تقع الغدة الدرقية أسفل الرقبة أمام القصبة الهوائية مباشرة، ولها ما يشبه الجناحين، وهو ما يجعلها تشبه الفراشة في شكلها، وهي تنتج وتخزن وتفرز نوعين من الهرمونات هما T3 &T4 يسيطران على معدل وطريقة أداء كل جزء من أجزاء الجسم. وكذلك يسيطران على عملية الأيض (بناء مادة البروتوبلازما اللازمة لتأمين الطاقة الضرورية للعمليات الضرورية في الجسم)، وعملية الأيض هي التي تحدد ما إذا كنت تشعر بالبرد أو بالدفء أو ما إذا كنت تشعر بالراحة أو بالتعب. وعندما تكون الغدة الدرقية في حالتها الطبيعية تسير عملية الأيض بصورة سليمة وبسرعة طبيعية.
والجدير بالذكر أن عمل الغدة الدرقية يقع تحت سيطرة غدة توجد في المخ تسمى الغدة النخامية، والأخيرة تفرز هرمونًا يسمى TSH هو الذى يحفز الغدة الدرقية على إنتاج هرموناتها، كما يحدد لها وقت وكمية الهرمون اللازمة للجسم.
وفي حالة نقص الهرمون الدرقي في الدم عن المعدل الطبيعي تصاب أجهزة الجسم المختلفة بالكسل والخمول، كما يحدث بطء في عملية الأيض (بناء البروتوبلازما). أما إذا زادت كمية الهرمون في الدم عن المعدل الطبيعي فيحدث العكس أي تزيد سرعة عملية الأيض عن المعدل المطلوب.
ولأن الغدة الدرقية هي الغدة الرئيسية في الجسم، وتسيطر على جميع وظائفه، فإن تعرضها للأمراض يؤثر سلبًا على الحالة الصحية العامة للمصاب.
لكن مشكلة اضطرابات الغدة الدرقية أنها شائعة وتتطور تدريجيًا، وقد تمضي سنوات قبل اكتشافها عند مراجعة الطبيب وإجراء التحليلات. والنساء أكثر عرضة للإصابة بها من الرجال بنسبة 8:1.
ويمكن اختبار كفاءة الغدة الدرقية ذاتيًا عن طريق مقياس للحرارة يستخدمه الإنسان عند الاستيقاظ من النوم، بوضع الميزان تحت الإبط لمدة 15 دقيقة، فإذا كانت القراءة أقل من (36.3م) فقد يكون مصابًا بقصور في إفراز هرمون الغدة الدرقية. تكرر هذه التجربة لمدة 3 أيام (باستثناء الأيام الأولى من الدورة الشهرية للمرأة)، فإذا كان متوسط القراءة منخفضًا يجب استشارة الطبيب.
الأعراض والتشخيص
من أسباب قصور الغدة الدرقية، ما يعرف بقصور الدرقية الضموري، وهو السبب الأكثر شيوعًا، وفيه يهاجم جهاز مناعة الجسم الغدة الدرقية ويدمرها. كما يتسبب نقص بعض العناصر الغذائية مثل اليود في تضخم الغدة الدرقية وحدوث الدراق، أو الإصابة بسرطان الغدة الدرقية، والتوتر الزائد وكثرة تناول المنبهات.
وتتمثل أعراض نقص هرمون الغدة الدرقية (الثيروكسين)، في زيادة الوزن والإحساس بالإرهاق والنعاس، وعدم تحمل الجو البارد مع برودة الأطراف، وتضخم الغدة الدرقية، إضافة إلى أعراض تصيب العضلات والأعصاب مثل الآم العضلات والجسم، وتصلب العضلات، وحشرجة الصوت، والاكتئاب والإصابة بالاضطرابات النفسية. ومنها أيضًا الإصابة بفقر الدم، وجفاف الجلد وتشققه، وجفاف الشعر، واحمرار الوجنتين، وسقوط الشعر، وانتفاخ الجلد وحفظ السوائل في الجسم.
كما تشمل الأعراض العقم، وزيادة إفراز اللبن، وزيادة كمية الطمث، والضعف الجنسي، إضافة إلى الإمساك، والمغص المعوي والغازات والانتفاخ، وقلة الاستفادة من العناصر الغذائية، وأخيرًا أعراض خاصة بالأطفال مثل بطء سرعة النمو وتوقف مظاهر البلوغ.
ولتشخيص أمراض هذه الغدة، يعتمد الطبيب في الأساس على الفحوص المعملية، لأن أعراض إصابة الغدة الدرقية تتشابه دائمًا مع أعراض العديد من الأمراض الأخرى. وفي بداية الفحص يقوم الطبيب بملاحظة الرقبة، لأن الغدة الدرقية تتحرك أثناء البلع مما يجعل من السهل ملاحظتها، ويفحص حالة الجلد والعينين كما قد يقوم بقياس الوزن ودرجة الحرارة. كما يجري الطبيب العديد من الاختبارات المعملية لمعرفة السبب الرئيسي للمشكلة. ومنها اختبار فحص الدم واختبار فحص الغدة الدرقية وكذلك اختبار الموجات فوق الصوتية.
ولاختبار فحص الغدة الدرقية، يشرب المريض كمية صغيرة من مادة صبغية تحتوي على اليود المشع ثم تقوم كاميرا خاصة بمراقبة أجزاء الغدة الدرقية، وإذا ظهر رشح لهذه المادة الصبغية في أي جزء من أجزاء الغدة يكون هذا الجزء هو المصاب. لكن لا يمكن إجراء مثل هذا الاختبار أثناء الحمل.
قصور الغدة الدرقية
تحدث الإصابة بهذا المرض عندما لا تعمل الغدة الدرقية بالكفاءة المطلوبة، أي أنها لا تستطيع إنتاج كميات الهرمون المطلوبة للمحافظة على اتزان عمليات الجسم الطبيعية.
ومن أهم أسبابه الأعراض المعروفة باسم التدرق، وهذا المرض يغير من شكل الغدة الدرقية مما يجعل الجهاز المناعي للجسم يهاجمها ويسعى لتدميرها، حيث يرسل الجهاز المناعي خلايا كرات الدم البيضاء للغدة الدرقية بهدف القضاء عليها، وفي هذه الحالة تفرز الغدة النخامية هرمون TSH الذي يحفز الغدة الدرقية على إفراز المزيد من الهرمون الدرقي ولوفاء هذا المطلب يزيد حجم الغدة الدرقية مما يؤدي إلى الإصابة بالمرض المعروف باسم تضخم الغدة الدرقية.
وهناك سبب آخر للإصابة بمرض القصور الدرقي وهو اتباع حمية غذائية خاصة لا يعطي الجسم كفايته من مادة أملاح اليود، فلكي يكون النظام الغذائي سليمًا يجب أن يحتوي على كمية كافية من أملاح اليود. ويجب أن نذكر أن هناك أطعمة تحتوي على كميات وفيرة من أملاح اليود مثل السبانخ والجمبري والمحار وكذلك جراد البحر.
وهناك ملاحظة جديرة بالتوقف عندها وهي أن الإفراط في تعاطي جرعات الأدوية المضادة لمرض قصور الغدة الدرقية قد يؤدي إلى مرض آخر يصيب نفس الغدة وهو مرض فرط التدرق بمعنى زيادة إفراز هرمون الغدة الدرقية عن المعدل المطلوب.
وتعتبر أعراض مرض قصور الغدة الدرقية بطيئة التطور، بمعنى أن الإنسان قد يصاب بالمرض ولا تظهر عليه هذه الأعراض وتظل كامنة لشهور وربما لسنوات.
ومن أعراضه الإحساس بالتعب والضعف، وزيادة الوزن، وفقدان الشهية، واضطراب مواعيد العادة الشهرية عند النساء، وفقدان الرغبة الجنسية، والإحساس بالبرد بصورة غير طبيعية، وآلام المفاصل، وظهور انتفاخات حول العين، وتقصف الأظافر، وتساقط الشعر.
وينبغي هنا أن نذكر أن بعض هذه الأعراض قد يظهر ويكون مرتبطًا بأمراض أخرى غير مرض القصور الدرقي، ويكون الفيصل في تشخيص مثل هذه الحالات هو الفحص المعملي.
ولأن مرض القصور الدرقي يحدث عندما تقل كميات الهرمون التي تفرزها الغدة، لذلك فمن الطبيعي أن تحتوي أدوية مرض القصور الدرقي على الهرمون الدرقي نفسه وذلك حتى يتم تعويض الجسم عن هذا النقص في الهرمون الطبيعي، ويتم إعطاء الجرعة بصورة متدرجة حتى يتم الوصول إلى معدل الهرمون الطبيعي في الدم، ويلاحظ أن معظم المرضى يكون لزامًا عليهم تعاطي الهرمون طوال حياتهم، ولذلك يتم فحص مستوى الهرمون في الدم بانتظام، وبناء على مستوى الهرمون يقوم الطبيب بتغيير الجرعة الدوائية من وقت لآخر.
فرط نشاط الغدة الدرقية
يحدث هذا المرض عندما تقوم الغدة الدرقية بإفراز كميات من الهرمون أكثر من تلك التي يحتاجها الجسم مما يؤدي إلى تسارع عمليات الجسم الحيوية وخروجها عن المعدل المطلوب.
وتعتبر النساء من سن 20 إلى سن 40 أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض، وفي حالة الإصابة يفرز جسم المريض كميات كبيرة من هرمون الغدة الدرقية، ومن الأعراض المتأخرة لهذا المرض اتساع العين وكذلك بروزها بصورة غير طبيعية.
وتعتبر الأدوية المحتوية على هرمون الغدة الدرقية التي يتعاطاها المريض أثناء العلاج من مرض القصور الدرقي هي واحدة من أهم أسباب مرض فرط التدرق. وهناك سبب آخر للمرض، حيث توجد عقد داخل الغدة الدرقية، وفي حالة اختلالها تنتج كميات كبيرة من الهرمون مما يؤدي إلى ظهور الأعراض.
ومن أكثر الأعراض انتشارًا هو التعب وفقدان الوزن والعصبية الزائدة وسرعة ضربات القلب وزيادة إفراز العرق والإحساس بالدفء بصورة غير طبيعية واختلال في مواعيد الدورة الشهرية بالنسبة للنساء وزيادة حركة الأمعاء وكذلك الإحساس بالرعشة.
ويعتمد علاج مرض الإفراط الدرقي في الأساس على خفض كمية الهرمون مما يؤدي إلى تحسن حالة المريض واختفاء الأعراض، وللأدوية المضادة للهرمون أثر فعال في تخفيض إفراز الجسم للهرمون. أما إذا لم تؤت هذه الأدوية ثمارها المرجوة فقد ينصح الطبيب بالعلاج باليود النشط إشعاعيًا مما يؤدي إلى تدمير الأجزاء المصابة في الغدة.
وفي حالات أخرى قد يضطر الطبيب إلى التدخل الجراحي، حيث يكون مبضع الطبيب هو الحل الأمثل والنهائي للتخلص من الأجزاء المصابة.
لينة عدنان أركوبي – أخصائية تغذية