تسلط دراسة جديدة الضوء على دور فيتامين ب12، الذي قد يكون له تأثيرات تتجاوز مجرد الحفاظ على صحة الدم والأعصاب. التهاب البنكرياس الحاد، وهو حالة مؤلمة ومهددة للحياة، يُصيب الآلاف سنويًا، ويؤدي غالبًا إلى مضاعفات خطيرة تتطلب دخول المستشفى. حتى الآن، كانت خيارات العلاج محدودة وتركزت على الرعاية الداعمة بدلاً من معالجة الأسباب الجذرية.
تشير الأبحاث التي أجراها علماء من جامعة سيتشوان في الصين إلى أن زيادة مستويات فيتامين B12 في الدم قد تساهم في تقليل خطر الإصابة بالتهاب البنكرياس الحاد. لكن كيف توصل الباحثون إلى هذا الاستنتاج؟
استخدم الفريق أسلوبًا مبتكرًا يُعرف بالعشوائية المندلية، الذي يعتمد على المعلومات الجينية لاستنتاج الروابط السببية بين مستويات الفيتامينات والأمراض. من خلال تحليل بيانات من دراسات سكانية كبيرة، وجد الباحثون أن الأشخاص الحاملين لمتغيرات جينية ترتبط بارتفاع مستويات فيتامين B12 هم أقل عرضة للإصابة بالتهاب البنكرياس الحاد.
وللتعمق أكثر، قام الباحثون بدراسة فئران معدلة وراثياً تفتقر إلى الجين CD320، وهو ضروري لامتصاص فيتامين B12 في الخلايا. عند تعريض هذه الفئران لمواد تسبب التهاب البنكرياس، أصيبت بأعراض أكثر حدة مقارنة بالفئران السليمة. هذا يشير إلى أن نقص فيتامين B12 قد يزيد من حدة الالتهاب.
تأثير فيتامين B12 على البنكرياس
لتأكيد هذه النتائج، قام الباحثون بتجربة أخرى. فقد عالجوا فئران سليمة بفيتامين B12 قبل وبعد إحداث التهاب البنكرياس. وكانت النتائج مذهلة، فقد أظهر العلاج بالفيتامين قدرة كبيرة على تقليل تلف البنكرياس والالتهاب الناتج. وكأن الفيتامين قد غطى البنكرياس بدرع واقٍ، حمايته من الأذى.
لكن كيف يعمل فيتامين B12 بهذه الفاعلية؟ الجواب يكمن في دوره الحيوي في إنتاج الطاقة الخلوية. ATP، أو أدينوسين ثلاثي الفوسفات، هو الجزيء المسؤول عن تزويد الخلايا بالطاقة اللازمة لأداء وظائفها، مثل إصلاح التلف وإنتاج البروتينات. وقد اكتشف الباحثون أن أنسجة البنكرياس في الفئران المعالجة بفيتامين B12 تحتوي على مستويات أعلى بكثير من ATP. هذه الزيادة في الطاقة خولت خلايا البنكرياس مقاومة الضرر والالتهاب بشكل أفضل.
علاج محتمل للوقاية من التهاب البنكرياس الحاد
إذا أكدت دراسات أخرى هذه النتائج لدى البشر، فقد تصبح مكملات فيتامين B12 وسيلة بسيطة وفعالة من حيث التكلفة للوقاية من التهاب البنكرياس الحاد أو علاجه. سيكون هذا مفيدًا بشكل خاص للأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بهذه الحالة، مثل أولئك الذين يعانون من حصوات المرارة أو الإفراط في تناول الكحول.على الرغم من النتائج الواعدة لهذه الدراسة، إلا أنه من المبكر جداً القول بأن مكملات فيتامين B12 هي الحل الشافي لالتهاب البنكرياس الحاد. ومع ذلك، إذا أكدت دراسات أخرى هذه النتائج لدى البشر، فقد تصبح مكملات فيتامين B12 وسيلة بسيطة وفعالة من حيث التكلفة للوقاية من هذا المرض أو علاجه. سيكون هذا مفيدًا بشكل خاص للأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بهذه الحالة، مثل أولئك الذين يعانون من حصوات المرارة أو الإفراط في تناول الكحول.
آفاق واعدة
ومع ذلك، من المهم أن نلاحظ أنه قبل التوجه إلى الصيدلية لشراء مكملات فيتامين B12، هناك حاجة لمزيد من البحث. على الرغم من أن الدراسة واعدة، إلا أنها أجريت بشكل رئيسي على الفئران، مما يستدعي إجراء تجارب على البشر لتأكيد تأثيراتها. بالإضافة إلى ذلك، لا يزال يتعين تحديد الجرعة والتوقيت الأمثل لمكملات فيتامين B12 للوقاية من التهاب البنكرياس أو علاجه.
مع ذلك، تفتح هذه الدراسة آفاقًا جديدة ومثيرة لأبحاث التهاب البنكرياس وطرق علاجه.قد يمتد تأثير فيتامين B12 إلى ما هو أبعد من مجرد الوقاية من الالتهاب، حيث قد يحسن وظائف البنكرياس بشكل عام ويقلل من حدة الأعراض لدى المرضى. ومع ذلك، من المهم أن نتذكر أن أي مكمل غذائي قد يكون له آثار جانبية، وخاصة عند تناوله بجرعات عالية أو لفترة طويلة.
وقبل التوجه إلى الصيدلية لشراء مكملات فيتامين B12، يجب إجراء المزيد من الأبحاث لتحديد الجرعة والتوقيت الأمثل لتناولها. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الأشخاص الذين يعانون من أي مشاكل صحية استشارة الطبيب قبل إضافة أي مكمل غذائي إلى نظامهم الغذائي.