أسوأ ما يصيب الإنسان بالكآبة وربما عدم الرضا ، هو أن يكون به عيبا في شكل عينيه أو جفونه ، وكثيرا ماكان يصادفني مريضا يشكو من أن العيب الذي تحمله عينيه ، يجعل البعض يخشون التعامل معه ، و الحق أن العيوب الخلقية سواء في الجفون أو الجهاز الدمعي و التجويف العظمي للعين تعد من الحالات التي تحتاج لتدخل جراحي من أجل إصلاحها كشق أساسي للتجميل و العلاج ، وجراحات تحسين العين تنقسم إلى قسمين : وظيفية ، والأخرى تجميلية ، أما الوظيفية فتشمل جراحات إصلاح الجفون ، وانسداد القناة الدمعية ، واستئصال أورام العين ، أما التجميلية فتشمل جراحات التجميل الشكلي التي تتم لتحسين شكل العين و الوجه دون تأثير مباشر في وظيفة العين ، وقد تؤدي هذه الجراحات بطريقة غير مباشرة لتحسين وظيفة العين أيضا عن طريق إزالة الترهلات حولها فيساعد ذلك على تحسين مجال الإبصار .
من بين الأمراض التي تحتاج التدخل الجراحي لإصلاحها : ارتخاء الجفون ، وتحدث في غالبا في الأطفال نتيجة بعض العيوب الخلقية ، ونسبة حدوثها حوالي 3% ، أما بالنسبة لكبار السن فتحدث نتيجة التعرض للحوادث ، ومن الضروري فحص هؤلاء المرضى لتحديد نوع العلاج . الحالات التي تحتاج لجراحات خاصة في الأطفال ، فهي ارتخاء الجفن الشديد إذا كان يغطي مجال الإبصار تماما الذي يحتاج لجراحة في مرحلة مبكرة ، ومن الأفضل إجراؤها قبل مرور 6 أشهر من عمر الطفل ، أيضا أمراض انقلاب الجفون ، فهي تتطلب الإصلاح و التكميل من أجل التجميل الجراحي ، حيث تنقلب حافة الجفن إلى الداخل ، ويصحب ذلك حدوث احتكاك شديد بين الرموش و القرنية نتيجة الإصابة بأمراض مثل التراكوما التي تصيب حوالي 80% من المرضى ، ما يؤدي إلى حدوث قرحة بالقرنية و عتامات شديدة عليها ، ويعد ذلك من أشهر أسباب العمى في وطننا العربي طبقا لتصنيف منظمة الصحة العالمية . والعلاج الأفضل لمثل هذه الحالات هو إجراء جراحة لاستعدال انقلاب الجفون لمنع حدوث المشكلة .
ومن بين الأمراض التي تحتاج إلى تدخل جراحي ، مرض ترهل الجفون وانتفاخها في أحد الجفنين ، وقد يحدث ذلك منفردا أو كجزء من مرض آخر مثل أمراض الغدة الدرقية ، وهو مرض يصيب كبار السن ، ولوحظ في الفترة الأخيرة حدوثه في السن الصغيرة نتيجة لعوامل بيئية ووراثية ، مما يكون له أثره على نظر المريض فيعوق الإبصار خاصة في مجال الرؤية الجانبية ، ويتم إصلاحه بشد الجفون وإزالة جزء من الدهون المتراكمة ، وإعادة توزيع الجزء الباقي حول العين لمنع حدوث سقوط العين للخلف -كما كان يحدث في الجراحات الأخرى فيؤدي إلى تغيير شكل العين – إلا أنه بهذه الطريقة يكون الشكل طبيعيا تماما بعد الجراحة .
أما بالنسبة لأمراض الجهاز الدمعي التي منها انسداد القناة الدمعية ، وهو مرض شائع الحدوث يصيب الأطفال حديثي الولادة بنسبة 10% منهم ، أو قد يحدث أيضا في كبار السن ، وتكون أعراضه نزول دموع مستمرة وغالبا ما يكون ذلك في عين واحدة فقط ، فتؤدي لالتهابات شديدة في الكيس المعي وارتجاع صديدي للعين ، أما العلاج بالنسبة للأطفال فيتم بطريقتين ، الأولى : العلاج التحفظي بالكي الدمعي تحت إشراف طبيب متخصص ، ثم يأتي بعد ذلك دور عملية التسليك وقد تعطي نتائج جيدة في الأطفال ، أما الثانية : فهو دور الجراحة في الأطفال فوق أربع سنوات ويعطي نتائج شفاء تصل إلى 97% ، أما في الكبار فإن الحل الجراحي هو أفضل الحلول ، لأن عمليات التسليك لا تعطي نتائج جيدة ، لكن العلاج يكون عن طريق جراحة توصيل الكيس الدمعي بتجويف الأنف ، سواء بالجراحة أو المناظير أو الليزر .
وفي حالة الأورام التي تصيب العين أو الأنسجة المحيطة بها فإن الكثير منها تكون خبيثة وتسبب مشكلات كثيرة إذا لم يتم علاجها بالطريقة الصحيحة ، فهي تصيب حديثي الولادة مثل أورام الشبكية الوراثي الخبيث ، كما تصيب الكبار في الجفون أو الغدة الدمعية أو خلف العين ، وكذلك في أورام الأوعية الدموية للعين ، ويؤدي ذلك إلى جحوظ العين ، وقد تحدث في العين نفسها ، وعلاج هذه الحالات يجب أن يتم بواسطة فريق عمل مكون من جراح تجميل العيون وطبيب الأورام و طبيب العلاج بالإشعاع ، وبعد استئصال الورم و التأكد من نوعه يأتي دور جراح تجميل العيون لإعادة شكل ووضع العين ، ثم يأتي دور العلاج بالإشعاع أو العلاج الكيماوي ، وذلك في حالات الأورام الخبيثة ، وفي بعض الحالات يتم استئصال محتويات التجويف العظمي للعين ، وذلك في حالات الأورام الشديدة ، ومرة أخرى يأتي دور جراحة التجميل في زراعة العيون الصناعية المتحركة لتحسين منظر العين وما حولها ، ويعد هذا النوع الجراحي من الجراحات الكبرى .
ومن بين الأمراض التي يتم علاجها بجراحة التجميل أيضا : العيوب و التشوهات الخلقية للعين ، وفي كثير من الحالات تكون الوراثة وزواج الأقارب وراء حدوث الإصابة بهذه الأمراض مثل : ضيق فتحة ما بين الجفون أو حدوث نقص أو عدم تكوين أحد الجفون وما يصاحبه من أثر مباشر على الرؤية وتعرض العين للإصابة بالجفاف أو فقدان الإبصار ، والعلاج هنا يستلزم إجراء جراحة لتوسيع فتحة العين في الحالات الأولى أو إعادة تكوين الجفون عن طريق الترقيع أو تحريك الأنسجة المحيطة بالعين في حالات نقص تكوينها .
أ.د. نبيل سليم علي