في دراسة حديثة نشرت في مجلة The Lancet ، قام باحثون بتطوير نموذج ذكاء اصطناعي جديد لتحليل مخطط كهربية القلب (ECG)، وهو اختبار غير مؤذٍ يقيس النشاط الكهربائي للقلب. يستخدم هذا النموذج المتطور سجلات المرضى ونتائج التصوير لتوقع خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والموت بشكل أكثر دقة. ورغم التقدم السابق في مجال الذكاء الاصطناعي الطبي، فإن هذا النموذج الجديد يتفوق على سابقاته بفضل قدرته على تقديم تنبؤات أكثر دقة وموثوقية، وتصميمه الذي يأخذ في الاعتبار المعرفة الطبية المتعلقة بأمراض القلب. أظهرت نتائج الدراسة أن النموذج الجديد (المسمى “AIRE”) يمكنه التنبؤ بدقة بمجموعة واسعة من أمراض القلب، بما في ذلك عدم انتظام ضربات القلب البطيني وقصور القلب. ويوفر هذا النموذج للأطباء أداة قوية لاتخاذ قرارات علاجية أكثر استباقية، حيث يمكنهم استخدام التنبؤات التي يقدمها لتحديد المرضى الأكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب وتقديم الرعاية الطبية اللازمة لهم في الوقت المناسب.
في هذه الدراسة، طور الباحثون نظامًا جديدًا للذكاء الاصطناعي (AIRE) لتحليل مخططات كهربية القلب وتوقع خطر الوفاة وأمراض القلب، متجاوزين بذلك قيود الأنظمة السابقة. استخدمت الدراسة بيانات من خمسة مصادر متنوعة، تم تدريب وتقييم نماذج AIRE على هذه البيانات لضمان دقتها وعموميتها.
وتم تدريب نموذج الذكاء الاصطناعي باستخدام بيانات من مجموعة BIDMC. قُسِّمت هذه البيانات إلى مجموعات للتدريب والتحقق والاختبار. سمحت هندسة الشبكات العصبية التلافيفية القائمة على الكتل المتبقية (وهي تقنية تستخدم لتدريب نماذج التعلم العميق بشكل أكثر فعالية) للباحثين بتطوير نموذج يتنبأ بمنحنيات البقاء على قيد الحياة للمرضى بدقة. تم تطبيق تحسينات إضافية على النموذج باستخدام بيانات مجموعة CODE. بالإضافة إلى ذلك، تم تطوير خمسة نماذج فرعية للتنبؤ بمخاطر أمراض قلبية وعائية محددة، مثل الموت القلبي الوعائي وفشل القلب، باستخدام نفس النهج.
تم تقييم أداء النموذج مقارنة بتقديرات الخبراء ومقارنة بمقدر ستانفورد لمخاطر تخطيط كهربية القلب (SEER) باستخدام تحليلات إحصائية. وتم استخدام نماذج كوكس ومنحنيات كابلان ماير لحساب مدى دقة النموذج في التنبؤ بالمخاطر النسبية للأفراد. بالإضافة إلى ذلك، تم استخدام دراسات الارتباط على مستوى الظواهر (PheWAS) ودراسات الارتباط على مستوى الجينوم (GWAS) لتقييم المعقولية البيولوجية للنموذج من خلال تحديد العلامات القلبية والأيضية ذات الصلة.
أظهرت نتائج اختبار الصمود أن نموذج AIRE حقق معامل توافق قدره 0.775 في التنبؤ بالوفيات الناجمة عن جميع الأسباب. من الجدير بالذكر أن أداء AIRE فاق أداء نماذج التنبؤ التقليدية، حيث حقق مؤشر C أعلى في التنبؤات الشاملة (0.794) وفي التنبؤ بالوفيات القلبية الوعائية (0.844). ويشير مؤشر C إلى قدرة النموذج على التمييز بدقة بين الحالات المختلفة، مما يؤكد دقة نموذج AIRE.
أظهرت النتائج أن نموذج AIRE استطاع التنبؤ بوقوع حالات قصور القلب مبكرًا لدى الأشخاص الذين لا يعانون من عوامل خطر معروفة، مما يؤكد أهمية هذا النموذج في الكشف المبكر عن المرض. علاوة على ذلك، أثبت النموذج فعاليته حتى عند استخدام بيانات من أجهزة تخطيط كهربية القلب المنزلية البسيطة، مما يفتح آفاقًا جديدة لمراقبة صحة القلب بشكل مستمر. أكدت تحليلات PheWAS وGWAS أن النتائج التي توصل إليها النموذج منطقية من الناحية البيولوجية، حيث أظهرت العلاقة بين مقاييس وظائف القلب المختلفة وخطر الإصابة بقصور القلب.