تزعم المؤسسات التي تطلق على نفسها (جمعيات الرفق بالحيوان) أن الطريقة الإسلامية في الذبح تؤلم الحيوان، بينما تتجاهل هذه المؤسسات أساليب شديدة الإيلام يستخدمها أصحاب الحضارة الغربية عند قتل الحيوانات، ويدعون – زورًا وبهتانا – أنها أكثر رحمة بها.
الكاتب الصحفي محمد سعيد مولوي، زار عددًا من الدول الأوربية بينها فرنسا وسويسرا واليونان، وكتب مقالاً شاملاً حول مشاهداته في هذه الدول، والأساليب البشعة التي يتم اتباعها في قتل الحيوانات في تلك البلاد، وفي السطور التالية، نترككم تستمتعون بأسلوبه الشيق. يقول:
كنت في مرحلة الشباب كثير الأسفار، مولعًا بالرحلات، وكان مما رأيت في فرنسا كيف يقتل البقر، إذ يجعل بعضه خلف بعض على سير كهربائي، ويدخل بين حاجزين حديديين حتى إذا وصلت البقرة إلى آخر الحاجز كان في انتظارها رجل يمسك مطرقة كالمحفار، وبكل قوته يهوي الرجل بالمحفار على جبين البقرة فيفتح فيه ثغرة كبيرة، وتقع البقرة على الأرض وهي تتخبط من الألم ويسحبها السير ليحل بدلاً عنها بقرة أخرى..
ولا أخفي أن الناظر لهذه المجزرة يحس بالشفقة على هذه الحيوانات، ويقول في نفسه: أين هذه الوحشية من وصية الرسول عليه الصلاة والسلام بأن يحد الذابح شفرته ويريح ذبيحته، ولا يذبح ذبيحة أمام أخواتها.
ولو سألت هؤلاء المتحضرين عن سبب عملهم هذا لسمعت أجوبة عجبًا منها أن الذبح يؤلم الحيوان، وهي حجة غير صحيحة حيث إن استعمال الوقذ يزيد عذاب الحيوان، أما الذبح فيقطع العلاقة بين الجسم ومناطق الإحساس فلا يحس الحيوان بالألم.
ويحتجون أن هذه الطريقة في الوقذ تحفظ الدم في جسم الحيوان فيكون ذلك أطيب في المأكل، رغم أن البحوث الطبية أثبتت أن وجود الدم في جسم الحيوان مدعاة لسرعة فساد اللحم.
أما الدجاج فيصعق بالكهرباء ويبقى يختلج زمنًا حتى يموت، كما رأيت في أثينا. وقد احتج بعض المستوردين للدجاج ممن لا يزال فيهم بقية خوف من الله واشترطوا أن يتم الذبح حسب الشريعة الإسلامية، فعمد أصحاب المعامل إلى صعق الدجاج كهربائيًا بما لا يؤدي إلى الوفاة وتنقل على سير كهربائي معلقة من أرجلها حتى تصل إلى شخص واقف إلى جانب السير وبيده شفرة حادة يمر بها على رقبة الدجاجة، ولكن المشكلة أن من أمسك بيده الشفرة قد لا يدرك الدجاجة ويسبقه السير بها فتبقى الدجاجة حية لتموت عند نتف ريشها.
وقد طلب من مصدري الدجاج ضرورة ذكر اسم الله على الذبيحة، فأهملها بعضهم، ووضع بعضهم الآخر تسجيلاً فيه كلمة الله أكبر، لكن العجيب أنه ليس هناك دائمًا توافق بين اللفظ والذبح.
أما الأرانب، فقد رأيتها في أثينا ميتة معلقة سالمة إلا من جرح بسيط قرب الخصيتين قطعت من خلاله عروق أدت للوفاة البطيئة.
يعاقبون على الذبح
والآن تعالوا معي إلى جينيف بسويسرا التي يطلق عليها بلد الحضارة والمدنية والصحة. فلقد نصت القوانين فيها على معاقبة من يذبح الحيوان، ونصت على سحب الجنسية ممن نالها إذا ذبح حيوانًا، وتركت الحيوان للصعق الكهربائي وووو…إلخ.
ولما كان لليهود طقوس خاصة في الذبح ولا يأكلون حيوانًا غير مذبوح، وما لم يذبح بيد يهودية، فإنهم كانوا يركبون القطار من جنيف إلى مدينة إيفيان في الأراضي الفرنسية قرب الحدود ويقدمون سكاكينهم للحاخام حتى يباركها ثم يذبحون ذبائحهم مساء الجمعة، ثم يحملون هذه الذبائح إلى سويسرا.
ولعل سائلا يسأل: وماذا عن لحم الخروف؟…
في الحقيقة لم تسنح لي الفرصة بالاطلاع على طرق ذبح الخروف، وإن كان يجول في خاطري أن الأمر لن يخرج عن الدائرة المحيطة في معاملة بقية الحيوانات.
ومع ذلك استقصيت من أهل الخبرة علامات ذبح الخروف، فالسفر تقتضي ضروراته معرفة ذلك، فضلاً عن أن بعض البلاد الإسلامية تستورد الخراف من بلاد أخرى وأكثرها غير مسلم.
صحيح إنني أعرف اللحم من منظره، ولكن المشكلة أن كثيرًا من مصدري لحم الخروف كما ذكر لي يستعملون ما يشبه المقصلة وأن الخروف يقطع رأسه من قفاه نحو الحلق، وبالطبع فإن هذا الذبح لا يجوز أكله لأن الذبح في الإسلام يخالف ما يصنعون.
فالإسلام يشترط قطع الأوداج وإراقة الدم الذي يؤدي لوفاة الذبيحة، بينما قطع الرقبة من الخلف تحصل فيه الوفاة بتخريب الأعصاب والنخاع الشوكي وتتم فيه الوفاة قبل حصول الوفاة بالذبح، وهو ما يسمى بموت المتردية.
ومن المؤسف أن بعض المسلمين وبفعل الجهالة يفعل ذلك، وقد رأيت ذلك بأم عيني.
فبعد أن يمر الذابح بسكينه على رقبة الخروف يعمد إلى الإمساك برأس الخروف وكسر رقبته بحجة الإسراع في موت الخروف.
وقد أفادني أهل الخبرة أن رقبة الخروف إذا كانت مقطوعة بشكل مستقيم فمعنى هذا أن الخروف قد قتل بواسطة المقصلة. أما إذا كانت الفقرة الأخيرة من الرقبة سليمة ومقعرة، فهذا معناه أن الخروف قد ذبح وأن الرقبة قد فصلت بواسطة السكين.
لحوم المطاعم الأوروبية
لقد سألت نفسي مرارًا: ما حكم اللحم الذي تقدمه المطاعم في أوروبا، ولا سيما في البلدان التي رأيتها تقذ الحيوان؟
بالطبع لم يغب عني قوله تعالى: (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم) وهذا النص عام، لكن في السورة نفسها ورد نص مخصص وهو: (حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم).
فقد نصت الآية أن الموقوذة حرام ومثلها المتردية التي تضرب بالفأس على رأسها أو التي تسقط من مكان عال فتندق رقبتها.
ولقد فكرت وسألت دون أن أجد طمأنينة في نفسي في أكل لحم هذه الحيوانات كما هي في أوروبا دون أن أسأل، لأني شاهدت بعيني كثيرًا مما ذكرت أو حدثني به أهل الخبرة والاختصاص ووجدت أن من ترك الشبهات فقد استبرأ لدينه، ولا سيما أن بعض المطاعم تقدم لحم الخنزير على أنه لحم خروف، وهذا الأمر نجده عند بعض شركات الطيران.
ولقد عملت مشاهداتي ومسموعاتي على أن قررت ألا آكل لحمًا مطلقًا في البلاد التي لا تذبح، إلى أن وجدت محلات تعنى بالذبح وتكتب أن لحمها حلال ورأيت في السمك مندوحة، وأن في البيض والخضار غنى، ولكني سائح قد أقيم أسبوعًا أو شهرًا ثم أرحل.
إذن ما حكم المقيم؟
قد نقول إن الشراء من الجزارين المسلمين الذين يعلنون أن لحمهم مذبوح وحلال أو الجزارين اليهود فرج ومعين.
ولكن ماذا لو لم يكن هناك جزار مسلم أو يهودي؟
ومع أني أستبعد ذلك فلعل بعض أهل العلم يفتينا، ولا سيما في هذه الأطعمة المعلبة التي تأتي من تلك البلاد، فإن بعض تلك البلاد قد تعمد إلى الغش والتدليس، كما حدثني أحد الأصدقاء أنه صدر سمك إلى بعض البلاد الإسلامية قد كتب على علبه (مذبوح على الطريقة الإسلامية). علمًا أن أكثر هذه المعلبات تكون خالية من الإشارة إلى أنها ذبحت على الطريقة الإسلامية.