الصحة والغذاء

أخطاء المطاعم.. جهل أم سبق إصرار؟

من اللافت للانتباه أن الأغذية المطهوة بواسطة القلي والتحمير غالبًا ما تحظى بدرجة كبيرة من القبول والرضا من قبل المستهلك، خاصة من الشباب وصغار السن، بالإضافة للفئات العمرية الأخرى.

ولعل السبب الذي يجعل المستهلك يقبل على مثل هذه النوعية من الأغذية، فعادة ما يعود لنكهتها الجذابة ومظهرها ومذاقها الشهي، وأحيانًا رخص سعرها وسهولة الحصول عليها في كل الأوقات حتى في الهزيع الأخير من الليل.

ويحرص بعضهم أيضًا على تناول مثل تلك الأطعمة لقيمتها الغذائية العالية ومحتواها من البروتين الحيواني، وربما يفضلها الآباء لأبنائهم رضوخًا لرغباتهم، حيث بات أطفال اليوم لا يرغبون في تناول أكل المنزل الذي تعده لهم الأم أو الشغالة.

أصناف متعددة

تعد أصناف الأغذية المقلية والمحمرة كثيرة، فمنها النباتية أو الحيوانية الأصل مثل منتجات اللحوم (الأسماك، الدجاج، البقر، الضأن، الغنم) التي يتم تصنيعها في صورة برغر، هوت دوغز، ونقانق.

والأغذية البحرية (الربيان وأم الزمول)، والبقوليات (الفلافل أو الطعمية)، ومنتجات الحبوب (اللقيمات أو لقمة القاضي)، والكثير من المنتجات الآسيوية الصينية والفلبينية والإيرانية والهندية، وبعض أنواع الخبز.

وفي جميع هذه الأغذية عندما يتعرض الزيت للقلي لمرات متتالية عند درجات حرارة عالية تتغير خواصه وتتكون مواد كيميائية ضارة.

الحلقة الأضعف

وقد لاحظنا أن بعض أصحاب المطعم لا يعرف عادة ما إذا كان هذا الزيت قد تغيرت خواصه ويحتاج لتبديله أو متى يقوم بذلك، أو بعد كم مرة من الاستعمال المتكرر.

وبالتالي تعتبر المطاعم هي الحلقة الأضعف الأكثر عرضة في سلسلة تدهور زيوت القلي والتحمير.

وفي معظم الأحيان يكون الدافع المادي خصوصًا في الأماكن الصغيرة لتداول الأغذية هو الغالب على حساب الاهتمام بصحة المواطن أو الحرص عليها.

وربما تعزى الأسباب في ذلك لغياب المفاهيم الخاصة بالنظافة الصحية وما تتطلبه من اشتراطات لدى أصحاب المطاعم وهذه المحال. فمعظمها لا يقوم  باستبدال هذه الزيوت كاملة.

وفي أحسن الأحوال يقوم البعض بذلك بعد أسبوع من الاستعمال المكثف، وعندما تقل كميتها يقوم بإضافة شيء من الزيت الجديد بغرض تكملتها للمستوى المطلوب.

وبعضهم يقوم بتنقية الشوائب من الزيت من خلال فلترته بواسطة مرشحات ومواد مساعدة «مسموح بها» تطيل عمر استخدام الزيت وتسمح بالتخلص من المواد الغريبة والملونة والأحماض الدهنية الحرة وبعض المركبات الناتجة عن عمليات الأكسدة أو التزنخ للزيت المستخدم. وهذه الأخيرة قد تقوم بها المحلات الكبيرة في صناعة القلي والتحمير والوجبات السريعة خاصة.

نواتج كيميائية

ومن خلال عملية القلي والتحمير للزيوت تحدث تغيرات كثيرة من أهمها تغير لون الزيت، الأكسدة، البلمرة، والتحلل. ويؤدي كل من هذه التغيرات إلى ظهور نواتج كيميائية عديدة ومختلفة يوضحها شريف عوض كالتالي:

تغيرات اللون: أهم ما يمكن ملاحظته على زيوت القلي هو أنها تميل إلى اللون الداكن تلقائيًا وذلك حسب درجات القلي نتيجة احتواء الأغذية المحمرة على مواد سكرية ونشويات وبروتينات وفوسفات وكبريت ومعادن.

وهذه المواد نفسها يتغير لونها نتيجة التفاعل فيما بينها، أو تتفاعل مع الزيت أو نواتج تكسيره نتيجة عملية الأكسدة التي تمت فتؤدي إلى أن يتكون اللون الداكن.

وكلما كان لون الزيت داكنًا أدى ذلك لسرعة تغير لون الأغذية المحمرة، مع ملاحظة أن اللون وحده يعتبر غير كاف للحكم على جودة زيوت القلي.

الأكسدة: عبارة عن تفاعل الزيت مع الأوكسجين عند حرارة عالية، ويزداد التفاعل في وجود الضوء والمعادن. وتكون نتيجة ذلك ظهور نواتج عديدة بعضها مرغوب فيه لإعطاء النكهة المميزة للأغذية والبعض ضار غير مرغوب فيه.

البلمرة: تفاعل جزئيات الدهون بعضها مع بعض، حيث تتجمع الجزيئات الصغيرة مكونة جزيئات كبيرة يطلق عليها POLYMERS.

وكلما تعرض الزيت لحرارة عالية (قد تصل إلى 200؛م) تتكون نواتج عديدة نتيجة لتأثير هذه الحرارة العالية. جزء منها غير ثابت ويتبخر في صورة غاز والجزء الآخر غير المتطاير يتبقى مكونًا بولمرات، وأحماضًا دهنية حرة مما يغير من التركيب الكيميائي للزيت.

من هذه المركبات التي تتكون مركبات قطبية، ومونومرات حلقية أو غير حلقية، وبولمرات ثنائية، وثلاثية أو أكثر من المركبات عالية الوزن الجزيئي. وينتج عن تكون هذه المركبات مواد صمغية، رغوية، عالية الكثافة والالتصاق.

التحلل: تفاعل بين جزيئات الماء والمادة الدهنية، ينتج عنه تحلل وانفصال بعض الأحماض الدهنية الحرة.

وعادة يتم ذلك بواسطة أنزيم الليبيز الذي تفرزه بعض البكتريا. ونواتج التحلل من الأحماض الدهنية الحرة لها تأثير ضار على طعم وذائقة زيوت القلي.

وتزداد معدل هذه الأحماض طردًا مع زيادة المحتوى المائي للمادة الغذائية المراد قليها أو تحميرها، ودرجة الحرارة وعدد مرات القلي.

رياض عوض شريف – استشاري أول تحليل الأغذية (الزيوت والدهون) – أبو ظبي

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم