الصحة والغذاء

هذا ما أثبته العلم: مكسرات للتخسيس ولعلاج السرطان والقلب

أ. د. محمد صالح محمد

ربما يشهد القرن الحالي تغيرات جذرية في بعض المفاهيم الغذائية السائدة، منها تبرئة المكسرات من إلحاق الضرر بمرضى القلب، أو أنها سبب في زيادة الوزن وذلك حسب ما نشرته المجلة البريطانية الطبية.

ووجد الباحثون أن السيدات اللاتي تناولن ۳۰ جرامًا من المكسرات بمعدل خمس مرات أسبوعيًا أو أكثر تقل بينهم نسبة الإصابة بأمراض القلب عن اللاتي لم يتناولنها أو تناولنها مرة واحدة شهريًا.

وإذا كان معظم الناس يعتقد أن المكسرات مضرة صحيًا بسبب احتوائها على كمية كبيرة من الدهون، إلا أن الأبحاث أثبتت أن نسبة كبيرة من هذه الدهون غير مشبعة، فضلاً عن كمية كبيرة من الدهون الأحادية مثل تلك الموجودة بزيت الزيتون، وهذه ثبت أنها مفيدة جدًا في إنقاص مستوى الكوليسترول ودهون الدم، ومن ثم فهي مفيدة لمرضى القلب.

وقد حدث انخفاض في معدل الإصابة بأمراض القلب والذبحة الصدرية لدى الذين يتناولون المكسرات أكثر من خمس مرات أسبوعيًا مقارنة بالذين يتناولونها مرة واحدة أو لا يتناولونها. كما انخفضت الإصابة المتوقعة بنسبة 31% لدى الذين داوموا على تناول المكسرات، وانخفضت نسبة الإصابة بسرطان الرئتين والبروستاتا والبنكرياس بين النباتين الذين يتناولون المكسرات.

وقد أجريت عدة دراسات على أنواع مختلفة من المكسرات نعرض بعضها فيما يلي:

– الجوز (عين الجمل): يقلل مستوى الكوليسترول الكلي بالدم، ومن مستوى الكوليسترول الضار، ومن ثم يقلل من معدل الإصابة بأمراض القلب. كما يساعد على زيادة نسبة الكوليسترول الجيد.

وبالرغم من أن الجوز غني بالدهون والسعرات، فإنه لا يسبب أي زيادة في الوزن، بسبب ما يحتويه من أحماض دهنية مثل أوميجا6 وأوميجا3 اللذين يساعدان في الوقاية من أمراض القلب.

كما أن للألياف دورًا مهمًا في ذلك. وهناك تفسيرات علمية أخرى مثل غنى الجوز بالأرجينين الذي يعمل على زيادة إنتاج أكسيد النترات الذي يساعد على منع تراكم الدهون الضارة ويحمي القلب. ويرى فريق من العلماء أن فيتامين (هـ) المانع لأكسدة الكوليسترول الضار له أثر مهم. وأن الجوز به مواد مهمة جدًا للصحة مثل الفينولات وحمض الفوليك.

– الجوز الأمريكي: تم دراسة أثر تناول البيكان (الجوز الأمريكي) الغني بالأحماض الدهنية الأحادية غير المشبعة على مستوى الدهون عند أشخاص طبيعيين وأشخاص يعانون ارتفاع الكوليسترول ودهون الدم. وقد تناول ۲۳ شخصًا (۹ سيدات و14 رجلاً، متوسط أعمارهم ۳۸ عامًا) وجبتين كل منهما لمدة أربعة أسابيع. وكانت الوجبة الأولى عبارة عن وجبة مثالية من الناحية الصحية، ثم أضيف (البيكان) ليحل محل 20% من السعرات. وكانت نسبة الدهون في الوجبة الأولى 28.3%، وفي الثانية 39.6%. وقد أدى تناول كلتا الوجبتين إلى تحسين دهون الدم. ولكن الوجبة التي تحتوي على البيكان والتي كانت نسبة الدهون فيها أعلى من الوجبة المثالية أدت إلى انخفاض كل من مستوى الكوليسترول الكلي بمقدار 6.7% والكوليسترول الضار بمقدار 10.5%، والدهون الثلاثية بمقدار 11.1%. في حين زاد الكوليسترول الجيد بمقدار 5% عن الوجبة المثالية. لكن الوجبة التي تحتوي على البيكان عالية المحتوى من الدهون لم تؤدِ إلى زيادة الوزن. وبناء عليه أوصى الباحثون بتناول البيكان لما له من آثار جيدة على دهون الدم.

– اللوز: للتعرف على تأثير تناول اللوز على مستوى الأنسولين ودهون الدم عند مرضى البول السكري، وجد الباحثون أن اللوز ليس له تأثير على مستوى الأنسولين، بينما ساعد على إنقاص الكوليسترول الكلي بمقدار 21% والكوليسترول الضار بمقدار 29%. وعند مقارنة أثر تناول اللوز الكامل أو زيت اللوز على دهون الدم والكوليسترول عند النساء والرجال الأصحاء، وجد الباحثون أنه لا يوجد فرق بين اللوز وزيته حيث أديا إلى نقص الكوليسترول الضار بمقدار 14.4%، وزاد الكوليسترول الجيد بمقدار 6٪. واستخلص الباحثون أن الأثر الجيد للوز يرجع إلى المادة الفعالة الموجودة بالزيت.

– اللوز الأسترالي: أو بندق كونزيلندة، ويتميز بغناه بالدهون، حيث يحتوي نسبة عالية من الدهون، ونسبة الأحماض الدهنية الأحادية به عالية أيضًا، ويؤدي تناول وجبة غنية بالدهون الأحادية إلى تقليل نسبة الكوليسترول الضار بالجسم. وتحتوي المكسرات على نسبة من الدهون غير المشبعة التي يعزى إليها إنقاص مستوى الدهون والكوليسترول بالدم.

بين زيادة الوزن ومرضى القلب

أثبتت بعض الدراسات وجود علاقة عكسية بين تناول المكسرات ووزن الجسم، حيث إن زيادة تناول المكسرات ليس له أثر على وزن الجسم، وأن زيادة تناول المكسرات أدى إلى زيادة كمية الدهون في البراز ما يعني أنها تساعد على تقليل نسبة الدهون بالجسم. ولم يتم التوصل إلى علاقة بين زيادة وزن الجسم وزيادة كمية المأكول من المكسرات، فما يأكله الفرد من المكسرات في دول البحر الأبيض المتوسط ضعف ما يأكله الأمريكي ومع ذلك تقل نسبة الإصابة بالسمنة بين سكان حوض المتوسط وتزداد بين الأمريكيين.

وعند مقارنة وزن جسم من يأكل المكسرات بمن لا يأكل، وجد الباحثون أن الفئة الأولى يقل وزنهم وتنخفض بينهم نسبة الإصابة بالسمنة، بالرغم من أن كمية السعرات التي يتناولونها كانت أكثر.

ووجد الباحثون أن الذين يتناولون المكسرات باستمرار قل وزنهم وانخفضت بينهم نسبة الإصابة بالسمنة، أي أنه كلما زاد المتناول من المكسرات قلت نسبة الإصابة بالسمنة.

ويفسر العلماء ذلك بأن المكسرات تجعل الشخص يشعر بالشبع لغناها بمادة السيرتونين المسؤولة عن هذا الإحساس، ولأنها تقلل الكمية المتناولة من الأطعمة الأخرى، وأخيرًا بسبب عدم الاستفادة من الطاقة المأخوذة من المكسرات، حيث تذهب نسبة كبيرة منها سدى.

إن القيمة الغذائية للمكسرات عالية، فكل 100 جرام منها يحتوي على 500 إلى 600 سعر معظمها يكون في صورة دهون (حوالي 75%). كما أن المكسرات غنية بالأحماض الدهنية غير المشبعة وبخاصة الأحادية (حوالي 62%) وهي فقيرة في الأحماض الدهنية المشبعة.

والجوز يعتبر أغنى المكسرات بالحمض الدهني “ألفا لينولينك” المفيد لمرضى القلب. كما أن المكسرات بصفة عامة غنية بحمض “الأوليك” وحمض “اللينوليك” المفيدين لمرضى القلب واللذين يعملان على إنقاص الكوليسترول. بالإضافة إلى غنى المكسرات بالمنجنيز والنحاس والماغنسيوم والفسفور والزنك. ومعظم المكسرات، وبخاصة اللوز، غنية بفيتامين (هـ) المضاد للأكسدة والمانع للعقم. والمكسرات البرازيلية غنية جدًا بعنصر السلينيوم المضاد للسرطان، وأخيرًا المكسرات غنية بالألياف.

والمكسرات التي نتكلم عنها هي التي يتم جمعها من على الأشجار مثل اللوز والجوز والفستق والبيكان… إلخ. ولا يعتبر الفول السوداني من هذه المكسرات، بل إنه يسبب الحساسية الغذائية لدى بعض الأفراد، وبخاصة الأطفال، لذلك يجب عدم تناوله. ويمكن تناوله بعد سلقه للتخفيف من آثاره الضارة. نشير أخيرًا إلى أن المكسرات عندما تتعرض للفساد تتكون بها مادة “الأفلاتوکسين” وهي خطيرة جدًا على الصحة ومن مسببات السرطان. ولذا، يجب أن يتم اختيار المكسرات السليمة والطازجة وتخزينها بطريقة صحيحة وعدم تناولها إذا شعرنا بأي طعم غريب فيها.

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم