العنوان الرئيس لهذا الموضوع عبارة عن ترجمة للمقولة الإنجليزية “dying to be thin” ويقصد بها أن الرغبة عند الإنسان في النحافة تكون أحيانا بالغة القوة..
لكن هذا التعبير أصبح حقيقة واقعية للأسف خلال السنوات العشرين الماضية ، إذ سجلت حالات كثيرة في مناطق متعددة من العالم تؤدي فيها عمليات التخسيس إلى فقدان الحياة بسبب الاضطراب الذي تتسبب به بعض الأنظمة الغذائية التي يتبعها بعضهم رغبة في إنقاص أوزانهم بشكل سريع.
هوس النحافة وصل العرب!
ولسنوات قليلة مضت ، كان غالبية الناس في عالمنا العربي بعيدين إلى حد كبير عن مثل هذه الممارسات ، لكن الأمور لا تستمر على حالها طبعا وصارت النحافة شاغل للناس إلى درجة الهوس ، بل إلى درجة المرض في بعض الأحيان.
ومن ذلك تزايد الرغبة في إنقاص الوزن بين صغار السن بشكل مبالغ فيه ربما بسبب الغزو الثقافي الذي يتأثرون به والذي يروج بشكل مستمر ومكثف للنحافة على أنها مركز الجمال الحقيقي.
في التحقيق التالي نحاول تسليط الضوء على هذه الشريحة من أفراد المجتمع, لعلنا نستطيع فهم الآلية التي من خلالها نتعامل مع الأنظمة الغذائية الرائجة بشكل أوعى وأكثر صحية:
سمر: عمري 22 سنة ، وزنى لا يزيد عن 60 كيلو ، لكنى لست راضية عنه، فأنا مخطوبة وسأتزوج في إجازة الصيف القادم إن شاء الله.وقد شعرت أني بحاجة لإنقاص وزنى في حدود 10 كيلو جرام على الأقل حتى أستطيع أن أتمتع بارتداء فستان الفرح الذي أريد تفصيله قريبا.
ولأني لست من الذين يستطيعون تغيير نظام أكلهم بسهولة ، فقد بحثت عن ريجيم سهل يخلصني من الوزن الزائد في شهر واحد على الأكثر ، وبالفعل جربته قبل أسابيع لكني توقفت عنه وسأعود له بعد أسبوعين وأستمر عليه ثم افصل فستان الزفاف الذي احلم به وبعدها سأترك الرجيم ولن أعود له إلا قبل الفرح بمدة كافية تكفل لي التمتع بليلة الزفاف بالشكل الذي أريد وكذلك شهر العسل.
أما الرجيم الذي جربته فيسمونه بالكيميائي وهو يركز على تناول البروتينات وإلغاء النشويات والسكر بشكل شبه تام من الطعام.
والحقيقة أن تجربتي الأولى لهذا الرجيم نتج عنها إنقاص وزني حوالي 8 كيلو جرام خلال 4 أسابيع. لكنه كان ريجيما قاسيا وإن لم يستغرق مني سوى مدة محددة استطعت تحملها رغم مضايقاتها.
لكن المشكلة أن جزءا كبيرا من وزني المفقود عاد مباشرة بعد أن توقفت عن هذه الطريقة في التخسيس أعتقد لأنني أساسا لم اتبع الإرشادات التي تكفل المحافظة على وزني التي ينصح بها واضعو هذا الرجيم.
ومن جانبي فإنني لم أستشر طبيبا قبل أو أثناء إتباعي للرجيم وإنما اكتفيت بسؤال عدة صديقات كن قد جربن نفس النظام ، وقد وجدت أن معظمهن امتدحه ولم تشك من أي متاعب صحية نتيجة له… وقد عرفت أن واضع النظام الكيميائي هذا هو أساسا دكتور وأعتقد يفهم في هذه الأمور.
ولذلك أنوي العودة لهذا الريجيم قريبا وفي كل مرة أشعر بأني أحتاج لإنقاص وزني.
ريجيم لبعض الوقت!
تلتقط نوره أطراف الحديث فتقول: عمري 23 سنة واعمل إدارية في إحدى المدارس الأهلية واصرف معظم راتبي الشهري المحدود أصلا على الثياب.
مشكلتي مع الملابس الجاهزة تكاد تكون مشكلة مشتركة بين من هن في عمري ووزني “67 كيلو جرام ” ، إذ من الصعب العثور على ما هو مناسب لي بسبب المقاسات الصغيرة للموديلات الجميلة والحديثة المستوردة من الخارج.
ولأني لا ألتزم بنظام غذائي متوازن طوال الوقت فإنني الجأ لعمل الريجيم لفترات محددة أتوقف بعدها عندما اصل للوزن الذي يناسبني.
وفي السنوات الماضية قد اتبعت عدة أنظمة منها الكيميائي لكني توقفت عنه بعدما بدأت اشعر بدوار وصداع دائم اكتشفت أنه كان نتيجة لضعف الدم الذي نتج عن إتباعي لهذا الرجيم.
كما شعرت بآلام شديدة عدة مرات في منطقة الخاصرة وخشيت معها أن تكون كلاي قد تأثرت.
وفي إحدى المرات اتبعت ريجيم يعرف بـ ” الأسبوع الواحد ” فنقص وزني بسببه حوالي 6 كيلو غرامات في أسبوع واحد فعلا.
مشكلة هذا الرجيم انه يشعرني بالملل في البداية وبصداع خفيف طوال اليومين الأولين من إتباعه. لكنه ذلك يستمر لأسبوع واحد فقط مما يجعله سهل الإتباع ويمكن تحمله.
ومن عيوبه الأخرى أنني أستعيد الوزن الذي فقدته بسهولة عندما أتوقف عنه وأعود لتناول الطعام حسب أسلوبي المعتاد قبل الرجيم.
كما اتبعت رجيم يعرف بـ ” مشروبات البروتين الجاهزة ” التي تستغني معها عن وجبتين يوميا وتأكل وجبة متوازنة في العشاء.
هذا الرجيم أشعرني بالتوتر والجوع ومكلف ماديا بخاصة إذا أردت إتباعه لشهر أو أكثر.
والحقيقة أنني في كل هذه التجارب لم استشر أي طبيب متخصص قبل الشروع بأي ريجيم من تلك التي حدثتكم عنها وأيضا التي لم أذكرها..
وحاليا أحاول السير يوميا لمدة نصف ساعة تقريبا .
سخرية واستهزاء
طارق يقول: أعاني من زيادة الوزن منذ الطفولة ، وزادت المشكلة في سن المراهقة.عمري الآن 25 سنة ووزني – بعد اتباع عدة أنظمة غذائية لإنقاصه- حوالي 78 كيلوجرام .
بينما كان وزني حتى المرحلة المتوسطة حوالي 98 كيلو جرام..كنت محط سخرية زملائي في الدراسة وحتى المرحلة الجامعية ، ما دفعني لتجربة عدة أنظمة غذائية مختلفة على مراحل إلا أنها للأسف فشلت لأسباب لا أعرفها.
ورغم تأكدي من أن السمنة مضرة صحيا ، إلا أننا للأسف في المجتمع لا نتعامل معها على أنها مرض بل نحكم على البدين بالغباء والفشل وبالشراهة وننسى أن هذا كله قد يدفع بمثل هذا الشخص لتناول المزيد من الطعام للتعويض أو التخفيف من الشعور بالإحباط وتقصان الثقة بالنفس.
وبالنسبة لي فقد تأزمت نفسيا قبل سنة تقريبا لأني وبصراحة رفضت من قبل إحدى العائلات التي تقدمت لخطبة ابنتهم بسبب زيادة وزنى.
وفي النهاية أقنعت والدي بحاجتي للسفر إلى إحدى الدول الأوروبية التي تنتشر فيها مصحات تتخصص في مساعدة من هم مثلي في إنقاص الوزن عندما أخبرني الطبيب أني معرض للإصابة بمرض السكر والقلب إن لم أتخلص من الوزن الزائد.
وفي إحدى المصحات تعلمت كيفية تطبيق نظام غذائي بشكل سليم يكفل لي الرشاقة ولا يؤثر سلبا على صحتي.
ورغم أن نظامهم كان ممل أحيانا ومرهق بسبب البرامج الرياضية التي كان علينا أتباعها لكنني سعدت جدا عندما بدأت ألاحظ انخفاض وزني.
طبعا كان هذا كله سهل هناك إذ لم تكن المغريات متوفرة كما هي هنا لهذا استعدت للأسف الوزن المفقود بعد عدة أسابيع من عودتي.
ومنذ شهرين تقريبا اتبع نظام غذائي تحت إشراف أحد المتخصصين في العيادات الخاصة.وقد فقدت من وزني ما يقارب 6 كيلو غرام . وسجلت منذ أسبوع في نادى رياضي وأشعر بتحسن كبير في نشاطي وفي وزني.
وحاليا لا أحاول أن أعوض بالأكل الزائد عن شعوري الداخلي بالضيق وإنما اذهب للمشي أو للنادي حيث تعطيني الرياضة شعورا جميلا باني افعل الشيء الصحيح والمفيد.
إغراء حبوب الشهية!
مراد (23سنة) يقول ضاحكا: وزني الآن حوالي 75 كيلو غرام واكذب عليك لو قلت أني لا أشعر باني بدين بخاصة في منطقة البطن.
واعتقد باني أحتاج لرجيم يكفل لي على الأقل عدم زيادة وزني أكثر. فلا أجد صعوبة في مسالة الثياب لأني كما ترون اعتمد على الثوب السعودي وهو لا يفضح مثل اللباس الإفرنجي.
لكني وجدت الأمر محرجا قبل سنة تقريبا عندما قررت السفر إلى لندن لزيارة شقيقي الذي يدرس هناك ، حيث فاجأني عند وصولي للمطار النحافة التي كان عليها شقيقي الذي كان أكثر مني بدانة قبل سفره.
وهناك عرفت أن آخي انقص وزنه من خلال حبوب الشهية المتوفرة في الصيدليات بكثرة ، وقد أغراني الشكل الجديد والرشيق الذي وجدت شقيقي عليه فجربت تلك الحبوب. إلا أني اضطررت للتوقف عن تعاطيها بسبب العصبية والتوتر التي سببته لي وكذلك الخفقان والشعور بالاختناق مع اقل حركة.
وبمرور الوقت فقدت شهيتي ومعها مالا يقل عن 7 كيلوجرام من وزني في غضون أسبوعين لكني لاحظت تهدلا واضحا في بشرة وجهي وضمور عضلاتي قليلا مع أني لست رياضيا أصلا.
وعندما عدت إلى هنا قررت تعديل نظامي الغذائي بدون استشارة طبيب ، فبدأت منذ شهور بالسير لمدة ساعة على الأقل أقطع خلالها 2 كيلومتر على الأقل بعد وجبة العشاء بساعة. وقللت من شرب السوائل الغازية واستعضت عنها بالمشروبات المخصصة للريجيم.
المشكلة أن الحياة الاجتماعية السائدة تجعل من الصعب الالتزام برجيم صحي، فنحن ندعى أو ندعو لوليمة مفطح وغوزي مرة أسبوعيا على الأقل. وعليك أن تأكل وبكميات قد لا تحتاجها حتى في الوجبات العادية . كما تصر الوالدة على دفع كل أنواع النشويات والحلويات في معدتي ومعدة أفراد العائلة كدليل على الاهتمام والتدليل وأي اعتراض يقابله عتاب منها لا نقوى عليه.
مشكلة شوربة الملفوف
خليل الباقي يؤكد على ما قاله صديقه مراد فيقول: على الرغم من أن والدي يتبع نظاما غذائيا خاصا بسبب عملية القلب التي أجراها منذ سنتين وتأكيد الأطباء على حاجته للرجيم للمحافظة على صحته إلا أن الوالدة هداها الله تدفعنا لتناول أطعمة هي السبب في هذا الكرش الذي أحمله والذي صار محط استهزاء أصدقائي منذ سنوات.فمعظم أنواع الأطباق التي نتناولها تحتوى على نشويات بكميات كبيرة ولحوم حمراء.
وقد حاولت في رمضان الماضي إقناع والدتنا باستبدال اللحوم المفرومة التي نشتريها بأنواع تقل فيها نسبة الدهون الحيوانية لكنها رفضت بشكل قاطع متعللة بأن هذه لا مذاق فيها ويفسد طعم الأطباق التي تعودت عليها.
ومنذ أسبوعين تقريبا بدأت بإتباع نظام ” ريجيم شوربة الملفوف” ولكني أشعر بالقرف منه لأنه يسبب الغازات لكني سأستمر عليه لشعوري بتقلص الكرش قليلا.
ولمن يريد الاستزادة فإن هذا النظام يتكون من شوربة تعد بطريقة معينة تأكل منها أي كمية تريد وقتما تشعر بالجوع .
يهمني المظهر الرشيق!
“أروى” تعترض على مثل هذه الأنظمة الغذائية وتتهمها بأنها غير فعالة في إنقاص الوزن فتقول:
نحن الفتيات يهمنا المظهر الرشيق والنحافة ومستعدات لفعل كل شيء لأجل البقاء على أوزاننا منخفضة إلى أقل درجة ممكنة.
الكل حولنا يشتكي من الوزن الزائد ومن السهل الاستسلام للطعام الوفير وأنواعه الدسمة والركون للكسل وعدم ممارسة الرياضة. ومع ذلك فلا تكاد تخلو جلسة بين النساء والفتيات ولا يأتي على ذكر الرجيم والسمنة لهذا نحن مهووسون بالرجيم.
وقد قمت شخصيا بتجربة عدة أنظمة لكنها بعد التوقف عنه يعود الوزن لسابق عهده.
وفي النهاية قررت اتباع طريقة نتناول الحبوب المسهلة والتقيؤ بعد تناول ما نريد من طعام. وطبعا أهلنا لا يعلمون عن هذه الطريقة التي نتبعها سرا. حتى أن إحدى الصديقات التي تفعل ذلك باستمرار نقلت للمستشفى مؤخرا بسبب حالة الهزال المرضية التي وصلت لها وهى تخضع الآن لنظام خاص حتى تستعيد قوتها. وقد تعلمت من حالتها أن أبتعد عن التشدد والمبالغة في أي نظام للتخسيس.
كما أعرف زميلات كثيرات في الجامعة يفعلن ما نفعل لكننا لا نملك أي حيلة أخرى نصل من خلالها للنحافة المنشودة وفى نفس الوقت لا نحرم أنفسنا من الأطعمة التي نحبها.
وفي النهاية ترى عزيزي أن النحافة وفقدان الوزن الزائد صارت هاجس اجتماعي لا يمكن التغاضي عنه ما يتطلب التعامل معه على انه مرض يمكن معالجته بالأسلوب الصحي حسب إرشادات ومتابعة الأطباء حتى نقدم صحتنا أو حياتنا ثمنا لها ولا نموت لأجل النحافة.