كان اكتشاف البنسلين إنجازًا طبيًا ثوريًا، حيث كان يعتبر حلاً فعالًا لمكافحة العديد من الأمراض البكتيرية. ومنذ ذلك الحين، تم تطوير مجموعة واسعة من المضادات الحيوية التي تستهدف بشكل انتقائي أنواعًا مختلفة من البكتيريا. ومع ذلك، أدى الإفراط في استخدام هذه الأدوية إلى ظهور سلالات بكتيرية مقاومة لها.
في دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة أوساكا، لوحظ أن البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية تظهر تغييرات واضحة في شكلها. تُعتبر مقاومة المضادات الحيوية مشكلة صحية عالمية خطيرة، حيث تحد من فعالية العلاجات المتاحة للعديد من الالتهابات البكتيرية. تحديد هذه البكتيريا المقاومة بسرعة أمر بالغ الأهمية لضمان تقديم العلاج المناسب للمرضى. ومع ذلك، تستغرق الطرق التقليدية المستخدمة حاليًا عدة أيام لتحديد مقاومة البكتيريا.
وفي هذا السياق، يشير الدكتور ميكي إيكيبي، الباحث الرئيسي للدراسة، إلى أن مقاومة المضادات الحيوية قد تتجلى بطرق مختلفة، مثل تغير شكل بعض أنواع البكتيريا استجابةً للعلاج بالمضادات الحيوية.
وبناء على ذلك، قام الباحثون بتعريض بكتيريا الإشريكية القولونية لمضادات حيوية مختلفة بشكل متكرر، مما أدى إلى ظهور مقاومة لهذه المضادات في البكتيريا. بعد ذلك، أوقفوا العلاج بالمضادات الحيوية واستخدموا تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل صور البكتيريا تحت المجهر ودراسة تغييرات في شكلها وحجمها وخصائصها الأخرى.
أظهرت النتائج اختلافات واضحة في شكل البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، حيث كانت أكثر سمكًا أو أقصر من البكتيريا غير المقاومة، خاصة تلك التي طورت مقاومة للكينولونات والبيتا لاكتام. وكشفت التحليلات الجينية وجود علاقة بين التغيرات في شكل البكتيريا ومجموعة من الجينات المرتبطة بإنتاج الطاقة ومقاومة المضادات الحيوية.
ويقول كونيهيكو نيشينو، المشارك في الدراسة: “تشير نتائجنا إلى إمكانية تحديد البكتيريا المقاومة للأدوية من خلال تحليل صورها تحت المجهر، حتى في غياب المضادات الحيوية، وذلك باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي”.
ونظراً لتشابه أشكال وأحجام البكتيريا المقاومة للكينولونات والبيتا لاكتام والكلورامفينيكول، يُرجح أن يكون هناك آلية جينية مشتركة وراء هذه المقاومة في جميع هذه السلالات.
وفي المستقبل، يمكن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل صور البكتيريا المستخلصة من المرضى بشكل سريع ودقيق، مما يساعد الأطباء على تحديد نوع المضاد الحيوي المناسب لعلاج العدوى.