الرقبة هي أكثر أجزاء العمود الفقري حركة، فهي تحمل 15٪ من وزن الجسم، ومع ذلك فإنها ليست محمية كالفقرات الصدرية المثبتة بالضلوع، لذا فهي أكثر تعرضًا للألم والإصابة.
السؤال الذي يتردد دائمًا لماذا نعاني من آلام الرقبة في الصبح بعد نوم هادئ؟
عادات مضرة
يرجع السبب في ذلك إلى عادات خاطئة كالنوم على البطن أو على وسادة لا تحافظ على الانحناء الطبيعي للرقبة في وضع جيد، أو النوم على مجموعة من الوسائد العالية.
كل هذه الأخطاء تؤدي إلى جعل الرقبة في وضع غير متزن، ونتيجة لذلك تعمل عضلات الرقبة أثناء الليل لتثبيت ومنع عدم اتزان فقراتها.
في أثناء الليل أيضًا يزيد المحتوى المائي للغضاريف نتيجة امتصاصها للسوائل من حولها مع ضعف الجاذبية الأرضية في وضع النوم مما قد يؤدي إلى الإحساس ببعض التيبس في الصباح، ولذا يجب توخي الحذر وعدم أداء ما يجهد العمود الفقري بمجرد القيام من النوم.
ومن الضروري أن يكون وضع النوم والوسادة والفراش (المرتبة) قادرًا على الحفاظ على الوضع الصحيح للرقبة والعمود الفقري أثناء النوم.
أسباب الآلام
تنتج آلام الرقبة بشكل عام عن الإجهاد المستمر للرقبة والجلوس الخاطئ المستمر لفترات طويلة على المكتب أو أمام أجهزة الكمبيوتر أو قيادة السيارة لمسافات طويلة.
وقد ينتج ألم الرقبة عن خشونة الفقرات العنقية كنتيجة طبيعية لتقدم السن أو حمل أشياء ثقيلة، ومع بعض الرياضات مثل ركوب الخيل.
ولكن بماذا يشعر مريض آلام الرقبة؟
يشعر بألم الرقبة وتيبس وتصلب بعضلاتها، وقد تزيد هذه الأعراض مع العمل الطويل في وضع الجلوس أو الوقوف، وقد يسمع المريض صوت احتكاك أو «طرقعة» مع حركة الرقبة، وقد يشعر بالصداع والدوار.
ومع الضغط على جذور الأعصاب بالفقرات العنقية قد يشعر المريض بالتنميل أو الألم أو الضعف في عضلات الذراعين واليدين والأصابع وفي الأحوال الشديدة في الساقين.
الرقبة الطبية
يضطر المريض أحيانًا إلى استخدامها لبعض الوقت لتدعم الرقبة وتقلل من الضغوط على جذور الأعصاب وإثارتها، ولكن يجب الأخذ في الاعتبار أن الاستخدام الطويل للرقبة الطبية يمكن أن يضعف عضلاتها.
وفي حالات الألم الحادة وتقلص عضلات الرقبة، يمكن عمل رقبة طبية بطريقة يدوية عن طريق لف قطعة من ورق الكرتون بشكل أسطواني حول الرقبة بعد لفها في فوطة ولصق الأطراف بشريط لاصق، أو عن طريق لف مجموعة من الجرائد بطول الرقبة ولفها حولها بشكل أسطواني ولصقها بشريط لاصق، وتفيد هذه الطريقة عندما يكون هناك تقلص عارض يسبب آلامًا رهيبة مع كل حركة بسيطة للرقبة.
توصيات مهمة لمرضى آلام الرقبة
– تجنب الجلوس لفترة طويلة، خصوصًا مع تثبيت وضع الرقبة في اتجاه واحد، مثل القراءة أو الكتابة أو مشاهدة التلفزيون، وإذا كان ضروريًا، فاعتدل واسترح كل 15 دقيقة على الأقل، وقم بعمل تمرينات خفيفة.
– حافظ على وضع رأسك مستقيمًا أثناء الجلوس، وأن يكون طول المكتب أو المنضدة التي تعمل عليها مناسبًا بحيث تمنع انحناء رقبتك عليها، وأن يكون المكتب قريبًا منك.
– يمكن وضع قاعدة خشبية مائلة صغيرة على المكتب لتساعد على القراءة أو الكتابة بدون انحناء الرقبة بحيث يكون ما تكتب أو تقرؤه في مستوى النظر.
– الوضع الأمثل للعمل على الكمبيوتر يكون بوضع الشاشة بحيث يكون مركزها في مستوى أنف الشخص الجالس أمامها، وتوضع لوحة المفاتيح (الكيبوورد) بحيث تكون الأكتاف في وضع معتدل وغير مرفوعتين لأعلى، ويكون الكوع مثنيًا بدرجة 90 (أي قائمًا)، ويكون المعصم مسترخيًا في وضع 30 درجة.
– الوضع الطبيعي للرأس أن تكون على استقامة واحدة مع العمود الفقري، بمعنى أنه عند النظر للشخص من الجانب تكون الأذن على خط واحد مع الكتف، وكلما زاد تحرك الرقبة إلى الأمام من هذا الوضع زادت الضغوط على فقرات وعضلات الرقبة، فكل حركة للرأس للأمام بمقدار (2.5 سم) معناه زيادة الضغوط على فقرات الرقبة السفلى بمقدار وزن الرأس وهكذا، لذا يجب المحافظة على الرأس في وضع مستقيم دائمًا.
– تجنب وضع سماعة الهاتف أو المحمول (الجوال أو الموبايل) بين الكتف والرأس، لأن ذلك يؤدي إلى تحميل زائد على فقرات وأنسجة الرقبة.
– تجنب تعريض الرقبة لتيارات الهواء، وحاول تجنب التغيرات المفاجئة للجو كالانتقال من جو ساخن إلى التكييف البارد.
– يمكن استخدام وسادة تحت الذراعين، بحيث يستند الذراعان عليها من الإبطين إلى الكوعين أثناء القراءة لضمان وضع الكتاب في مستوى النظر بدون انحناء الرقبة ولتقليل التحميل الزائد على فقرات وأنسجة الرقبة وعلى الأكتاف، حيث ستحمل الوسادة عنك وزن الذراعين والكتاب، ويمكن استخدام هذه الطريقة أثناء عمل التريكو أو الحياكة.
– الجلوس على كرسي طويل مع مكتب قصير يضع الرقبة والظهر في وضع خاطئ.
– تجنب القراءة أو مشاهدة التلفاز وأنت مستلق على السرير، فهنا تكون رقبتك غالبًا في وضع سيئ.
– عندما تعاني من نوبة تقلص وألم عضلات الرقبة والأكتاف، يمكن وضع «قربة المياه الساخنة» وتحتها فوطة خفيفة على عضلات الرقبة والأكتاف لمدة 20 دقيقة، أو تعريض عضلات الرقبة والأكتاف لتيار المياه الساخنة من الدش، ولكن تجنب التعرض للتيارات الهوائية بعد ذلك مباشرة.
– تجنب النوم وأنت جالس أو أثناء ركوب السيارة.
– على مريض آلام الرقبة أن يتفادى حمل الأشياء الثقيلة أو دفع أو جذب الأشياء خصوصًا الثقيلة بقوة. وتجنب الأوضاع التي يضطر فيها إلى رفع رأسه لأعلى لفترة طويلة مثل أعمال دهان السقف أو التأمل في السماء.
– تجنب استخدام النظارات ثنائية البؤرة (أي نظر وقراءة معًا) للقراءة من على شاشة الكمبيوتر.
– أن يكون مقدار الضغوط داخل غضاريف الرقبة أقل أثناء النوم وأثناء الجلوس مع وضع معتدل للرقبة وتزيد مع انحناء الرقبة وتزيد أكثر من رجوع الرقبة للخلف ومن ثمَّ تجنب هذين الوضعين (الانحناء والرجوع بالرأس للخلف) قدر الإمكان لتجنب الضغوط، ومن ثمَّ الألم وتقلص العضلات.
– حاول النوم مع الاحتفاظ برأسك ورقبتك في وضع مستقيم بحيث لا تكون الوسائد عالية جدًا أو منخفضة جدًا سواء كان ذلك وأنت نائم على جانبك أو على ظهرك.
– تجنب استخدام وسادة صغيرة جدًا أو صلبة أو من النوع الذي يضغط بسهولة لأنها عديمة الفائدة.
وينبغي أن تكون الوسادة غير صلبة حتى لا تأخذ شكل رأسك وفي الوقت نفسه تملأ الفراغ بين السرير وبين رقبتك وعند النوم على جنبك.
وإذا كانا كتفاك عريضين استخدم مخدة عالية بحيث تملأ هذا الفراغ، وإذا كان كتفاك غير عريضين استخدم مخدة أصغر.
فما يحكم حجم الوسادة أن تجعل العمود الفقري للرقبة مستقيمًا مع باقي العمود الفقري، ويجب ملاحظة أن المخدة لا توضع تحت كتفيك، بل ما بين رقبتك وكتفيك.
د. عادل الجرواني – أخصائي علاج طبيعي