الصحة والغذاء

كبسولة الجمال والرشاقة

     إذا أردنا التمتع بالحيوية والنشاط والحصول على جلد نضر وعينين براقتين وشعر لامع وصحي وبشرة ناضرة وأظافر قوية وأسنان تشبه اللؤلؤة، علينا بالغذاء الصحي قليل الكمية، الذي لا يصيب بالتخمة أو السمنة، فالسمنة ما زالت تمثل شبح العصر المخيف الذي يسبب العديد من الأمراض القاتلة. لذا، فالأبحاث الجارية حول السمنة وأسبابها وأمراضها، لا تتوقف، فعشرات المراكز الطبية في العالم تواصل عملها حول هذه المشكلة، لكن اكتشافًا يتصل بهذا الميدان، سيفتح أوسع أبواب الأمل للخلاص منها، ويتمثل في العثور على الجين أو المورث المسؤول عن السمنة، مما يمثل خطوة كبيرة في الأبحاث الخاصة بالجذور الوراثية لهذه الظاهرة. وهذا الاكتشاف حققه فريق من جامعة روكفلر الأمريكية، بعد عثورهم على فصيلة نادرة من الفئران يزيد حجمها ثلاثة أضعاف عن حجم الفئران الأخرى، بينما يقل وزن أمخاخها كثيرًا عن أمخاخ أبناء عمومتها من الفئران الرشيقة.

     بداخل الشريط الوراثي لهذه الفئران السمينة تم اكتشاف المورث المسؤول عن السمنة، واستطاع العلماء تحديد موقعه بدقة، ويعتبر أول مورث تظهر آثاره الواضحة على الوزن الزائد لهذه الفئران، والأمر الذي يبعث على المزيد من الأمل، أن هذا المورث الذي أطلقوا عليه اسم ” أوبس” أي السمنة، له ما يماثله في الشريط الوراثي الكامن في خلايا البشر. ويقول العالم الأمريكي براد فورد لويل: إن هذا الاكتشاف يعتبر أكبر خطوة في ميدان أبحاث السمنة، مما يبشر بالأمل في علاج طبي لحالات السمنة المرضية التي يستحيل التغلب عليها الآن وما قد يصاحبها من احتمالات الإصابة بأمراض القلب أو السكري.

    والمورث المكتشف يقوم بوظيفة غريبة، إذ يدفع خلايا الجسم لإنتاج بروتين ضار، يطلق عليه أيضًا بروتين السمنة، يؤدي إلى الإسراف في تناول الطعام، ويحرم الجسم من عنصر حيوي هو الإحساس بالإشباع والتوقف عن الأكل، ويعتقد الفريق العلمي مكتشف المورث أن بروتين السمنة يؤثر في المخ، ويضعف قدرته على وقف ضحايا السمنة عن تناول الطعام، ويشوش أوامره بالتقليل من الغذاء.. والنتيجة الحتمية هي تراكم الدهون وظهور السمنة. والأمر لا يقف عند هذا الحد، فالبروتين الناتج عن هذا المورث يبطئ من عملية هضم الطعام وتحويله إلى طاقة تستهلك أولاً بأول، بما يسمح بتراكمه في صورة دهون، ويؤكد هذا الفريق على حقيقة مهمة وهي أن هذا المورث المكتشف، يقود خطى العلماء نحو بعض المورثات الأخرى التي توصف بأنها فرقة موسيقية تعمل بتناسق لإحداث هذا الخلل في الجسم، ويمكن وصفها بمورثات الشراهة التي تعود جذورها إلى قسوة الحياة، أو إلى عوامل نفسية غير سوية.

     لقد أصبحت السمنة مشكلة تؤرق الكثير من الأشخاص خاصة الذين لا تتاح لهم فرصة ممارسة الرياضة لإحراق الطاقة الإضافية التي تتحول في هذه الحالة إلى دهون مختزنة، فالجسم يستفيد من الطاقة السكرية في مرحلتين: الأولى عبارة عن طاقة تحليلية، وطاقة حارقة وهي التي تؤدي إلى احتراق السكريات ومعها كمية مساوية من الدهون مما يخلص الإنسان من السمنة. لذا، نجد أن الإنسان البدين يعتمد على المرحلة الأولى فقط (طاقة تحليلية) التي تكفيه لممارسة أعماله اليومية، هذه الحالة تؤدي إلى هياج هرمونات المعدة وإفراز أنزيمات خاصة تجعل الشخص يشعر بالجوع والحاجة إلى السكريات حتى لا يصاب بالإعياء والخمول.

     ولكي تكون المعدة في حالة استكانة دائمة لا بد من ضبط هرموناتها، حتى تتعود على الهدوء وبالتالي يستطيع الجسم أن يفقد الدهون المتراكمة دون الإحساس بألم الجوع المستمر، ولن يتأتى هذا إلا بتناول الغذاء الصحي و بكميات متوزانة، أما الأطعمة التي تمنح الجمال مع الرشاقة فهي، الزبادي الذي يعتبر من الأطعمة الغنية بفيتامينات أ، د، التي تفيد البشرة والشعر كثيرًا، والخبز يمد الجسم بالبروتين و الحديد والكالسيوم، وفيتامين ب والألياف، ويعد الكالسيوم مفيدًا لصحة الأسنان والأظافر والعظام وهو متوافر في منتجات الألبان مثل الجبن والقشدة، ولكن علينا تناول قطعة صغيرة يوميًا للحفاظ على الوزن الخفيف والرشيق.

     وتعتبر الموالح والجوافة من المصادر الرئيسية لفيتامين “ج” اللازم لجمال البشرة، وبما أن هذا الفيتامين لا يخزن في الجسم، فلا بد من تناول ثمرة من البرتقال أو الجريب فروت أو عصير الليمون يوميًا، أما البروتينات فتتوافر بكثرة في اللحوم والأسماك والبيض والبقول والجبن، وهي تبني الجسم وتمده بالطاقة، وعلينا أن نتناول قدرًا يسيرًا من السكريات لإمدادنا بالطاقة والدفء، ويجب مقاطعة كل العجائن المخبوزة، مثل: الكيك والبسكويت والحلويات والشوكولاته والآيس كريم، أو تناول قدر ضئيل منها للحفاظ على الرشاقة.

     أما الغذاء غير الصحي، فهو المليء بالدهون والنشويات وهو يسبب العديد من المشاكل كزيادة الوزن أو امتلاء البشرة بالبثور، كما يضر بالأسنان أيضًا، فلنحاول إعادة النظر في قائمة ما نتناوله من طعام بحيث تمدنا بالصحة المتوازنة التي تبعدنا عن الإصابة بشبح العصر المخيف “السمنة “وتحقق لنا الصحة والرشاقة والسعادة.

 أ. د. نبيل سليم علي

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم