الصحة والغذاء

مرض العصر.. القولون العصبي

يعد القولون العصبي أكثر أمراض الجهاز الهضمي انتشارًا؛ حيث يصيب ما يقرب من 20% من سكان العالم ما جعله يستحق عن جدارة لقب «مرض العصر» وترتفع نسبة الإصابة به بين النساء عن الرجال وذلك بنحو الضعف.

ولم تتوفر حتى الآن علاجات شافية من المرض، لكن الأطباء يقدمون للمرضى بعض التوجيهات والنصائح التي تتركز على الجانب الغذائي والرياضي والتي قد تساعد في الحد من أعراض القولون العصبي، فضلاً عن بعض الأدوية التي تخفف من هذه الأعراض.

ويمكن وصف القولون العصبي بأنه حالة من الألم أو الضيق بالبطن مصحوبة بشعور بالامتلاء والانتفاخ واضطرابات في عملية التبرز دون مرض عضوي واضح. والقولون العصبي في المفهوم الحديث هو جزء من اضطراب عام يشمل القناة الهضمية كلها من المريء إلى فتحة الشرج؛ حيث يختل الأداء في عضلات وأعصاب الجهاز الهضمي فيحدث اضطراب في حركة الأمعاء إما أن تزيد سرعتها فيحدث الإسهال وإما أن تقل حركتها فيحدث الإمساك والألم، وهذا الاختلال الوظيفي العصبي قد يعم فيشمل أجهزة أخرى كالمثانة أو المرارة أو الرحم.

نظريات عديدة

ولم يعرف حتى الآن أسباب فعلية للمرض برغم طرح العديد من النظريات في الأعوام الأخيرة التي تحاول تفسير أسباب ظهور المرض. تتحدث النظرية الأولى عن إصابة بعض الناس بالقولون العصبي بعد شفائهم من عدوى الأمعاء البكتيرية مثل الإصابة ببكتيريا السالمونيلا أو الكومبايلوبكتر التي تسبب التهابات النزلة المعوية. ولقد تأكدت هذه النظرية بعد مراقبة المرضى لسنوات عديدة وليس من المفهوم آلية تأثير الالتهاب على حدوث المرض حتى الآن. وترجع النظرية الثانية الإصابة بالقولون العصبي إلى حدوث اضطرابات وظيفية في الخلايا الحسية العصبية المركزية التي تصبح في غاية الحساسية لأي مؤثر خارجي ولو بسيط.

وتقول النظرية الثالثة إن الاضطرابات النفسية كالقلق والتوتر والضغوط النفسية قد تؤثر على الخلايا العصبية المغذية للأمعاء؛ فتحدث اضطرابًا وهياجًا للقولون. وهناك بعض الدلائل التي تؤيد هذه النظرية حيث تبين أن المرضى الذين يعانون من اكتئاب يوجد عندهم القولون العصبي بنسبة أكبر من الأشخاص الآخرين.

وتعتمد النظرية الرابعة على التحسس الغذائي أو حساسية الغذاء، وما زالت الأبحاث مستمرة لتحقيق هذه النظرية. لكن هناك عادات غذائية خاطئة متهمة بزيادة أعراض القولون العصبي منها: العجلة والسرعة في تناول الطعام دون مضغ جيد، وابتلاع كمية كبيرة من الهواء أثناء تناول الطعام والشراب، وتناول الخبز الأبيض بدلاً من الخبز الأسمر الغني بالردة المفيد في تنظيم حركة القولون، والإفراط في تناول المشروبات الغازية والمثلجات والشاي والقهوة والمكسرات والجاتوهات والنشويات عامة، وتناول الخضراوات التي استخدم في تسميدها مواد كيميائية تثير القولون. فضلاً عن كثرة المشاجرات والمنازعات أثناء تناول الطعام وعدم تنظيم مواعيد تناول الطعام. وهنالك بعض من أنواع الطعام التي قد تثير القولون، لكن لا تعتبر سببًا للمرض حتى الآن، كمنتجات الألبان والبقوليات وأنواع الملفوف والفجل والجرجير والكراث والبصل.

وصايا غذائية

ونظرًا لعدم وجود علاج قطعي لمرضى القولون العصبي فإن الخطوة الأولى هي التعرف على العوامل المحفزة ومحاولة التقليل منها على أن تكون خطة دائمة لحياة الفرد وليست حلاً مؤقتًا. وهذا قد يتطلب جهدًا ليس سهلاً على عاتق المريض لكن ثماره تكون جيدة في كثير من الأحيان.

وإليك عزيزي القارئ بعض التوجيهات التي تتركز على الجانب الغذائي، وقد تساعد في الحد من أعراض القولون العصبي:

– ينبغي أن نجعل للسعادة مقعدًا دائمًا على مائدة الطعام، ولا نسمح للتوتر والمشاحنات بدخول غرفة تناول الطعام.

– لا للعجلة فى تناول الطعام.. نعم للأكل بهدوء.. نعم للمضغ الجيد مع الاستراحة لبعض الوقت قبل وبعد الطعام.

– يجب علينا تنظيم مواعيد تناول الطعام على أن يكون بين كل وجبة ووجبة 4 ساعات على الأقل؛ فلا نقذف في المعدة أي طعام إلا إذا فرغت من هضم وتفريغ الطعام الموجود فيها.

– لا للوجبات الكبيرة الدسم.. نعم للوجبات الصغيرة المتعددة (4 – 5 وجبات).

– الاكثار من شرب السوائل لمن يشتكي من حالات الإمساك المزمن المصاحبة.

– ينبغى الإقلاع التام عن التدخين وعدم الإفراط في تناول المنبهات مثل الشاي والقهوة.

– نجتهد في استضافة رغيف الخبز الأسمر والردة على المائدة ونعلن مقاطعة الخبز الأبيض والسكريات والحلوى.

– الابتعاد عن كل الأطعمة التي تسبب استثارة القولون وتزيد من الانتفاخات والغازات مثل: الكرنب والفجل والجرجير واللوبيا والكرات والمقليات والمحمرات والمكسرات.

– قلل من النشويات (مثل الأرز والخبز والبطاطا)؛ لأنها تنتج كميات كبيرة من الغازات في الأمعاء اثناء عمليات الهضم.

–  ينبغي الإقلاع التام عن التدخين والتقليل من الدهون وعدم الإفراط في تناول المشروبات الغازية ومشروبات الكافيين (الشاي والقهوة) لأنها تزيد من هيجان القولون.

 – ممارسة الرياضة بقدر نصف ساعة ثلاث إلى أربع مرات في الأسبوع يساعد على تحفيز تقلص الأمعاء، ويقلل من الأعراض المصاحبة كما يحد من الشعور بالتوتر والاكتئاب.

وهناك بعض الأدوية التي يمكن استعمالها بدون وصفة طبية إلا أنه يجب عدم الإكثار منها أو الاعتماد عليها لما قد تسبب من مضاعفات جانبية، وهذه الأدوية منها مضادات الإسهال (لوبيراميد – بزموث) أما الألياف الطبيعية فتستعمل للتخلص من الامساك منها ولكن يجب أن يصاحب ذلك أخذ كميات كبيرة من الماء حتى لا تؤدي إلى الامساك وذلك لقوة امتصاصها للسوائل.

علمًا بأن استشارة الطبيب المختص أمر ضروري حتى يتم التأكد من التشخيص أولاً ومن ثم متابعة العلاج ببعض الأدوية الموصوفة من ملينات مالحة (Milk Of Magnesia) والمسهلات المنبهة (Dolcolax)، كما أن هناك بعض الأدوية مثل (الألوسيترون) وهو مضاد للمستقبلات العصبية حيث يزيد من استرخاء عضلات القولون ويمكن استعمال مضادات الاكتئاب مثل (Elavil، Prozac، Paxil) ولها فاعلية على المدى الطويل فهي لا تعطى إلا في الحالات المزمنة على أن تؤخذ بانتظام، وقد يستدعي الأمر الاستعانة بأحد الأطباء النفسيين في بعض الحالات المستعصية من القلق والاكتئاب.

أ.د حسن فكري منصور

استشاري التغذية العلاجية

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم