إن فنجان قهوتك الصباحي لا يمنحك الطاقة وحسب، بل يُعزز أيضًا صحة جهازك الهضمي عبر دعم مليارات الميكروبات النافعة التي تعيش فيه. تُشير الأبحاث إلى أن القهوة، خاصة الإسبريسو، قد تُحسن من ميكروبيوم الأمعاء، مما يقود إلى صحة عامة أفضل وعمر أطول.

القهوة وميكروبيوم الأمعاء: علاقة إيجابية
وجاء في تقرير لصحيفة “تليغراف“، أن الميكروبيوم يضم أنواعًا متعددة من البكتيريا النافعة التي تعمل معًا وفرديًا لتعزيز صحتنا. وتُلاحظ فوائد متزايدة لهذه الميكروبات في الصحة الأيضية، وإدارة الوزن، والصحة العقلية. تحتوي القهوة على مركبات تُعدُّ “مضادات حيوية”، بمعنى أنها تُغذي بكتيريا البروبيوتيك المفيدة وتوفر لها العناصر الغذائية اللازمة للنمو والوظائف.
يبدو أن تأثير القهوة على بكتيريا الأمعاء له جانبان:
- الكافيين كمنشط: يعمل الكافيين على زيادة عدد البكتيريا المفيدة في الأمعاء، حيث “كلما زاد التنوع في جهازك الهضمي، كان ذلك أفضل”.
- البوليفينولات ومضادات الأكسدة: تحتوي القهوة على مركبات نباتية تُسمى البوليفينولات، مثل حمض الكلوروجينيك، التي تعمل كمضادات للأكسدة ومضادات للالتهابات. تُساهم هذه المركبات في تقليل خطر الإصابة بالسرطان عبر تحييد الجذور الحرة الضارة. كما ارتبط تناول القهوة الغنية بحمض الكلوروجينيك بتقليل خطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني ومرض الكبد الدهني غير الكحولي، بالإضافة إلى المساعدة في فقدان الوزن، ويُعتقد أن ذلك مرتبط بزيادة بكتيريا البيفيدوباكتيريا المعوية النافعة.
دراسات تُؤكد الفوائد
دعمت دراسة نُشرت عام 2023 في مجلة “نوترينتس” العلاقة بين الكافيين واستهلاك القهوة والميكروبيوم القولوني. أظهرت النتائج أن شاربي القهوة بانتظام لديهم ميكروبيوم قولوني أكثر ثراءً، مع زيادة في أعداد بكتيريا أليستيبس وفاكيليكاكتريوم المفيدة (التي يُعتقد أن لها آثارًا وقائية ضد تليف الكبد وأمراض القلب والأوعية الدموية)، وانخفاض في مستويات بكتيريا إريسبيلاتوكلوستريديوم الضارة. كما أشارت دراسات سابقة إلى أن استهلاك القهوة يرتبط بزيادة بكتيريا البيفيدوباكتيريوم، التي تُساعد في هضم الألياف وتمنع العدوى.
بالإضافة إلى ذلك، تُعرف القهوة بتأثيرها المحفز على القولون، مما يُساهم في انتظام حركة الأمعاء. أظهرت دراسة أجريت عام 1990 أن الأشخاص الذين شربوا القهوة غالبًا ما يحتاجون إلى التبرز بعد 30 دقيقة من تناولها.

نصائح لتحضير فنجان قهوة صحي
نظرًا لفوائد القهوة المتعددة للأمعاء، يُطرح السؤال: ما أفضل طريقة لتحضيرها والاستمتاع بها؟
- القهوة السوداء هي الأفضل: يُجمع الخبراء على أن القهوة السوداء أفضل من الكابتشينو أو اللاتيه، لأن الحليب قد يُعيق امتصاص البوليفينولات. إضافة كميات كبيرة من الكريمة أو السكر تُحوّل قهوتك إلى حلوى تُضر بمستويات السكر في الدم.
- اختيار نوع القهوة والتحميص: حبوب أرابيكا وروبوستا لها خصائص مختلفة. التحميص الخفيف غالبًا ما يحتوي على نسبة أعلى من الكافيين ويحتفظ بمضادات الأكسدة أكثر من التحميص الداكن. كما أن مدة تخزين الحبوب تؤثر على مستويات البوليفينول.
- القهوة سريعة التحضير: على الرغم من أنها قد تحتوي على بوليفينول ومعادن أكثر من القهوة المطحونة، إلا أنها تحتوي أيضًا على نسبة أعلى من الأكريلاميد. على الرغم من أن استهلاك القهوة، سواء سريعة التحضير أو المطحونة، لا يرتبط بالسرطان، إلا أن الهيئة الأوروبية لسلامة الأغذية (EFSA) توصي بتقليل الأكريلاميد في النظام الغذائي. لذا، يُفضل القهوة المطحونة الكلاسيكية.
- إضافة التوابل الصحية: لتعزيز الفوائد الصحية، يُمكن إضافة التوابل الطبيعية مثل:
- الهيل: مضاد للالتهابات ويُنظم مستويات السكر في الدم.
- الزنجبيل: مُسكّن طبيعي للألم، يُحسّن صحة الجهاز الهضمي ويُخفض الكوليسترول.
- الكركم: يُعرف بفوائده على الأيض والجهاز المناعي، خاصة عند إضافته إلى اللاتيه.
في الختام، يبدو أن القهوة، عندما تُستهلك باعتدال وبشكل صحيح، تُعد إضافة قيمة لنظامك الغذائي، وتُساهم في تعزيز صحة الأمعاء وبالتالي صحتك العامة. هل تُفكر في تعديل طريقة تحضير قهوتك اليومية بعد هذه المعلومات؟