يحرص معظم سكان الأرجنتين على تناول اللحوم في غذائهم وتراهم يفضلون لحم البقر على سواه من اللحوم، حتى بلغ الأمر ببعضهم إلى تناوله في جميع وجباته. وبشكل عام تعتبر اللحوم طبقًا شعبيًا في الأرجنتين ومن أشهرها البوتشيرو والإمبانادا. وترجع شهرة الأرجنتين بهذه اللحوم إلى حقبة الاستعمار الإسباني الذي دام بها حوالي 300 سنة؛ فقد جاء المستوطنون الإسبان إلى الأرجنتين في القرن السادس عشر بحثًا عن الذهب والفضة وجلبوا معهم الأبقار والخيول والأغنام.
ولما لم تكن هذه الثروة المعدنية موجودة أصلاً في البلاد، فقد اهتم الإسبان بالزراعة مستغلين تربة سهول البامبا الخصبة وأجبروا كثيرًا من سكان البلاد الأصليين على العمل في زراعة الأرض وتربية المواشي وحياكة الصوف.
وتبعًا لذلك جاء الاهتمام بتربية الأبقار على نطاق واسع، حتى صارت الأرجنتين تصدر كميات هائلة من اللحوم إلى أوروبا منذ نهاية القرن التاسع عشر.
ونظرًا لقيمة الجلود الاقتصادية آنذاك، كان الناس يقومون منذ القدم بحملات لصيد الأبقار التي ترعى في السهول والأعشاب للاستفادة من جلودها، ثم يعدون لحومها لشيها في نفس مكان صيدها في الهواء الطلق، حتى صار ذلك تقليدًا لدى الأرجنتينيين اشتهروا به.
ومن خصائص اللحوم الأرجنتينية أنها تحتوي على نسبة قليلة من الكولسترول مما يجعلها مفيدة صحيًا، وربما كان للمراعي والسهول العشبية الطبيعية دور في جودة اللحوم، فهم يتركونها حرة طليقة ترعى وتتجول فيها، تأكل من أعشابها وتشرب من مياه أنهارها العذبة وتتناسل فيما بينها حتى بلغ عددها 50 مليون رأس أو يزيد.
وبداية من القرن التاسع عشر، أصبح بعض الأرجنتينيين المهجنين رعاة أبقار يطلق عليهم اسم الجاوشو. وكانوا يصطادون الأبقار الوحشية والخيول البرية في سهول البامبا. وبمرور الوقت صارت شخصية الجاوشو الرومانسية جزءًا من الفن الشعبي الأرجنتيني. ولكن نسبة قليلة منهم تعمل اليوم بشكل رئيس في المزارع.
وللجاوشو زي تقليدي مميز خاص بهم عبارة عن قبعة ذات حافة عريضة، ورداء في وسطه فتحة يسمى بونتشو، وسروال واسع يتم إدخاله في حذاء. وما زال راعي البقر في الأرجنتين رمزًا للأمة وقيمها.