أنت في حاجة إلى هذا الدواء (إنه أعجب دواء يمكن أن تستعمله)..
فالأدوية التي تعرفها قد تتغلب على المرض فقط، أما هذا الدواء فإنه يوفر لك الصحة وكذلك الراحة بعد التعب، بل والسعادة بعد الانفعال والتوتر والغضب، هذا الدواء العجيب يمكن أن تستخدمه دائمًا، بل المفروض أن تستعمله بصفة دائمة. فالذي يعطيك كل هذه المزايا لماذا تبتعد عنه؟
الرد في كلمة واحدة هي (الساونا) والساونا ليست مجرد الجلوس في حجرة ساخنة جدًا .. ثم الخروج منها مباشرة إلى حوض ماء بارد، إن هذا التصوير للساونا قد ينفر البعض منها لأن «الساونا» أعمق من ذلك بكثير، فهي المتعة قبل أن تكون الصحة، وهي الراحة قبل أن تكون المتعة والصحة.
* داخل غرفة ساخنة؟
– ماذا يمكن أن يحدث لك؟
– وما تأثير هذه السخونة على الدورة الدموية والعضلات؟
* إن معرفة ما يحدث داخل جسمك خلال حمام الساونا يمكن أن يفسر لنا السر في هذه الراحة التي تشعر بها بعد الحمام.
* في الحمام يسلم الإنسان نفسه لتأثيرات الحرارة، فبمجرد دخول الحمام فإن درجة حرارة جلدك التي تكون في الظروف العادية (أقل من درجة حرارة الجسم) تبدأ في الارتفاع بسرعة كبيرة حتى أنها تتجاوز درجة حرارة الجسم خلال دقيقة واحدة أو نحو ذلك، ولمقاومة هذه الزيادة الحادة في درجة حرارة الجلد فإنه يحدث ارتفاع بسرعة للدورة الدموية حيث تبدأ الغدد العرقية في العمل، والجلد الجاف يكون أشد حساسية للحرارة عند دخول «الساونا» ولكن بمجرد أن يبدأ العرق تتلاشى هذه الحساسية وهناك كثير من الناس يبللون جلودهم قبل دخولهم «الساونا» والحقيقة أن هذا الأمر يساعد على مواجهة الهواء الجاف الساخن المتصاعد من الحمام.
* إن تبخر السوائل سواء الماء أو العرق من على سطح الجلد يرطب الجسم، وتزيد حرارة الجسم بنحو درجة أو اثنين أو ثلاث درجات في بعض الأحيان بعد نحو عشرين
دقيقة من بدء حمام الساونا، وهذه الزيادة تؤثر وبلا شك على وظائف العديد من أجهزة الجسم، إن ارتفاع الحرارة وحده يثير العمليات الكيميائية في جسم الإنسان كما يحفز الأنظمة أو الميكانيزمات مثل العرق وزيادة سرعة الدورة الدموية في الجلد.
* إن عملية (العرق) تعني فقد جزء من سوائل الجسم وفقد جزء آخر وأن يكون بنسبة أصغر من الأملاح وسرعان ما يبدأ النظام الجسدي في العمل من أجل الحفاظ على احتياطيات الجسم من السوائل والأملاح فيقوم الفص الدماغي من الغدد النخامية بإفراز هرمون يمنع تكون البول وهرمون آخر يقلل من إفراز أملاح الصوديوم في كل من العرق والبول .
* وغالبًا ما يدعي البعض أن «الساونا» له أثر «منحف» أي يزيد من نحافة الجسم لكن الحقيقة أن ما يفقده الإنسان من وزنه في حمام الساونا يتراوح عموما بين 300جم، 900جم، لكن الرياضيين يحاولون فقد نحو كيلو جرامين خلال فترة الحمام والوزن المفقود يكون أساسا في شكل ماء يتم تعويضه غالبا في اليوم التالي للحمام مباشرة، كذلك فإن «الساونا» لا ينشط العمليات الكيميائية في الخلايا الحية إلا بنسبة 20% فقط ، وحينما تعرف أن رياضة «المشي» يمكن أن تنشط العمليات الكيميائية بنسبة تصل إلى أربعة أضعاف النسبة التي يحدثها حمام الساونا فإن ما نستنتجه مباشرة من ذلك هو أن الأثر المنحف للساونا هو أثر محدود للغاية .
* إن أثر «الساونا» على الدورة الدموية هو الشيء الجدير بالاهتمام، إن ضربات القلب تزيد من 100: 160 دقة/ الدقيقة، حسب كل شخص، كما يقوم القلب أثناء الساونا بضخ كمية من الدم كل دقيقة تعادل ضعف ما يضخه في الدقيقة خلال الظروف العادية لكن هذه المعدلات تبقى رغم ذلك أقل من المعدلات القصوى التي يستطيع القلب أن يحققها وفي الوقت نفسه فإن التغير الذي يطرأ على ضغط الدم لدى المستحم أثناء الحمام وبعده طفيف للغاية سواء أكان هذا الشخص يعاني أصلاً من ضغط الدم المرتفع أم لا، بل إن الذين يعانون من ارتفاع في الضغط أو اضطرا بات في القلب سيجدون أن الحمام «الساونا» يقدم لهم تأثيرًا ملطفا بعض الشيء.
* ولقد دلت الأبحاث في هذا المجال أن معدل ضخ الدم في جسم الإنسان يكون في الظروف العادية بين 6:4 لترات/ الدقيقة لكنه في «الساونا» يزيد ليتراوح بين 9: 10 لترات/الدقيقة، ولقد أثبتت تجارب الساونا على تلاميذ المدارس في السويد أن معدل ضخ الدم يزيد عند النساء بدرجة أكبر من معدل الزيادة عند الرجال، وقد استنتج الباحثون أن الأوعية الدموية للنساء أكثر استعدادًا للتأثر بالحرارة من الأوعية لدى الرجال.
* والساونا لا يعرض الشخص السليم لأي ضغوط أو اضطرابات بالدورة الدموية، كذلك فإن الشخص الذى لا يستطيع أن يتحمل حمام الساونا ليس بالضرورة شخصًا مصابًا بأي نقص عضوي في القلب، حيث إنه مازال هناك كثير من (الانعكاسات اللاإرادية وغير المعروفة والتي تسببها الهرمونات أو الجهاز العصبي أو ميكانيزمات الدفاع الطبيعي عن الجسم ضد الآثار المباشرة للحرارة وكلها انعكاسات لا إرادية يمكن أن تحدث أثناء الاستحمام في «الساونا» وكل هذه الأشياء تختلف باختلاف قابلية كل شخص للتأثر بالحرارة ومدى قدرته على الصمود في مواجهتها.
* وقد أثبتت الخبرات المتراكمة أن لـ «الساونا» أثارًا مفيدة على الاضطرابات المتعلقة بصحة الكيان العام للشخص، كذلك يستخدم الرياضيون «الساونا» في علاج عضلاتهم المتعبة ويتم التخلص من الضغوط العقلية أيضًا في مثل هذا الحمام العجيب .
* وهناك الكثيرون الذين أصبحوا يؤمنون بعد أن جربوا العديد من الطرق الأخرى بأن «الساونا» هي أفضل طريقة للتخلص من آثار إدمان الخمور.
ويمكن تلخيص ذلك في قول أحد الأساتذة الإنجليز عقب تجربة شخصية مع حمام «الساونا» في وصف الشعور الذي انتابه:
«رائع .. رائع .. فقد شعرت كما لو كنت قد جريت ميلاً عبر شوارع المدينة ، وبدأ العرق ينهال من جسدي بمجرد جلوسي …».
إنها دعوة للتوسع في استخدام «الساونا»، إن الأعصاب المرهقة والأجسام المكدودة بعد يوم عمل شاق تحتاج إلى مثل هذا الحمام، نحن بحاجة لأن تصبح « الساونا» عادة عندنا وللأجيال القادمة.
إعداد: د. أميمة منير جادو – دكتورة باحثة بالمركز القومي للبحوث