تشهد زراعة البن في المملكة نموًا ملحوظًا وفق خطط مدروسة تستهدف تطوير المحاصيل ذات الميز النسبية واستغلال المياه المتجددة؛ ودعم المحاصيل ذات العائد الاقتصادي المرتفع، ومنها البن أو ما يسمى بـ “الذهب الأخضر”، وذلك ضمن عدة جهود مبذولة منها اعتماد تسمية عام 2022م عاماً للقهوة السعودية، وأخرها صدور موافقة مجلس الوزراء على انضمام المملكة إلى اتفاقية البن الدولية.
وتعد المملكة من أكثر 10 دول حول العالم استهلاكًا للبن بما يتجاوز 80 ألف طن سنويًا؛ لارتفاع معدل استهلاك الفرد للقهوة، حيث تقدر الكميات المستوردة للأسواق السعودية من البن ما بين 70 – 90 ألف طن سنويًا، فيما يبلغ معدل إنفاق السعوديين على إعداد القهوة أكثر من مليار ريال، مما يعزز العمل بشكل كبير على إكثار زراعة البن، وهو ما تعمل عليه وزارة البيئة والمياه والزراعة؛ لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الناتج المحلي مستقبلًا، ورفع الناتج المحلي غير النفطي.
وفي هذا الإطار، تكثف الوزارة جهودها لتطوير القطاع الزراعي؛ وتعزيز إنتاج محصول البن في المدرجات الزراعية عبر إنشاء 60 مزرعة نموذجية للبن؛ لتعزيز الأمن الغذائي في المناطق الريفية، وزيادة الإنتاج الزراعي، والاستفادة من مصادر المياه المتجددة، لتحقيق أفضل عوائد ربحية للمزارعين.
وبحسب الدراسات الحديثة، فإن المملكة تشهد نموًا سنويًا لاستهلاك القهوة بنحو 4% للفترة بين عامي 2016 – 2021م، فيما تشير تلك الدراسات إلى أنه من المتوقع أن ينمو القطاع بنسبة 5% خلال السنوات المقبلة، ليصل إلى 28700 طنًا بنهاية عام 2026، مما يتيح ويخلق فرصًا استثمارية جاذبة بالقطاع.
لذا، تسعى الوزارة إلى جعل 13 محافظة في الجزء الجنوبي الغربي من المملكة مصدرًا مهمًا لإنتاج البن، خصوصًا البن الخولاني الذي يمتاز بالجودة عن بقية الأنواع، ورفع نسبة إنتاج البن في المملكة دعمًا للاقتصاد الوطني وفق مستهدفات رؤية 2030.
ووفقًا لآخر الإحصائيات، فقد بلغ الناتج المحلي من البن العربي في المحافظات الجبلية بمناطق جازان والباحة وعسير 1810 أطنان سنويًا، ونحو 350 طنًا من البن الصافي بعد التقشير، كما بلغ عدد مزارع البن فيها 2535 مزرعة، واحتوت على ما يقارب الـ400 ألف شجرة بن ، فيما يبلغ عدد مزارع البن في منطقة جازان أكثر من 1985 مزرعة تحتوي على 340 ألف شجرة بن في محافظات القطاع الجبلي الدائر، وفيفاء، والعيدابي، وهروب، والرّيث، والعارضة، تنتج نحو 1320 طنًا سنويًا، و 785 طنًا من البن الصافي بعد التقشير، وتحتضن مهرجانًا سنويًا لتسويق منتجاته، وتأتي بعدها، مزارع البن في المحافظات الجبلية بمنطقة عسير، وتنتج أكثر من 300 مزرعة تضم 40 ألف شجرة 200 طن من البن، و100 طن من البن الصافي بعد التقشير، ثم مزارع البن بمنطقة الباحة حيث بلغ إنتاج البن 40 طناً وكمية البن الصافي بعد التقشير 20 طنًا لأكثر من 250 مزرعة للبن ضمت 18 ألف شجرة بن.
ولتعزيز الخطوات الرامية لتطوير قطاع البن في المملكة فقد أنشأت وزارة البيئة والمياه والزراعة وحدة أبحاث للبن، بمركز الأبحاث الزراعية في منطقة جازان، بهدف القرب من مُزارعي البن والوقوف على أبرز معوقات زراعته، وتقديم الحلول والمعلومات المتكاملة لتطوير المنتج، من خلال عقد ندوات علمية يتم التعريف بكيفية زراعة البن وضرورة توفير المياه والسماد والمكان الملائم لينتج بجودة عالية، كما تم توقيع اتفاقية بين المملكة والصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) 2018م للمساعدة التقنية مستردة التكاليف لتحسين سلالة البن.
كما قدمت الوزارة الدعم لتعزيز إنتاج البن في مناطق جازان والباحة وعسير جنوب غرب المملكة، وأطلقت برنامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة وجعلت من أهم مستهدفاته تطوير زراعة البن وتنميتها، ودعمت 30 ألف مزارع دعمًا غير مسترد، حيث يدعم “ريف السعودية” زراعة البن العربي بالمملكة بعدة مبادرات بلغ مجموعها 9 مبادرات داعمة لقطاع البن بالمملكة.