يعتبر مشروب الشاي في الصين من “الأطعمة الوظيفية” لعدة قرون مضت. ومن بين الأساطير التي تدور حول أهمية الشاي أسطورة الإمبراطور الصيني شين ننج الذي كان يعيش عام 2700 قبل الميلاد. حيث يحكى أن هذا الإمبراطور لم يلاحظ أن بعض أوراق الشاي قد سقطت من الشجرة في الإناء أثناء غليّ قدر من المياه لتسكين ألام المعدة نتيجة الإفراط في تناول الطعام وقت العشاء. وبعدما تناول الإمبراطور هذا الشراب وجد أنه ليس فقط ذو طعم لذيذ ولكنه أدى أيضاً إلى اختفاء آلام المعدة التي كان يعاني منها تلقائياً، وقد أوضح هذا ولأول مرة النتائج الصحية المفيدة للشاي
ويعتبر الشاي ومكوناته أيضاً من مضادات الأكسدة الممتازة نظراً لتأثيرهـا الايجابي على صحـة الأوعية الدموية كما أثبتت الدراسات الوبائية، والمقطعية وكذا الدراسات الشاملة تأثيرتناول الشاي واستهلاكه على حالات الإصابة بالسرطان لدى الإنسان
ومن المعروف أن الشاي يُصنعّ على شكل ثلاث صور وهي: الشاي غير المتخمر أو الشاي الأخضر ، والشاي المتخمر أو الشاي الأسود، والشاي المتخمر جزئياً أو ما يطلق عليه شاي الأوولنج. ويتم إنتاج حوالي 20% فقط من الشاي الأخضر من المجموع الكلي، وأكثر من 2% من نوع الأوولنج. ويتناول الصينيون بالدرجة الأولى الشاي الأخضر وكذلك اليابانيون وبلدان قليلة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط.
مكونات الشاي
يُحضَّر الشاي من أوراق وبراعم أوراق نبات Camillia sinensis. الذي ينتمي إلى العائلة الكاميلية. ويُزرع الشاي في الهند ، وسيريلانكا ، وشرق إفريقيا وكذلك في كل من موريشيوس ، والصين ، واليابان.
ومن الخصائص التي تتفرّد بها أوراق الشاي أنها تحتوي على كميات على درجة من الأهمية من
عديد الفينول والذي يُسمى الفلافونويدات. وهذه المادة الأخيرة هي مجموعة شائعة ومعروفة وتوجد أيضاً بوفرة في غذاء الإنسان. ومن المحتمل أن هذه الأصباغ تطورت لتقي النباتات من الحشرات والأمراض. حيث يُشار إليها في بعض الأحيان بعبارة أكثر قبولاً وهي المركبات الكيميائية النباتية، والتي تعني ببساطة مكونات وعناصر كيميائية نشطه من الناحية البيولوجية في النباتات.
وتعزو الآثار والنتائج الصحية للشاي الأخضر إلى المكونات العديدة لعديد الفينول الذي يشكل 30% من مستخلص الأوراق المجففة. وتحتوي هذه المركبات على الفلافونولات ، والفلافونديول ، والفلافونويدات، ومع ذلك، فإن معظم عديد الفينولات الموجودة بالشاي الأخضر هو أحادي الفلافن -3- أول وهو ما يعرف باسم الكاتيكين. وعادة ما يكون هناك أربع أنواع من الكاتيكين بالشاي الأخضر، حيث يوجد ملح حمض الجاليك لمادة إبيجالوكاتيكين بصورة سائدة مكوناً أكثر من 50% من مادة الكاتيكين الكلية. وقد أظهر ملح حمض الجاليك الموجود في مادة إبيجالوكاتيكين الفاعلية الأكثر للأنواع المختلفة وقـد عُرفت الأنواع الأخـرى بأنها أقل وفـرة، وأقل نشاطاً من الناحية الطبية الدوائية.
الأكثرية من حصاد الشاي عالمياً يتم معالجته إلى الشاي الأسود، كما أن معالجة أوراق الشاي الطازجة ترتبط بالتغيرات والتعديلات الهامة لمركبات الفلافونويدات. ويحتوي الشاي الأسود على ثلث مستوى مادة الكاتيكين الموجودة في الشاي الأخضر نتيجة تكثيف الكاتيكين عديد الفينول بواسطة الأوكسيديز الموجود في الأوراق الطازجة. ولا يحدث التكثيف الإنزيمي لمادة الكاتيكين أثناء معالجة الشاي الأخضر. كما أن النشاط المؤكسد لعديد الفينول يثبط بفعل المعالجة الحرارية لأوراق الشاي الطازجة وذلك عقب تجمعيه مباشرة، ثم يتم بعد ذلك تقطيعه ليصبح جاهزاً للاستعمال.
يحتوي كلاً من الشاي الأخضر والأسود على مقدار 200 ميليجرام تقريباً من الفلافونويدات الكلية لكل كوب. ويعتمد هذا المقدار بدرجة كبيرة على وقت النقع ومقدار كلاً من الشاي والمياه المستخدمة. علاوة على ذلك فإن كلاً من الشاي الأخضر والأسود يحتويان على مقدار 50 ميليجرام من الكافئين لكل كوب (أي حوالي نصف الكمية الموجودة بالقهوة). ويوجد فيتامين ج (C) في أوراق الشاي الأخضر بمقدار مناسب وكذلك في الشاي الأخضر ولكن في الغالب ينعدم وجود فيتامين ج (C) تماماً في الشاي الأسود وذلك نتيجة لمعالجته.
الشاي وأمراض الأوعية القلبية
أظهرت دراسة على أتراب من النرويجيون أن الخطورة الناتجة عن الوفاة بسبب الإصابة بأمراض القلب التاجية هي أقل بنسبة 36% لدى الرجال الذين يتناولون أكثر من كوب من الشاي يومياً مقارنة بالرجال الذين لا يستهلكون الشاي على الإطلاق. ويعتبر هذا الاختلاف غير معنوي إحصائياً، وهذا التأثير يكون مستقلاً عن العوامل الخطرة لأمراض القلب. وفي نفس الدراسة المذكورة آنفاً ثبت أن تناول الشاي يرتبط بانخفاض حالات الجلطة. كذلك فإن الشاي ومكونات الشاي يمتلكان خصائص مضادات الأكسدة الفعّالة وقد تمثل وقاية من الإصابة بأمـراض الأوعية القلبية من خلال عدد من الآليات والتي منها منع أكسدة الشحوم البروتينية منخفضة الكثافة .
مركبات الفلافونويدات تعمل على إعاقة أو تثبيط تكدس الصفائح الدموية المخبرية، كما يعمل على منع التخثر في الشريان التاجي أثناء إجراء التجارب المعملية على الكلاب. ومن المعروف أن المعطيات والبيانات التجريبية وتأثير الشاي على نشاط الصفائح الدموية لدى الإنسان محدود في الوقت الحالي ولابد أن يلقى اهتماماً في الأعمال التجريبية المستقبلية.
الشاي والسرطان
تشير البيانات الوبائية والمخبرية إلى أن تناول الشاي الأخضر قد يقلل من حدوث العديد من أنواع السرطان.
ولقد أظهرت الفحوصات فيما يختص بأنواع التحاليل البيولوجية لأنواع مختلفة من الأورام لدى الحيوان، أن تعاطي الشاي الأخضر خاصة جزيئات عديدة الفينول وملح حمض الجاليك الموجودة في مادة الإريبيل جالوكاتيكين، المعزولة من أوراق الشاي الأخـضر، يعـطي وقـاية ضد السرطان المحفز كيميائياً. ويلاحظ أن منتج TEAVIGOTm الذي ينتج بواسطة الشركة الغذائية DSM، يحتوي على 90% من ملح حمض الجاليك الموجود في مادة الإيبجالوكاتيكين.
ويعمل الشاي الأخضر على تثبيط الأورام الناتجة من التأثير الكيميائي في سرطان الأمعاء الغليظة، ومقدمة أعلى المعدة ، والكبد ، والرئة ، والأنسجة الثديية لدى الحيوانات
وقد أثبتت دراسات الحالة والشاهد مزايا استهلاك وتناول الشاي الأخضر فيما يتعلق بالإصـابة بسرطان الثدي ، والقولون ، والمستقـيم ، والبنكـرياس ، والمعـدة ، والمبيض والرئة (بالنسبة للسيدات غير المدخنات)
الاستنتاج
يظهر عديد الفينول المتوفر في الشاي دور مضادات الأكسدة الفعّالة والتخلص من الجذور الحرة، هذا بالإضافة إلى الدور الخاص بمضادات الميكروبات الذي يرجع إلى خصائص الارتباط بالبروتين لعديد الفينول الموجود في الشاي.
كما يتميز عديد الفينول الموجود في الشاي على تثبيط فيروس الأنفلونزا داخل خلايا الكلي عند إجراء تجـارب معملية على الكلاب ().
وهناك مزايا عديدة لعديد الفينول بالشاي فيما يتعلق بصحة الفم والأسنان (). وقد ثبت بصورة منفصلة تماماً أن مادة الكاتيكين الموجودة في الشـاي تتعـارض مع بكتيريا الهليكوباكتر بالورة بالمعدة ()، وألفا-الأميليز ()، أو الشحوم () الموجودة بالأمعاء الدقيقة والكـائنات الحية الدقيقة الطبيعية القاطنة بالأمعاء الغليظة بطرق ووسائل منفصلة لكل منهم على صحة القناة الهضمية.