الصحة والغذاء

كيف تكون حمية الكولسترول؟

فيما مضى، كان الأطباء ينصحون مرضى الكولسترول بالتركيز على اتباع نظام غذائي يؤدي إلى تخفيض وزن المريض ومن ثم تخفيض نسبة الكولسترول في دمه..

 لكن الحقيقة أن المريض لكي يحافظ على ما حققه من نقص في وزنه وتخفيض مستوى الكولسترول في جسمه، لا بد له من ممارسة تمارين رياضية تؤثر جذريا على الكولسترول الجيد ومستوى الدهون الثلاثية.

ويستطيع أي شخص التخلص من نسبة الكولسترول المرتفعة في جسمه بممارسة بعض التمارين الرياضية.. فعن طريقها يمكن إعادة تنظيم مستويات الكولسترول بالجسم وما يلي ذلك من تقليل احتمالات الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية. بينما يمكن الشفاء من دون استخدام أية أدوية، لكن في كل الحالات لا بد من التنسيق مع الطبيب.

بين الإيروبيك والأثقال

 ثبت أن كلاً من تمارين الإيروبيك المنوعة وتمارين رفع الأثقال المختلفة المتوسطة تفيد في علاج الكولسترول المرتفع.

فتمارين الإيروبيك مثل المشي أو السباحة والبايك والتنس الأرضي والإيروبيك الإيقاعي الجماعي بكل أنواعه أثبت بعض الأبحاث أنها تحسن الكولسترول بالإضافة إلى أنها تساعد في إحراقها للشحوم الثلاثية وغير ذلك من الفوائد المهمة، ومن بينها فعالية تمارين الإيروبيك في رفع مستوى الكولسترول الجيد.

وقد ثبت أيضًا أن رفع الأثقال  يفيد في تحسين شكل الجسم وزيادة قوته وتحسين عظامه أو التمثيل الغذائي لحرق دهون الجسم بشكل أكبر.. ظهر أيضًا أن هذه التمارين يمكن أن تغير من مستوى الكولسترول، وأن تمارين القوة تخفض من مستوى الكولسترول السيئ وتحسين من نسبة الكولسترول الجيد إلى الكولسترول الإجمالي بعد فترة 4 شهور تقريبًا، وذلك بممارسة التمارين لثلاثة مرات أسبوعيًا لمدة تتراوح بين 45 و 60 دقيقة وباستخدام أوزان متوسطة.

وبالنسبة للمريض المبتدئ فالأفضل له ممارسة الرياضة لمدة 20 دقيقة، ثم زيادتها من 45 حتى 60 دقيقة في مرحلة متقدمة. أما عدد أيام التمرين فتكون 4 مرات على الأقل أسبوعيًا للإيروبيك،  و3 مرات على الأقل أسبوعيًا لرفع الأثقال.

ويمكن تقسيم معدل التقدم التدريجي لمراحل التدريب إلى ثلاثة مراحل كالتالي:

– مرحلة تكيف أولى: وتتراوح من 4إلى 6 أسابيع.

– مرحلة التحسن: من 12 إلى 24 أسبوعًا.

– المرحلة النهائية: «الاستمرارية»، بمعنى ضرورة اتباعها مدى الحياة.

ويختلف معدل التقدم من شخص لآخر في التقدم بالتدريب الرياضي، حيث يشعر البعض بالتحسن سريعًا، بينما يستغرق بعضهم الآخر وقتًا أطول من تلك المدة، ويمكن القول إن المتدرب هو أفضل من يعرف قدراته الجسدية أثناء ممارسة برنامجه الرياضي ليحدد المدة المناسبة الخاصة به ومن ثم الانتقال إلى مراحل متقدمة.  

وتتطلب مدة الوقت لرؤية انخفاض نسبة الكولسترول المرتفع بالرياضة جرعة طويلة قليلاً وعلى فترات من التمارين الرياضية المنتظمة، خاصة إذا كان المريض من النوع قليل الحركة لفترة طويلة. وفي هذه الحالة يكون المريض بحاجة إلى القيام بتمارين مشي رياضي سريع منظم مسافة حوالي  8 إلى10 أميال كل أسبوع، وكلما زاد عدد الأميال التي يقطعها زادت إمكانية ارتفاع الكولسترول الجيد لديه.

 وأحيانًا قد يتأخر تحسن الكولسترول نتيجة القيام بتمارين الإيروبيك قريبا من  6 أشهر حتى لو كان المريض يؤدي التمارين من أربع إلى خمس مرات أسبوعيًا، لذا أعط نفسك وقتًا كافيًا ولا تتعجل، فالنتائج الطيبة لا شك سوف تحصل عليها.

لكن حوالي 50% من الذين يمارسون التمارين بانتظام ترتفع لديهم مستويات الكولسترول الجيد. بالإضافة إلى تغيير مستويات الشحوم الثلاثية لدى المريض وتخفيض ضغط الدم وتقوية العظام وتجنب تراكم الدهون في جسمه، خاصة حول البطن.

وفي حالة حدوث بطء في تحسن مستويات الكولسترول خلال الأسابيع القليلة الأولى من التمارين، فيجب أن يتجمل بالصبر، وبالتدريج سوف يشعر انه أفضل حالاً.

الوزن الزائد والكولسترول

تخفيض الوزن الزائد للمريض يعزز من تأثير التمارين على مستويات الكولسترول والشحوم الثلاثية. لأن تخفيض وزنه بمقدار يتراوح من 3 إلى 5 كيلو غرامات من الشحم يمكن أن يخفض مستوى الكولسترول السيئ ويرفع مستوى الجيد بشكل كبير.

وتساعد التمارين الرياضية على تحسين عملية التحويل الاستقلابي لشحوم الدم. وحتى لو استغرق الأمر بعض الوقت، فالمؤكد أن المريض سيكون على الطريق الصحي السليم.

أضف إلى ذلك، أن دمج التمارين الرياضية مع الحمية المحتوية على قليل من الدهون المشبعة والمناسبة، يؤدي إلى مضاعفة التأثير الخافض للكولسترول.

وقد أجرى باحثون تجارب على بعض المرضى كانت مستويات الكولسترول لديهم تتراوح بين 125 إلى 210 ملغ / ل، مارسوا فقط تمارين المشي السريع والهرولة لمسافة 10 أميال أسبوعيًا، فظهر أن الذين مارسوا هذه التمارين واتباع حمية مناسبة انخفضت لديهم مستويات الكولسترول السيئ بحوالي 11%.

أما في حالة ممارسة تمارين رياضية وحمية صحية بشكل منفرد، فإن ذلك يؤدي إلى تحسين مستويات الشحوم في الدم. لكن عندما تجتمع مع بعضها سوف تصبح فعالة لمعالجة مستويات الكولسترول المرتفع.

ولتعلم أن الكولسترول ليس من الدهون، وإنما مادة شمعية تصاحب الشحوم الثلاثية وتنتقل معها ومع الدهون الأخرى. كما أن الجسم البشري يقوم بصنع بعض الكولسترول لحاجته إليه، فبدونه يفقد الجسم هرموناته الجنسية وخلاياه سوف تتداعى.

إضافة إلى ذلك، فإن الكولسترول المرتفع يعد من المقومات الرئيسية التي تتركب منها الرواسب الدهنية التي تتشكل على جدران شرايين  الجسم مما يعيق تدفق الدم إلى القلب والدماغ والعضلات والأنسجة، وأن الكولسترول الذي يدور في الدم بالجسم هو مجموعة من الأنواع كالتالي: HDL، وVLDL، وLDL. وفي كل جسم يوجد الكولسترول الجيد والكولسترول السيئ. ويشكل الكولسترول السيئ الجزء الرئيسي والإجمالي من الكولسترول.

ولكن، كيف تحسن الرياضة المنظمة الكولسترول؟

وقد أظهرت بعض الأبحاث أن ممارسة الرياضة تؤدي إلى تغيير الخمائر التي تتحكم في مستوى شحوم الدم وهو نوع خميرة LPL التي تقوم بتفكيك الشحوم الثلاثية وترفع مستويات الكولسترول الجيد بكميات أكبر بين ممارسي تمارين الإيروبيك.

ويزداد تأثير هذه الخميرة «LPL»، بمجرد القيام بجلسة تمارين واحدة، كما يؤدي تخفيض شحوم الجسم إلى زيادة عملها. كما تعمل تمارين قدرة التحمل على رفع كميات الكولسترول الجيد. وهناك خمائر أخرى تعمل على تنظيف جدران الشرايين من الكولسترول، وهذه بدورها يزداد عددها لدى ممارسي الرياضة المنظمة.

تجربة عملية

برنامج رياضي استمر لمدة 12 أسبوعًا على مجموعة كبيرة من مرضى القلب، كان المرضى خلاله يتدربون لمدة ساعة واحدة لثلاث مرات أسبوعيًا. وقد تم قياس مستوى الكولسترول قبل البدء في ممارسة  البرنامج الرياضي وبعده. فاكتشف الباحثون التغيرات الآتية:

أدت التمارين الرياضية إلى إنقاص الوزن مما نتج عنه انخفاض جذري في مستوى الكولسترول الضار بنسبة 10 إلى 15%.

وقد قام الباحثون بعقد مقارنة بين شحوم الدم لدى أشخاص مارسوا تمارين الجري وبين أشخاص خاملين، وكانت النتيجة كالآتي:

– كانت مقادير الكولسترول الواقي  HDL  أكثر ارتفاعًا لدى ممارسي رياضة الهرولة ومستوى الشحوم لديهم منخفضة.

– انخفض مستوى الكولسترول الإجمالي عند ممارسة التمارين بمعدل وسطي مقداره   10 ملغ / دل، وهبطت الشحوم الثلاثية بمعدل وسطي  مقداره   16 ملغ / دل .

– انخفض الكولسترول السيئ  بمعدل كبير، وارتفع مستوى الكولسترول الجيد.

د. إسماعيل خليل عباس

استشاري اللياقة البدنية والسمنة

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم