتها من الظروف الجوية غير المناسبة وبذلك يمكن إنتاجها في غير موسمها، وتتوفر للخضراوات داخل هذه البيوت الظروف البيئية التي تناسبها من حيث درجة الحرارة وشدة الإضاءة، كما تعطي عناية خاصة لبيئة نمو الجذور وتغذية النباتات. وفي الأنواع الحديثة من الصوبات يتم التحكم في جميع العوامل البيئية وتعديلها بما يتناسب مع النمو النباتي لإعطاء أكبر محصول ممكن.

وقد انتشرت زراعة العديد من الخضراوات ونباتات الزينة وشتلات الخضر في البيوت المحمية انتشارًا كبيرًا في السنوات الماضية نظرًا للعوائد الاقتصادية المجزية على الرغم من زيادة التكلفة الإنشائية أو التشغيلية بالمقارنة مع الزراعة في الحقول المفتوحة.

أهداف عديدة

أدت الزراعة المحمية باستخدام الصوبات إلى تحقيق أهداف منها:

– زيادة إنتاجية وحدة  المساحة بمقدار 7-10 مرات مقارنة بالزراعة في الحقول المفتوحة وإنتاج شتلات ذات جودة عالية ومواصفات مرغوبة، وسهلت إنتاج بعض النباتات خلال أشهر نقصها في الأسواق لتغطية احتياجات المستهلكين وتصدير الفائض ليحقق عائدًا مجزيًا، وبذلك تم تحقيق الاستقرار لبعض المنتجات الزراعية دون التأثر بالتغيرات في الظروف الجوية السيئة وغير المتوقعة، وإنتاج شتلات مبكرة وجيدة لزراعتها في الأراضي المكشوفة مبكرًا، ووفرت هذه الطريقة في استخدام مياه الري وتم إنتاج النباتات الطبيعية التي تحتاج إلى مناخ خاص في تربيتها.

التصميم والإنشاء

ينبغي للمستثمر قبل إنشاء البيوت المحمية دراسة جميع الجوانب المتصلة بالاستثمارات اللازمة وإجراء دراسة جدوى اقتصادية وتقنية تراعي التالي:

– الموقع: بحيث يكون بسعر مناسب تتوفر في منطقته الأيدي العاملة والمياه والأسواق ومصادر الطاقة والطرق ووسائل النقل.

– المناخ: يجب توفر بيانات عن درجات الحرارة والرطوبة وتقنيات التدفئة والإضاءة والتظليل والتبريد.

– طبيعة الأرض: ينبغي التعرف على تضاريس المنطقة التي ستقام عليها البيوت المحمية من حيث  وجود المرتفعات والمنخفضات والانحدارات ونوع التربة وعمقها ووجود طبقات غير منفذة بقطاعاتها وكفاءة الصرف بها ودرجة نفاذيتها للماء.

– الرياح: يجب التعرف على اتجاهات الرياح في المنطقة وتحديدها تحديدًا جيدًا بالنسبة للرياح السائدة وغير السائدة، وهذا يساعد على تفادي العواصف واتخاذ التدابير اللازمة في حينها داخل البيوت المحمية وخارجها وإنشاء مصدات للرياح والحد من انتقال الأتربة وذرات الرمل المتطايرة.

– الظل: اختيار مكان الموقع بحيث لا يتأثير بالظل ويستوعب قدرًا كبيرًا من أشعة الشمس لإحداث توازن ضوئي وحراري يساعد على نمو النباتات.

اقتصاديات الزراعة المحمية

يحقق المستثمرون من الزراعة  المحمية عائدًا اقتصاديًا جيدًا رغم ارتفاع تكلفة الإنتاج وترجع هذه الزيادة بالدرجة الأولى إلى فخامة رأس المال المستثمر في إنشاء الصوبات، بالإضافة إلى مصاريف تشغيلها وصيانتها. ويتوقف مقدار الزيادة في تكلفة الإنتاج والعائد الذي يمكن أن يتحقق من الزراعات المحمية على العوامل التالية:

– عدد الصوبات التي يتم تشغيلها في الوقت الواحد أي مساحة البيوت.

– حجم الصوبات المستخدمة.

– نوع الهيكل الذي تصنع منه الصوبات (الخشب – حديد- الألومنيوم- مواسير المياه المجلفنة).

– نوع الغطاء المستخدم (الزجاج – الألياف الزجاجية – رقائق البلاستيك).

– مدى توفر أجهزة التبريد والتدفئة والحاجة إليها.

– درجة التحكم الآلي في الأجهزة المختلفة بالصوبات.

– المحاصيل والأصناف المزروعة.

– موسم الإنتاج ومقدار المنافسة التي يتعرض لها المحصول المنتج من الزراعات المكشوفة.

– مدى الطلب على المحصول المنتج في الأسواق الخارجية للتصدير. ورغم كل هذه العوامل فإن الزراعات المحمية تكون ضرورة لاغنى عنها  في المناطق التالية:

– في المناطق الباردة:  يستفاد خلال فصل الشتاء  من التدفئة الصناعية بالبيوت المحمية في إنتاج الخضر في فترة يستحيل خلالها إنتاج الخضر في الزراعات المكشوفة.

– في المناطق شديدة الحرارة صيفًا مثل المملكة ودول الخليج حيث تستخدم البيوت المبردة في إنتاج بعض محاصيل الخضر التي يستحيل إنتاجها خلال نفس الفترة في الزراعات المكشوفة.

– المناطق المعتدلة: كمصر والدول ذات الظروف الجوية المشابهة فإنه يمكن الاستفادة من الإنتاج الرأسي العالي لوحدة المساحة من الزراعات المحمية في تحقيق عائد أكبر يزيد كثيرًا عما يمكن تحقيقه في الزراعات المكشوفة إذا ما أخذت العوامل السابقة في الاعتبار.

أنواع عديدة

ظهرت أنواع عديدة من البيوت المحمية منها:

– أولاً: من حيث التحكم في البيئة: فهناك بيوت محمية عادية لا تتوفر فيها أجهزة التبريد والتدفئة وبالتالي لا يمكن زراعتها خلال أشهر الصيف أو أشهر البرد القارس، وبيوت محمية مبردة وتتوفر أجهزة التبريد دون التدفئة وتتأثر الزراعة بها خلال المواسم الباردة جدًا، وبيوت محمية مكيفة ويتم فيها التحكم الكامل في البيئة من حرارة ورطوبة وأجهزة تعمل آليًا.

– ثانيًا: من حيث التركيب والتغطية: منها أنفاق بلاستيكية وهي أبسط أشكال البيوت المحمية وأقلها ارتفاعًا وكلفة وخدمة، وبيوت بلاستيكية عادية وهي أكثر ارتفاعًا من الأنفاق وتتوفر فيها إمكانات أفضل لخدمة المحاصيل من حرث وتعليق، وبيوت بلاستيكية مبردة أو كاملة التكييف وهي أكثر كلفة من البلاستيكية العادية أو أكثر كفاءة منها ويتم تغطية السقف بالبلاستيك والواجهات بالفيبرجلاس، وبيوت فيبرجلاس مبردة أو كاملة التكييف وهي أكثر كلفة من البلاستيكية المكيفة وأطول عمرًا وأقلها حاجة إلى الصيانة، وبيوت زجاجية مكيفة ويستخدم الزجاج في تغطية بعض مشاريع البيوت المتعددة المكيفة.

ثالثًا: من حيث أبعاد وحدتها: هناك بيوت محمية قياسية وتعتمد على المقاسات العالمية التقليدية التي تتراوح فيها المسافة بين الوسائد والمراوح من 36 – 40 مترًا، وأبعاد كل بيت مفرد أو وحدة مدمجة 5، 8، 9 أمتار في البيوت المبردة، و(9*56)مترًا في البيوت العادية وذلك لمراعاة الكفاءة في التبريد والمتانة.

– رابعًا: من حيث المساحة: هناك بيوت محمية مفردة وتتكون من وحدات منفصلة سواء كانت أنفاقًا أو عادية أو مكيفة، وبيوت محمية متعددة وتتكون من وحدات مدمجة مفتوحة فيما بينها من الداخل ويختلف عددها حسب المساحة الإجمالية المطلوبة وتكون هذه البيوت عادة مبردة أو كاملة التكييف وهي أكثر متانة ومقاومة ولكنها أيضًا أعلى كلفة.

المتطلبات البيئية

تهدف البيوت المحمية للتحكم في كافة العوامل البيئية الجوية والأرضية بغرض توفير الظروف المناسبة للنمو النباتي لتحقيق أكبر عائد ممكن من وحدة المساحة. وتشمل العوامل البيئية التالي:

– درجة الحرارة: ويجب أن تتناسب مع نوع وعمر النبات ويستخدم لذلك منظم الحرارة.

– التبريد: وهو ضروري لإنتاج الخضراوات وله طرق مثل التبريد بالرذاذ أو الضباب أو التبريد التبخري.

– التدفئة: وتتم بعدة طرق منها: التدفئة بأنبيب الماء الساخن وأنابيب البخار وتعتمد على تسخين الماء في غلايات ثم نقله إلى الأنابيب داخل البيت للتدفئة بالإشعاع وكذلك التدفئة بتيارات الهواء الدافئ ويتم ذلك باستخدام المدافئ الكهربائية وتنطلق منها الحرارة خلال أنابيب مشعة أو بواسطة المراوح. وهناك تدفئة بواسطة مدافئ الكيروسين لكن يعاب عليها انبعاث الغازات السامة، والتدفئة بأشعة الشمس وبمبدأ تخزين الحرارة نهاراً بواسطة تسخين الماء وحفظه في خزانات لإعادة استخدامه ليلا،ً وأخيرًا تستخدم التدفئة بالأشعة تحت الحمراء في رفع درجة حرارة النبات فقط.

– الإضاءة: تحتاج النباتات النامية داخل البيوت المحمية إلى توفير الطاقة الضوئية التي يمكن زيادتها أو إنقاصها وتزيد عن طريق الإضاءة الصناعية وتخفض عن طريق منع وصول الضوء إلى النبات.

– التهوية: تعد التهوية من أساسيات الإنتاج الأمثل،حيث تحقق الفوائد ومنها خفض درجة الحرارة داخل البيت مع خفض الرطوبة النسبية وتتم التهوية من خلال منافذ خاصة في الجدران والأسقف وتتم التهوية بنظام المنافذ والمراوح وبنظام الأنبوبة البلاستيكية.

عمليات زراعية

تتم العمليات الزراعية داخل البيوت المحمية بحيث تشمل:

إعداد الأرض، والري ويتم غالبًا بالتنقيط أو بالرذاذ أو التصبب، والتسميد بواسطة الأسمدة الذائبة في الماء، ومكافحة الآفات، والتربية والتعليم.

الزراعة

تتم الزراعة في البيوت المحمية بأنواعها المختلفة بالطرق التالية: زراعة مباشرة في التربة، وزراعة في بيئة زراعية، وزراعة مائية وهي أحد أنظمة الزراعة بدون تربة بحيث يوضع النبات في محلول مغذ.

أجهزة داخلية: هناك العديد من الأجهزة التي تساعد في رفع الكفاءة الإنتاجية داخل البيوت المحمية منها:

– أجهزة قياس رطوبة الهواء.

– أجهزة زيادة الرطوبة مع طلمبة مياه ذات ضغط عال.

– أجهزة تقدير الرطوبة الأرضية.

– أجهزة نظم الري والتحكم الذاتي في الري وجهاز توقيت الري وجهاز الخلط النسبي.

– أوعية مختلفة لنمو ومعاملات النبات ذات أحجام ومواصفات خاصة.

– ماكينة ملء الأصص، وجهاز قياس PH، ومولد بخار لتعقيم قناع مانع للغازات، ورشاشات مبيدات، وأخيرًا طاولة ومراقد. ومن التقنيات الحديثة داخل البيوت المحمية استخدام الحاسب الآلي والأجهزة ذات التحكم الآلي الدقيق (معالج البيانات في برمجة الاحتياجات البيئية للنباتات) داخل البيوت، كما يمكن استخدامها في بعض العمليات الزراعية مثل الري والتسميد والحصاد، ويمكن استخدام طرق الزراعة المائية التي تعد من التقنيات الحديثة في الإنتاج، هذا ويمكن القضاء على الآفات الزراعية بأسلوب المكافحة الحيوية وذلك باستخدام أعداء الآفات من الطبيعة.

نباتات محمية

تزرع مجموعة من النباتات داخل البيوت المحمية مثل الطماطم ـ الخيار – القثاء – الشمام – الفلفل – الباذنجان – الكوسة – الباميا – الفاصوليا، نبات الزينة مثل شتلات أشجار الزينة والحوليات والأبصال والورد البلدي. أما الفاكهة  فيتم زراعة شتلات الفاكهة وأشجار الغابات واللوز المر والحمضيات والفراولة.

د. عبد العظيم حسين

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم