هل يمكن للمكملات الغذائية المروج لها لصحة القلب، والتي تحتوي على حمض التورين الموجود بكثرة في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية، أن تزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية؟ هذا السؤال يطرحه بحث جديد يتحدى الدراسات السابقة. فقد أظهرت دراسة أجريت على الفئران في نانجينغ بالصين أن التورين، على الرغم من تقليله لحجم اللويحات الشريانية المتراكمة في الشرايين، يزيد من هشاشتها ويزيد من خطر تمزقها، مما يزيد بدوره من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية. هذه النتائج، المنشورة في مجلة Journal of Exploratory Research in Pharmacology، تدق ناقوس الخطر بشأن الاستخدام الواسع النطاق للتورين كمكمل غذائي.
تصلب الشرايين، الناجم عن تراكم الدهون في الشرايين، هو السبب الرئيسي للوفيات حول العالم، ويمثل حوالي 31% من الوفيات في أمريكا. يمكن لهذه الرواسب الدهنية، أو اللويحات، أن تضيق الشرايين وتتصلب تدريجيًا، مما يحد من تدفق الدم إلى الأعضاء الحيوية. عندما تصبح هذه اللويحات غير مستقرة وتتمزق، يمكن أن تؤدي إلى نوبات قلبية وسكتات دماغية.
بدأ فريق البحث بدراسة عينات دم لـ145 شخصًا، منهم أصحاء وآخرون يعانون من مراحل مختلفة من أمراض القلب التاجية. اللافت للنظر أنهم وجدوا أن المرضى الذين تعرضوا لنوبات قلبية حادة لديهم مستويات أعلى بكثير من التورين في دمائهم مقارنة بالأشخاص الأصحاء أو المصابين بأمراض قلبية مستقرة.
ولفهم هذه الصلة بشكل أفضل، لجأ الباحثون إلى فئران معملية معدلة وراثياً لتطوير تصلب الشرايين. فأحدثوا ظروفاً تسارع تكوين اللويحات في شرايين الفئران، ثم عالجوا بعضها بالتورين لمدة أربعة أيام.
كانت النتائج مفاجئة: فبينما نجح العلاج بالتورين في تقليل حجم اللويحات الشريانية، إلا أنه أدى أيضاً إلى تقليل ثباتها. يمكن تشبيه الأمر بجبل مغطى بالثلوج، حيث أدى التورين إلى تقليص حجم الغطاء الثلجي، ولكن أيضاً جعله أكثر هشاشة وعرضة للانهيارات الجليدية. وأظهرت اللويحات المعالجة انخفاضاً في محتوى الكولاجين الليفي وقلة في عدد خلايا العضلات الملساء الوعائية، وهما عنصران أساسيان يعززان استقرار اللويحات ويقللان من خطر تمزقها
كما وجدت الدراسة أن التورين يزيد من إنتاج إنزيمات تعمل على تفكيك الكولاجين في جدران الأوعية الدموية. وهذا يفسر سبب قلة استقرار اللويحات، فالتورين يعمل كأنه مادة تضعف بنية اللويحات وتجعلها أكثر عرضة للتمزق.
تكتسب هذه النتائج أهمية كبيرة نظراً للاستخدام الواسع للتورين في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية. فبينما أشارت دراسات سابقة إلى فوائد التورين في الوقاية من تصلب الشرايين، فإن هذه الدراسة الجديدة تشير إلى أن التعرض المكثف قصير الأمد للتورين قد يكون له آثار جانبية ضارة.
يؤكد الباحثون أن نتائجهم لا تستدعي التوقف تماماً عن استهلاك التورين، كونه حمضاً أمينياً طبيعياً ضرورياً للجسم، ولكنها تدعو إلى الحذر والتقييم الدقيق للاستخدامات المكثفة قصيرة الأمد. وينصحون بمراقبة المرضى الذين يتناولون مكملات التورين، خاصة أولئك الذين يعانون من حالات القلب والأوعية الدموية، بشكل أكثر دقة.