أدت التفرقة العنصرية التي كانت سائدة في جنوب أفريقيا إلى انتشار مستحضرات التجميل و الكريمات التي تساعد على تبييض الجلد ، وكانت تلك الكريمات تحتوى على مادة الزئبق كعامل تبييض ، على الرغم من أن الزئبق يمكن أن يؤدي إلى تشويه الجلد بل إلى تدمير المخ ، ولذلك تم تحريم هذه الأنواع ، وقد لجأت معامل تحضير هذه المنتجات إلى استبدال مادة الزئبق بمادة الكينون المائي ، وفي نفس العام ظهرت النتائج المدمرة لمادة الكينون المائي أيضا ، فإذا كانت تلك المادة تبيض جلد الوجه في بادئ الأمر ، إلا أنها تؤدي إلى خشونته و تجعده فيما بعد ، بل و تنتج عنها نتوءات بغيضة يمكن أن تتطور إلى خراريج وتقرحات .
هذه الكريمات التي تقوم الشركات البريطانية بتصديرها إلى بلدان أفريقيا و الشرق الأوسط تؤدي إلى الإصابة بالسرطان و يمكن أن تؤدي أيضا إلى الإصابة بالعمى و تدمير المخ ، ولقد كان الفزع بيننا كأطباء تجميل كبيرا حينما علمنا– في الوقت الذي توجد سيطرة شديدة على بيع الكينون المائي وهو العامل النشط في هذا المنتج – أن هناك منتجات بريطانية الصنع مماثلة لهذه المادة تباع علنا في الصيدليات و محلات البقالة ، وأثبتت التحقيقات أن بعض هذه الكريمات القادمة من بريطانيا تحتوى على نسب عالية من مادة الكينون المائي أكبر من النسبة المسموح بها في الاتحاد الأوربي ، و أنه يكتب عليها ادعاءات باطلة ومضللة . فيقال إنها تعمل على حجز الشمس عن الجلد ، والواقع إنها تمنع الجلد من إنتاج مادة الميلانين المخصبة ، لذا فإن مادة الكينون المائي تصبح مدمرة عند تعرضها للشمس .
تقول شركات التجميل في مانشستر التي تُصنع ثلاثة من كريمات تبييض الجلد الشائعة ، وهي جاريبو وميكاكو و أميرا ، أنها ملتزمة تماما بقوانين الاتحاد الأوربي التي تسمح بوضع 2% فقط من مادة الكينون المائي في كريمات تبييض الجلد ، ولكن الاختبارات الكيميائية التي أجريت في مركز ضمان نوعية الأدوية في جامعة بوتشيفسروم بجنوب أفريقيا حذرت من خطورة تلك الكريمات على الرغم من أن كريم ميكاكاو هو الوحيد الذي يحتوي على المستوى المسموح به من مادة الكينون المائي وهي 2% ، بينما الكريمين أميرا و جاربيو ، يحتويان على ضعف هذه الكمية .
وتدعي هذه الشركات أيضا أن كريمات تبييض الوجه تحتوي على مادة الإنتوان التي تحجز الشمس عن الجلد ، والواقع أن مادة الإنتوان هي عامل مهدئ يستخدم بصورة شائعة في مستحضرات التجميل ، لكنه لا يحتوي على خاصية حجب الشمس عن الجلد ، وهناك منتج رابع وهو كريم ريكو للبشرة تصنعه شركة ريكو للعناية بالجلد في إيجهام شوري ، وهو يحتوي على أكثر من الكمية المسموح بها من مادة الكينون المائي .
ورغم كل هذه المخاطر ، إلا أننا لا يمكن أن تصور – بالنسبة للنساء -الاستغناء عن مواد التجميل أو الإكسسوارات ، رغم ما تحمله لنا من مضار قد لا نعرفها ، فهناك الكثير من هذه المواد تعتمد في تركيبها عل أكاسيد و مركبات المعادن السامة ، وكذلك على مواد عضوية مخلقة من مشتقات النفط ، مما يتسبب عنه إصابة الجفون بأمراض الحساسية ، كما تزيد من تركيز المعادن الثقيلة السامة بالجسم ، نتيجة الامتصاص لهذه المركبات الضارة من خلال طبقة الجلد ومسامه ، ونصيحتنا أنه يجب مراعاة بعض المؤشرات العامة لتجنب أية أضرار :
– يجب مراعاة عدم استخدام المواد الكيميائية ، سواء في عمل الوشم أو الحناء أو صبغات الشعر ، ، وتفضل المواد الطبيعية مثل تلك التي كانت تستخدمها الجدات ، و التضحية بثبات اللون لفترات طويلة في مقابل عدم التعرض لمواد سامة أومسرطنة ، لأن بعض المواد الكيميائية السامة تضاف كمواد مثبتة للصبغات المستخدمة في عمل الوشم أو الرسم على الجلد لكي تدوم لأوقات طويلة ، إلا أن هذه المواد من الخطورة بحيث يسبب استخدمها أعراضا مرضية تكون في بعض الأحيان مبهمة و يصعب تشخيصها .
– عند استخدام الإكسسوارات مثل الأقراط ( الحِلْقَان ) و الغوا يش و القلادات المصنوعة من المعادن المقلدة للذهب أو الفضة خاصة المطلية بعنصري الكادميوم أو النيكل أو الكروميوم ، لإعطائها لون الفضة أو الذهب ، يجب وضع ضاغط من البلاستيك على ضاغط القرط من الخلف حتى لا يُمتص المعدن من خلال الجلد بفعل العرق فيرتفع تركيز هذه المعادن السامة في الجسم ، كما يجب مراعاة وضع القلادات على قماش الفستان أو السترة ، وتجنب ملامستها للجلد أو وضعها مباشرة عليه ، أما في حالة المعادن مثل الذهب و البلاتين و الذهب الأبيض فإن تأثير العرق أو الإفرازات الجلدية على هذه المعادن ضئيل جدا حيث لا يتغير لونها بطول الاستخدام فهي ذات نشاط كيماوي ضئيل .
- التأكد من أن المواد المستخدمة في التجميل من أصل طبيعي وبها أقل كمية ممكنة من المواد الكيميائية المخلقة ، فكل ما جاء في الطبيعة من مواد ملونة وصبغات غير مضر بالصحة .
- في حالة حدوث بعض التهيجات الجلدية وظهور حبوب على جلد الوجه نتيجة استخدام مادة تجميلية جديدة ، يجب استشارة الطبيب والامتناع مباشرة عن استخدام هذه المادة .
- استخدام أقنعة ( ماسكات ) الوجه المعتمدة في تحضيرها على مواد طبيعية مثل الزبادي و الخضراوات وعسل النحل ، أفضل بكثير من استخدام المواد الكيماوية في إزالة بقع وبثور الجلد على الوجه وفي الأجزاء الظاهرة من اليدين .
- هناك طرق عديدة كيميائية لإزالة الشعر ، إلا أنه يُستحب دائما استخدام الطرق الطبيعية التقليدية لما لها من فوائد جمة في تنظيف الجلد من جذوره مما يطيل الفترة التي ينمو فيها الشعر مرة أخرى ، كما يجب تجنب تكرار إزالة الشعر بالطرق الحديثة ( مثل أشعة الليزر ) حتى لا يتعرض الجلد للأشعة مرات متكررة ، فقد ينشأ عن ذلك أعراض مرضية قد لا يمكن التعرف على أسبابها أو تشخيص علاجها .
أ.د. نبيل سليم علي