عندما يبلغ المرء الأربعين من عمره، فهناك أعذار قد يلجأ إليها لتبرير زيادة وزنه، منها أنه بلغ من العمر مبلغًا ليس بالبسيط، ومن الطبيعي أن السمنة ستتغلب عليه.
قد يكون ذلك صحيحًا ولكن إلى حد ما. فحتى لو أنك جالس تقرأ كتابًا، فإن جسمك سوف يحرق السعرات، وهذا ما يسميه العلماء بمعدل التمثيل الغذائي عند الراحة (اسم على مسمى فعلاً)!
ومع تقادم العمر، يتباطأ معدل حرق الجسم للسعرات (التمثيل الغذائي). ويقدر العلماء أن سرعة حرق الغذاء ينخفض بمقدار 5% لكل عقد يعيشه من السنوات بعد سن الأربعين.
بمعنى آخر، إذا كان معدل تمثيل الجسم للغذاء في حدود 1200 سعرة يوميًا في سن الأربعين، فإن معدل الحرق سينزل إلى 1140 سعرة في سن الخمسين، وهكذا.
وحتى تحافظ على وزنك في سن الأربعين ولا يزداد، عليك أن تتناول من الطعام كمية تقل بمقدار 100 سعرة كل يوم.
وفقًا لـ«د. مادلين فيرنستروم» (Madelyn Fernstrom)، مديرة مركز الوزن بجامعة بيتسبيرغ (University of Pittsburg)، فإنه لا داعي أن تلوم نفسك، لأنها عملية طبيعية تحدث لجميع الناس دون استثناء.
لكن التمثيل الغذائي رغم ذلك، لا يمثل سوى جزء من مشكلة الوزن الزائد عند متوسطي العمر.
تشرح مادلين تقول: عندما نتقدم في العمر فإن حياتنا تصبح أكثر تعقيدًا وتزيد مسؤولياتنا. فهناك الأولاد، وهناك الوالدان اللذان كبرا في السن، وهناك وقت أقل متوفر لممارسة النشاط الرياضي، وهناك اهتمام (طبيعي) أقل بما نأكل. (وإذا توفر الطعام طوال الأسبوع وفي كل مكان علمنا أننا بصدد مشكلة عويصة في مقاومة الإغراء).
مشكلة العضلات
عودًا إلى التمثيل الغذائي، تقول باميلا بيك (Pamela Peeke)، الأستاذة بجامعة ماريلاند (University of Maryland) وهي متخصصة في التغذية والإرهاق النفسي بعد الأربعين، تقول إن التمثيل الغذائي (حرق السعرات) قائم على 3 عوامل هي:
– الأول، هو الطبيعة الوراثية للإنسان، وهذه لا يمكن تغييرها.
– الثانية، هي عمل الغدة الدرقية وهرموناتها، وهذه تختلف فيها النساء عن الرجال. فجسم المرأة أقل احتواء على النسيج الدرقي من الرجل، بواقع 1 إلى 10 على الأقل، من هنا فإن النساء قد تخسر حدتها في حرق السعرات خلال الأربعينيات بسبب مشاكل في هذا النظام الدرقي.
– العامل الثالث يؤثر على سرعة التمثيل الغذائي، فهو كتلة العضلات التي تتكون منها أجسامنا. فبعد سن الأربعين تتغير أنماط حياتنا سريعًا ونقضي ساعات أطول لا نتحرك. ومن المنطقي أنك إذا لم تستعمل شيئًا (العضلات في هذه الحالة) فسوف تذبل العضلات.
وتشير الأبحاث إلى أن المرأة بالمعدل تفقد عضلاتها بضعف السرعة التي يفقد بها الرجال عضلاتهم. وهذه تفرض على المرأة (أو أي شخص يفقد كتلته العضلية) الحفاظ على وزن سابق لأن العضلات أكثر نشاطًا (من الناحية التمثيلية) من الدهون.
لذلك ستجد النحفاء، وهم الأقل احتواء على الدهن، أسرع حرقًا للسعرات من الذين يحتوون على نسبة كبيرة من الدهن في أنسجتهم. وهنا نقول إن الأبحاث كشفت عن أن كتلة من الدهون وزنها حوالي (نصف. ك ج) تحرق ما بين 5 و10 سعرات في اليوم إذا مارست الرياضة.
أما كتلة من العضلات بنفس الوزن فتحرق ما بين 35 و50 سعرة. كذلك تذكر الأبحاث أن الرجل ما بين سن الثلاثين وسن الخمسين يفقد (2.5 إلى 5 ك ج) من كتلة عضلاته. والمرأة (بالقياس) تفقد مثل ذلك على أقل تقدير.
حتى حد معين
هذا التراكم لكتل الدهن وهذا الترهل في العضلات وهذه الزيادة في الأوزان تستمر مع السنوات، ولكن حتى وقت معين فقط. يقول د. ميشي يوكاوا (Michi Yukawa)، أستاذ طب كبار السن بجامعة واشنطن (University of Washington): إذا انتظرت حوالي 25 سنة إضافية (بعد الأربعين) فإن هذا التسارع في زيادة الوزن قد ينعكس ذاتيًا.
فالذي يحدث عادة، وليس دائمًا، أن هذه الخسارة للكتلة العضلية تحدث حتى سن الخامس والستين تقريبًا، ثم يحدث الانحدار الطبيعي في الوزن. حيث يبدأ الشخص حينئذ وصاعدًا في خسارة جزء من وزنه.
هذا يحدث لدى معظم الناس (وليس كلهم)، ويعتقد العلماء أن ذلك عائد إلى تغيرات هرمونية في أجسامهم تؤثر على عملية التمثيل الغذائي، أو أن الشخص في هذه السن لا يميل إلى تناول الطعام بعد أن فقد جزءًا من شهيته.
فهل ننتظر حتى السبعين؟
إذا تناولت في اليوم 100 سعرة زائدة (عن الحد المطلوب) فإن حوالي (4 ك ج) ستتراكم على جسمك خلال السنة. وهذا يحدث بكل سهولة عند من تعدى الأربعين.
ولكن تقول الخبيرة فيرستروم: حتى لو كان جسمنا بطبيعته مهيأ لأن يتباطأ نشاطًا وحرقًا للسعرات مع تقدم العمر، وحتى لو أن الظروف مهيأة بطبيعتها لأن يزداد وزنك، فإن ذلك لا يعني أن تستسلم أمام الأمر الواقع وتنتظر (سلبيًا) تراكم الوزن. وتنصح بشيئين مهمين:
· قيد من كمية السعرات التي تتناولها في اليوم، قياسًا بكمية الطعام التي كنت تتناولها سابقًا. فلم يعد هناك مكان كثير لسعرات إضافية.
· مارس الرياضة بانتظام، رياضة فيها بعض القوة والإجهاد والمقاومة، حتى تحرق سعراتك بسرعة أكبر وتبني عضلاتك.