شاع استعمال مركبات تضاف إلى الأغذية Food additivesأثناء تصنيعها يكون بعضها طبيعي في مصدره والكثير منها صناعي بهدف المحافظة أو زيادة قيمتها الغذائية أو تقليل ما تفقده من عناصرها الغذائية أو إطالة فترة حفظها وتخزينها أو تحسين مظهرها فتصبح أكثر جاذبية للمستهلكين أو تفيد كعامل مساعد في صناعتها أو في تقليل تكاليف إنتاجها على أن لا تغطي عيوباً في تصنيع الأغذية أو تنقص قيمتها الغذائية أو بهدف غش المستهلك كما في اللحوم المصنعة مثل المحفوظة في علب والمارتديلا والسجق والهمبرجر ,وأتاحت العلوم التطبيقية الحديثة إجراء تعديلات كثيرة في نكهة ومذاق ورائحة السلع الغذائية ومظهرها وتكاليف صناعتها عن طريق إضافة مواد كيماوية إليها واصطلح العلماء استعمال رموز ذات أرقام متعارف عليها دولياً على المواد المضافة بما فيها الأصباغ في الأغذية والأدوية ومستحضرات التجميل وهي أرقام تصاحب الحرف ي Eحتى يسهل على المستهلكين أينما وجدوا في العالم التعرف عليها مثل الأصباغ الصناعية التالية :ترتزازين .E 102 لونها برتقالي وأصفر غروب الشمس .E 110 وأمارانث E 123 ))
أغذية ملوثة بالألوان
وقد تسمح القوانين الغذائية في بعض دول العالم باستخدام أصباغ محددة بينما ترفضها أخرى وتصدر عن هيئات المواصفات والمقاييس في مختلف الدول قوائم بالأصباغ المصرح استعمالها في صناعة الأغذية والأدوية ومستحضرات التجميل والقيود المفروضة على بعضها والمقادير المصرح استعماله منها والجرعات القصوى التي يتحملها جسم الإنسان ،وفي عام 1973 سمحت القوانين الغذائية في المملكة المتحدة باستخدام 31 مادة ملونة في الأغذية بعد ثبوت عدم ضررها على حيوانات التجارب كان معظمها تخليقية(صناعية) أو أصباغ عضوية وبعضها الأخر طبيعي في مصدره مثل الكلوروفيل والكراميل والكاروتينات وأحمر جذور البنجر والزعفران والكركم .
ومنذ زمن بعيد شاع استخدام الإنسان للمواد الملونة وخاصة الطبيعي في مصدره منها في تحضير بعض أطباق طعامه ,وثار جدل علمي عن تأثيرات المركبات الملونة المحضرة من قطران الفحم الحجري على جسم الإنسان بعد امتصاصها في أمعائه وأيضها الغذائي ثم تخلص جسمه منها ,واكتشفت سمية بعضها مثل صبغة أصفر غروب الشمس sun set Yellowوصبغة أصفر أو.بي ب Yellow O Bوصبغة أمارنثAmaranth E 123 ) ) التي استعملت سنوات طويلة كمواد ملونة في صناعة الزبد الصناعي وبعض أنواع الجبن وغيرها قبل فرض الحظر على استخدامها في صناعة هذه الأغذية ,وتسبب بعض المواد الملونة الصناعية حدوث شرى في الجلد (ارتكاريا) خاصةً في الأطفال بعد تناولهم الحلوى المحتوية عليها و أحياناً ربو قصبي حاد نتيجة الحساسية الرئوية من مركب ترترازين والأصباغ الأخرى, ويفضل استخدام المواد المحسنة للنكهة الطبيعية في مصدرها على المركبات الصناعية منها .
وثار جدل علمي شديد بعد نشر تقارير علمية عن المشكلات الصحية التي يسببها استعمال مركبات ترترازين وهي من أصباغ مجموعة الآزو Azo ولونها أصفر وشاع استخدامها كمواد ملونة أصفر -برتقالي في المشروبات المحلاة بالسكر الغازية وغير الغازية ،وتسمح القوانين الغذائية في المملكة المتحدة والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وسواها باستخدامها في الصناعات الغذائية للإنسان, وهي تشمل على سبيل المثال :الصبغة F D &C yellow no.5 المستعملة في تحضير مشروبات البرتقال الصناعية وبعض أنواع المياه الغازية ومستحضرات الشوربة سريعة التحضير لإكسابها اللون المميز له وكذلك مخاليط الكيك والمعكرونة والجيلاتين والحلوى وبعض أنواع الجبن ,وتشترط إدارة الغذاء والدواء الأمريكية في الولايات المتحدة عند استعمال صبغة ترترازين كملون غذائي ذكر أسمها على عبوات الأغذية المستعملة في صناعتها ,وكتابة تحذير بأنها قد تسبب تفاعلات حساسية في بعض الأشخاص على شكل ربو قصبي أو أكزيما Eczema في الجسم أو التهاب غشاء الأنف أو حدوث وذمة دموية Angio-aortic oedema أو اضطراب في الرؤيا ,ويشتكي نحو 20 % من الأشخاص الحساسين من عقار الأسبرين (أسيتو حمض السالسليك )أيضاً الحساسية من وجود أصباغ ترترازين في طعامهم وشرابهم, ويحدث ذلك نتيجة تأثيرات كيماوية لهذه المركبات في أجسامهم أو ردود فعل حساسية لها عند اتحادها مع بعض المركبات كالبروتينات الموجودة في الأغذية ,كما تستخدم أصباغ أخرى من مجموعة الأزو في صناعة الأغذية مثل زانزين Xanthines و أريثروزين Erythosin وهي تسبب تغير في نفاذية غشاء الخلايا العصبية في حيوانات التجارب ,لذا يعتقد بعض العلماء أن يكون هذا التأثير مسئولاً عن حدوث اضطرابات سلوكية في الإنسان نتيجة تناوله الأغذية المحتوية على هذه الأصباغ.، وهناك اهتمام جديد متزايد في العالم نحو إعادة تقييم أخطار المواد الملونة الأغذية على صحة الإنسان وخلوها من المضاعفات الصحية واستبعاد ما يثبت ضرره منها ،ويشجع الكثيرون استعمال الأصباغ النباتية التي ثبت عدم ضررها في تلوين الأغذية والأدوية -فليس جميع الملونات الطبيعية غير ضارة بالصحة –
د.محي الدين لبنية