إن المشكلة ليست في الغذاء الذي يخص أولادنا في المدارس، بأنه غير سليم ولكنها في الجهل بموضوع الغذاء الصحي بصفة عامة، فهو مشكلة كبيرة تتضرر منها الأسر كلها، إذ إن جميع أفراد الأسرة يأكلون الأكل الذي تقدمه ربة الأسرة، فإذا كانت ربة البيت لديها وعي صحي، كان غذاء الأسرة صحيًا، والعكس صحيح، وبالتالي يضر أسرتها وهي طبعًا لا تعلم بذلك.. فالوعي الصحي يحتاج لإعلام جيد لنشره، ويجب على المؤسسات التي لها علاقة مباشرة بالغذاء، والصحة، والأم، أن تأخذ على عاتقها أداء هذا الواجب، لأنه مطلب وطني لنسف الجهل الغذائي، والمروجين له والمتاجرين به.
يجب أن يكون الآباء على درجة كبيرة من المرونة، وعدم اتباع نظام صارم في إطعام الأطفال، حتى لا يصبح تناول الطعام بالنسبة للأم، وبالنسبة للطفل مشكلة، فيرتبط الأكل بانفعالات نفسية ضارة، وبكراهية سلطانهم، وضعف الثقة بالنفس.
– يجب أن يدرك الآباء أن البدانة ليست دليلاً على الصحة وأن التغذية السليمة هي التي تحتوي على الفيتامينات والأملاح والمعادن والدهون اللازمة للجسم بنسب معقولة، وإن ذلك لا يتأتى بإرغام الطفل على تناول أكبر قدر ممكن، بل يتحقق بالتغذية على أساس علمي سليم.
– يجب ألا يصر الآباء على أن يأكل الطفل أطعمة مشهورًا عنها أنها غنية بنوع من الأملاح أو الفيتامينات، كالسبانخ أو الجزر، إن كان الطفل يرفض أكلها، فالطفل سيحصل على الحديد الموجود في السبانخ، وعلى فيتامين (أ) الموجود في الجزر من أصناف الخضراوات الأخرى. فإن ترك الطفل على حريته مع إفهامه بطريق غير مباشر، أهمية أكل الخضراوات التي لا يأكلها، أمر ضروري، لأن إجباره على أكلها يزيد من كراهيته لها، ويؤدي به إلى ثورة نفسية مكتومة قد تؤدي به إلى مشكلة سلوكية غذائية، كالقيء أو التقزز من هذا النوع من الطعام كلما سمع عنه أو رآه.
– يجب ألا يقلق الآباء والأمهات من عدم تناول الطفل الكمية اللازمة له في إحدى الأكلات، بل حتى إذا أضرب عن تناول الكمية الكافية إلى الأكلة القادمة، ذلك لأن القلق يدفع الطفل إلى استعمال التغذية كوسيلة للسيطرة على البيئة ولاستدراك العطف وجعل نفسه مركز اهتمام الوالدين.
– يجب أن ندرك أن مناسبة تناول الطعام فرصة ملائمة ليتعلم الطفل خلالها الاعتماد على نفسه، والتعاون، ومساعدة الآخرين واحترام المواعيد.
– لا يصح إرغام الطفل على تناول الطعام وهو في حالة غضب أو ضيق، أو أي انفعال آخر، كما لا ينبغي أن نرغم الطفل قسرًا على ترك اللعب إذا كان مشتغلاً به مع أقرانه ليحضر لتناول الطعام فجأة، بل يجب أن نطلب إليه أن يحاول أن ينتهي من لعبه، أو يؤجله ويحضر لتناول طعامه لأن الطفل الذي يحضر لتناول طعامه قسرًا، أو وهو في حالة انفعال شديد نتيجة اللعب قد يجد نفسه فاقد الشهية للأكل.
– يجب أن نتأكد من أن سبب البطء في تناول الطعام ليس لوجود صعوبات في المضغ بسبب تآكل الأسنان أو تشويه بالفك، أو لشعور الطفل بالإجهاد، أو لأنه جائع، كما أنه كثيرًا ما يلجأ الأطفال إلى البطء في تناول الطعام لأنهم ينظرون إلى ذلك كنوع من اللعب.إن البطء في تناول الطعام يكون مشكلة سلوكية إذا كانت له صفة الاستمرارية، وإذا كان مصحوبًا بأحلام اليقظة وشرود الذهن أو الغضب وقت تناول الطعام، إلى غير ذلك من الانفعالات السلبية.
– يحسن استشارة الطفل بين الحين والآخر، وحبذا لو أمكن ذلك بصفة مستمرة، عن ألوان الطعام الذي يطبخ من يوم لآخر. إن إشراك الطفل في هذا القرار يجعله يتناول الطعام دون مقاومة أو اعتراض، ويجب طبعًا تنويع الطعام وتقديمه بطريقة شائقة وجذابة.
– يجب تفادي الآباء الإسراف في مد الأطفال بالحلويات والسكريات بين الأكلات الرئيسة، حتى لا يشعروا بعدم الرغبة في تناول الطعام، كما يجب أن يدركوا أنهم لو تركوا الأطفال لأنفسهم وحريتهم، فإنهم سيجوعون ويأكلون المقدار الضروري للصحة والنمو.
– عدم إثارة المشاكل حول تغذية الأطفال، ومساعدتهم على تناول طعامهم في جو هادئ يتسم بالشعور بالأمن والطمأنينة، أو الثقة بالنفس، فيتناول الأطفال طعامهم في شهية حسنة، مهما كان نوعه، ويتخلصون من العناء والضيق الذي يعانيه الكثيرون في حياتهم نتيجة عدم التكيف في الطفولة ومشاكل التغذية التي كانوا يعانونها في صغرهم. وليس الأمر مقصورًا على الأطفال الصغار فقط، وإنما يمتد ليصل إلى الجنين في بطن أمه، فإن الأم التي تكون حاملاً للمرة الأولى قد تسمع نصائح زميلاتها أو جيرانها، وقد يكون بعضهن ليس لديهن خبرة سابقة، ورغم ذلك تتلقى منهن النصائح، وقد تكون تلك النصائح خاطئة، فتؤثر بالتالي على صحتها وصحة جنينها. إذن لا يجب أن تخرج النصائح، ولا يستمع إليها، إلا من المتخصصين في المجال الصحي