الصحة والغذاء

اختبار جديد يكشف عن أمراض الأطفال الالتهابية

يؤدي الحمض النووي الريبي (RNA) مجموعة من المهام البيولوجية، بدءًا من نقل المعلومات الوراثية وصولاً إلى تصنيع البروتينات. ومع ذلك، يتم طرد الحمض النووي الريبي من الخلايا خلال عملية موت الخلايا أو من خلال آليات الإطلاق النشط، مما يسمح له بالانتقال إلى بلازما الدم.

التعلم الآلي وتشخيص الحالات الالتهابية

قام فريق بحثي من جامعة كورنيل بتطوير نماذج تعتمد على التعلم الآلي تستخدم بقايا الحمض النووي الريبي الخالي من الخلايا لتشخيص الحالات الالتهابية عند الأطفال التي يصعب التمييز بينها. يمكن لهذه الأداة التشخيصية تحديد ما إذا كان المريض يعاني من مرض كاواساكي، أو متلازمة الالتهاب المتعدد الأنظمة عند الأطفال، أو عدوى فيروسية أو بكتيرية، مع مراقبة صحة الأعضاء في الوقت نفسه.

تُمثل الأمراض الالتهابية تهديدًا خاصًا للأطفال نظرًا لكون أعراضها، مثل الحمى والطفح الجلدي، غير محددة، مما يؤدي إلى أخطاء في التشخيص من قبل الأطباء. وإذا لم تُعالج هذه الأمراض بشكل مناسب، فقد تتسبب في تضخم القلب والرئتين والدماغ وأعضاء أخرى. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي مرض كاواساكي، الذي يُعتبر السبب الرئيسي لأمراض القلب المكتسبة لدى الأطفال، إلى تمدد الأوعية الدموية في القلب والنوبات القلبية. سيكون الاختبار القائم على الحمض النووي الريبي الخالي من الخلايا أول أداة تشخيصية جزيئية يستفيد منها الأطباء للكشف عن هذه الحالات الالتهابية في مراحلها المبكرة الحرجة.

الحمض النووي الريبي الخالي من الخلايا

ترأس فريق البحث إيوين دي فلامينك، الأستاذ المشارك في الهندسة الطبية الحيوية بجامعة كورنيل، بالتعاون مع باحثين بقيادة الدكتور تشارلز تشيو، المتخصص في الطب الدقيق للأمراض المعدية من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، والدكتورة جين بيرنز، الخبيرة المعروفة في مرض كاواساكي من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، الذين كانوا المؤلفين المشاركين الرئيسيين للورقة البحثية مع دي فلامينك.

استكشف دي فلامينك ولوي إمكانية استخدام الحمض النووي الخالي من الخلايا في دراسة الأمراض، لكنهما وجدا اهتمامًا أكبر بالحمض النووي الريبي الخالي من الخلايا، نظرًا لمحتواه الغني من المعلومات. وعلى الرغم من أن الحمض النووي الريبي الخالي من الخلايا أثبت فعاليته كعلامة حيوية في الحمل والسرطان، إلا أنه لم يُدرس بشكل كافٍ كما هو الحال مع الحمض النووي الخالي من الخلايا.

يشرح لوي قائلاً: “عندما نقوم بتحليل الحمض النووي الريبوزي الموجود في بلازما الدم، فإننا في الواقع نفحص الحمض النووي المتحرر من خلايا ميتة أو خلايا أطلقت حمضها النووي أثناء عمليات حيوية مختلفة في الجسم. هذه العملية تسمح لنا برؤية صورة شاملة لما يحدث داخل الجسم، خاصة في حالات الالتهاب حيث يزداد معدل موت الخلايا. وعندما تنفجر الخلايا، فإنها تطلق حمضها النووي الريبوزي في الدم، مما يترك لنا أدلة مهمة حول نوع الخلية التي ماتت وحالة المرض”.

دراسة المادة الوراثية في الدم

جمع الباحثون 370 عينة دم من أطفال يعانون من أمراض التهابية مختلفة. قاموا بتحويل المادة الوراثية الموجودة في هذه العينات إلى شكل يمكن تحليله بسهولة، ثم أجروا دراسة للمناطق المسؤولة عن إنتاج البروتينات في هذه المادة الوراثية. استغرق الباحث الرئيسي، كونور لوي، عامًا كاملًا لتطوير برامج حاسوبية متقدمة لتحليل هذه البيانات ومعرفة العلامات التي تميز كل مرض عن الآخر. وبذلك، تمكنوا من تطوير أداة جديدة لدراسة المادة الوراثية الحرة في الدم.

بالإضافة إلى تطوير نموذج دقيق للتشخيص، أظهر الباحثون أيضًا إمكانية استخدام تسلسل الحمض النووي الريبي الخالي من الخلايا لقياس الإصابات التي تلحق بأنسجة وأعضاء معينة، بما في ذلك الكبد والقلب والبطانة الوعائية والجهاز العصبي والجهاز التنفسي العلوي.

تحليل البيانات مفتاح تشخيص الأمراض

ويشير دي فلامينك إلى أهمية تحليل البيانات في مجال الابتكار قائلاً: “أرى أن المستقبل يكمن في قدرتنا على تحليل البيانات. فمن خلال دراسة الحمض النووي الريبوزي القادم من أعضاء مختلفة، مثل الكبد أو الأوعية الدموية، يمكننا فهم العمليات المرضية بشكل أعمق. هذا يعني أننا قادرون على تحديد الأمراض والالتهابات في مراحلها المبكرة، وربما حتى التنبؤ بها.”

ويؤكد دي فلامينك: “لقد أثبتنا أن دراسة الحمض النووي الريبوزي الحر في الدم مفيدة جدًا، لكننا الآن نريد أن نفهم أكثر كيف ينتقل هذا الحمض من الخلايا إلى الدم، ولماذا يستقر هناك لفترة طويلة. هذا سيساعدنا على تطوير تقنيات جديدة لاستخدام هذه المعلومات في التشخيص والعلاج.”

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم