من منطلق المثل الشائع خطأ ” أسأل مجرب و لا تسأل طبيب ” ، نجد البعض يقول : حتى لا تصاب بالكرش ، عليك الامتناع عن شرب الماء قدر الإمكان .. وكأطباء نقول ” شرب الماء بكثرة مفيد جدا و لا يسبب الكرش ” لذا يجب أن نغير المثل الشائع إلى : ” أسأل طبيب و لا تسأل مجرب ” أو ” أسأل مجرب و استشر الطبيب ” فهذا هو المنطق الصحيح ، فشرب الماء بكثرة لا يسبب الكرش ، وعندما يشرب الإنسان الماء أو السوائل فإنها تمتص فورا عن طريق الجهاز الهضمي ، وترتفع نسبة السوائل في الدم ، خاصة الماء الذي يشكل عنصرا مهما في التكوين الخلوي و البنائي للجسم ، وأن ما نشربه من ماء يخرج بنفس القدر من الجسم فيذهب جزء منه بلازما الدم ، وجزء للرئتين ، وجزء إلى البول ، وجزء إلى العرق و غيره ، ولا يتبقى منه شيء ليكون سببا في تكوين الكرش ، فالجسم يعيش في حالة توازن دقيقة بالنسبة لاتزان كميات السوائل داخل وخارج خلاياه ، وهو يعمل على فقد الزائد من السوائل عن طريق البول و العرق و النتح من الرئتين طبقا لأوامر هرمونية عصبية ، وطبقا للمعلومات المؤثرة مثل درجة حرارة الجسم و الجلد .. الخ .
وبالمناسبة ، فإن الكرش عبارة عن ترهل وضعف بعضلات جدار البطن تجعلها تبرز إلى الأمام تحت ضغط البطن و الأعضاء الداخلية بها ، ونتيجة تراكم الدهون داخل تجويف البطن ، وأفضل علاج للكرش يكون بممارسة التمرينات الرياضية ، لتقوية عضلات جدار البطن ، وأبسطها النوم على الظهر ثم ثني الجذع للأمام في وضع الجلوس و الساقين مفرودتين ، ثم تكرار ذلك التمرين مع ثني الركبتين ، ويتم التبادل بين التمرينين بشكل مستمر لمدة 10 دقائق يوميا .
ولابد من أبطال مقولة ” لا وقت للرياضة ” التي نسمعها كثيرا على لسان أصحاب الكروش ، فالحقيقة أنها مجرد حجة سببها الأساسي ” الكسل ” ، وليس ضيق الوقت ، فلو بحث الإنسان وقيَّمَ ساعات يومه سيجد أن بها الكثير من الفاقد بلا جدوى ، وفي الخارج نرى الجميع -من رئيس الدولة إلى الإنسان البسيط – يجد الوقت دائما لممارسة الرياضة ، ولو في أبسط صورها وهو ” المشي” ساعة أو نصف ساعة على الأقل يوميا ، ونراهم يمارسون الجري و المشي في الصباح قبل التوجه للعمل وقبل تناول الإفطار ، على الرغم من أن الطقس قد لا يكون ملائما في أحيان كثيرة ، فهم قد عرفوا أهمية النشاط البدني للصحة لعامة ، ولعلاج أمراض العصر مثل التوتر و الإرهاق العصبي ، هذا طبعا إلى جانب التخلص من السمنة و عيوب الجسم التي تظهر بعد سن معينة ، كارتخاء عضلات البطن وامتلائها بالدهون وأيضا زيادة الأرداف .
وإذا كنت تشعر بالملل من ممارسة رياضة المشي أو الجري بمفردك حاول أن يشاركك أحد الأصدقاء أو حتى زوجتك أو أبناؤك .. في هذه الحالة سيكون الالتزام أكبر و المتعة أيضا ، فتخصيص وقت مناسب يوميا يتوقف على ظروف كل شخص ، إلا أن فترة الصباح تكون أكثر ملاءمة للجميع قبل بداية اليوم و استهلاك الطاقة وقبل أن يحل الكسل محل النشاط .
الرياضة يمكن أيضا أن تمارس من خلال اليوم لتفادي كثير من المشاكل مثل الانزلاق الغضروفي وآلام الظهر و الساقين بسبب الجلوس لساعات طويلة خلف المكاتب ، فيمكنك أن تستخدم بدلا من الدرج بدلا من المصعد ، ويمكنك أن تترك مكتبك كل ساعة من أجل 10 دقائق مشي ، حتى لو كان هذا في طرقات نفس مكان العمل .. المهم هو ” الإرادة ” التي إذا توافرت ، أصبح المستحيل ممكنا جدا .
أ.د. نبيل سليم علي