أمراض المعى الالتهابية Inflammatory Bowel Diseases
أهم أشكال أمراض المعى الالتهابية هما مرض كرون Crohn’s Disease، والتهاب القولون التقرحي Ulcerative Colitis وهما حالتان مرضيتان مختلفتان ولكنهما يشتركان في بعض الأعراض السريرية (الإكلينيكية) كما في جدول (8). فكلا الحالتين لهما الخاصية الالتهابية نتيجة الاستجابة المناعية المفرطة في أنسجة الأمعاء. ومع عدم معرفة الأسباب الحقيقية لظهور هذه الأمراض، فهناك مجموعة من العوامل الوراثية والبيئية التي تساعد في تطور هذه الأمراض. وغالبًا ما تظهر الحالات في الأفراد ما بين 15 إلى 30 سنة من العمر.
____________________________
ويمكن أن يظهر مرض كرون Crohn’s Disease في أي جزء من القناة الهضمية، ولكن معظم الحالات تظهر في منطقة اللفائفي() Ileum، والقولون Colon، حيث تحدث الإصابة في منطقة اللفائفي لحوالي 35%، وحوالي 45% في منطقة اللفائفي والقولون معًا، وحوالي 20% في منطقة القولون فقط. وقد يحدث التلف في مساحة صغيرة أو مناطق عديدة تتخللها مناطق سليمة من الأنسجة. وتغمر الالتهابات في عمق الأنسجة محدثة تقرحات وشقوقًا وفي بعض الأحيان الناسور (Fissures. وأهم أعراض مرض كرون هو الإسهال، وآلام في البطن ، وانخفاض الوزن.
أما التهاب القولون التقرحي Ulcerative Colitis فيصيب دائماً منطقة المستقيم ( ) Rectum، وعادة ما تمتد إلى القولون وتستمر الالتهابات في القولون حتى تصل إلى منطقة تكون بعدها الأنسجة سليمة ( ). وتظهر التقرحات في الأنسجة المخاطية وتحت المخاطية. وأهم الأعراض هي الإسهال ، والنزيف من المستقيم، وآلام في البطن عند ظهور الحالة العرضية.
مضاعفات أمراض المعى الالتهابية
ومع وجود تشابه في أعراض مرض كرون والتهاب القولون التقرحي، فإن هناك اختلافًا في المضاعفات المصاحبة لكل مرض. فمرض كرون يشمل عادة الأمعاء الدقيقة وبالتالي يقلل من امتصاص المغذيات، في حين يصيب التهاب القولون التقرحي منطقة القولون والتي تخطت منطقة الامتصاص للمغذيات، وكلاهما يحدثان فقدان للمغذيات نتيجة تلف الأنسجة ، والنزيف ، والإسهال.
ويؤدي مرض كرون إلى ظهور ندبات من الأنسجة الليفية والتي تعمل على زيادة سماكة وصلابة جدران المناطق المصابة مع ضيق قطر الأمعاء مما يؤدي إلى إعاقة مرور الطعام، ويؤدي هذا الضيق إلى ظهور آلام شديدة بعد عدة ساعات من تناول الطعام، وزيادة خطورة النمو المفرط للبكتيريا ، وظهور أعراض سوء التغذية نتيجة قلة المتناول من الأطعمة وسوء الامتصاص. ويؤدي انتشار المرض في اللفائفي إلى التعارض مع إعادة امتصاص أحماض المرارة Bile Acids من خلال الدوران المعوي الكبدي (1) Enterohepatic Circulation مما يقلل من نسبة أحماض المرارة في الكبد وبالتالي إلى سوء امتصاص الدهون ، والفيتامينات الذائبة في الدهون ، والكالسيوم ، والمغنيزيوم ، والزنك. كما يحدث أيضاً عوز لفيتامين (ب12B12 (. ويؤدي عدم إعادة امتصاص أحماض المرارة في اللفائفي إلى تهيج أنسجة القولون وزيادة إفراز الماء والإلكتروليتات. ويمكن أن يحدث فقر الدم من النزيف ، وكذلك التأثير المزمن للمرض. ويعاني المرضى من خطورة كبيرة لحدوث سرطان الأمعاء. ويحتاج مابين 60% إلى 70% من المرضى إلى التدخل الجراحي لاستئصال الجزء المصاب من الأمعاء، ومع ذلك في أحوال كثيرة يظهر المرض مرة أخرى.
قد يصيب التهاب القولون التقرحي منطقة المستقيم فقط، أو قد يصيب القولون كاملاً، وعادة ما يحدث زيادة سريعة في حركة المعى مع ضعف في قوتها. وغالباً ما يخرج دم ومخاط مع براز المريض. ومع أن الحالات البسيطة من المرض تكون قليلة المضاعفات إلا أن الغالبية تفقد الوزن، ويحدث ارتفاع في درجة الحرارة ، مع شعور بالضعف العام. وعندما تكون الإصابة متوسطة إلى شديدة فغالبًا ما يعاني المريض من فقر الدم نتيجة الفقدان ، والجفاف ، وعدم اتزان للإلكتروليتات ، وربما فقدان للبروتين نتيجة التهابات الأنسجة. ويزيد بشدة التهاب القولون التقرحي من خطورة الإصابة بسرطان القولون.
النظام الغذائي والتوصيات الغذائية
يعتمد النظام الغذائي والتوصيات الغذائية للمرضى الذين يعانون من مرض كرون Crohn’s Disease على ظهور أعراض ومضاعفات المرض. فبعض المرضى يمكنهم الحصول على احتياجاتهم الغذائية من الأطعمة التقليدية دون مكملات غذائية، في حين يحتاج البعض الآخر إلى حميات غذائية عالية السعرات الحرارية وكذلك البروتين وذلك للمساعدة على الوقاية أو العلاج من سوء التغذية. ويساعد تناول المكملات الغذائية السائلة مع الأطعمة التقليدية في زيادة الطاقة المتناولة مما يحسن من الوزن في حالة انخفاضه. وقد تكون التغذية الأنبوبية هي الطريقة الوحيدة لتغذية المريض وإمداده بالاحتياجات الغذائية. ويسهل على المريض تحمل تركيبات الوجبات الغذائية الأولية Elemental Formula Diets. وفي حالة الالتهابات الشديدة يؤدي تناول الطعام عن طريق الفم إلى زيادة الأعراض. وقد يفيد بعض المرضى تجنب الأطعمة عالية الألياف، وكذلك المحتوية على سكر اللبن (اللاكتوز Lactose). ويوصي بتناول وجبات منخفضة الألياف للمرضى الذين يعانون من انسداد جزئي في الأمعاء. وبصورة عامة يوصى بتناول مكملات غذائية من الفيتامينات ، والمعادن وخصوصًا في حالة سوء الامتصاص. ويوضح أمثلة لبعض التعديلات الغذائية لتخفيف أو معالجة بعض الأعراض والمضاعفات.
ويحتاج معظم مرضى التهاب القولون التقرحي Ulcerative Colitis إلى تعديل وتنظيم غذائي. بحيث يتم التركيز على تعويض الفاقد من السوائل والإلكتروليتات، وكذلك تعويض العوز الناتج من فقدان البروتين والدم. وقد تقلل الوجبات المنخفضة في الألياف من التهيج من خلال انخفاض حجم الكتلة البرازية. ويؤدي تجنب تناول الأطعمة عن طريق الجهاز الهضمي خلال حدة أعراض المرض إلى راحة الأمعاء. وكما يحدث في مرض كرون فإنه يمكن إجراء بعض التعديلات الغذائية لتخفيف أو علاج الأعراض أو المضاعفات المختلفة ().
وغالبًا ما يفقد مرضى التهاب القولون التقرحي خلال الحالات العرضية الحادة كمية كبيرة من السوائل ، والإلكتروليتات ، وكذلك بروتين الأنسجة مما يؤدي إلى فقدان للوزن. وقد تحتاج هذه الحالات تعويض السوائل، والإلكتروليتات عن طريق الحقن بالوريد. وغالبًا ما يمنع تناول الأطعمة عن طريق الفم أو قد تنحصرعلى الوجبات السائلة الرائقة Clear Liquid Diets بالإضافة إلى التغذية الوريدية. وقد يحتاج المرضى الذين تسوء حالتهم حتى بعد العلاج الدوائي إلى إزالة القولون Colectomy.
إرشادات عامة
- تجنب الأغذية التي تسبب الإزعاج للمريض ، وهي تختلف من شخص لآخر.
- إكساب المريض المهارة الكافية في التعامل مع الضغوط النفسية والعصبية التي قد تواجهه خلال حياته اليومية لتحسين حالته النفسية، حيث لا يشفى العلاج الغذائي المرض ولكن يساعد المريض مع العلاج الدوائي على تحسن حالته المرضية ، وقد تحتاج الحالة إلى التدخل الجراحي.
- يجب تفادي المضاعفات الصحية على جسم المريض من الاضطرابات الغذائية كالغثيان ، وفقدان الشهية للطعام ، وغيرها والتي تظهر نتيجة استعمال بعض الأدوية في علاج هذه الحالة المرضية.
- يجب تقليل كمية الصوديوم في الطعام للمرضى الذين يستعملون مركبات الستيروئيدات القشرية Corticosteroids في علاج الالتهابات، حيث تعمل هذه المركبات على الاحتفاظ بالصوديوم والماء في الجسم.