الصحة والغذاء

(الحارة والسريعة) تزيد من وزن الهنود

يجلس عشرة طلبة هنود حول طاولة لتناول الغداء في مطعم بوسط مدينة نيودلهي. الطاولة التي أمامهم مكتظة بالمعجنات المثخنة بالزيت والحلويات المحشوة بالكاجو واللقيمات التي تتساقط منها الشيرة حلوة المذاق.

عندما سألت أحدهم إن كان مهتمًا بما يأكله ضحك وقال لي: اعتدت كل يوم على تناول شطيرة برجر من مطعم ماكدونالدز وآيسكريم مغطى بالتوفي والكثير الكثير من البندق.

بعدها سألت بعض خبراء الصحة عن هذه الظاهرة، فلاحظت أنه ينتابهم قلق كبير من هذا الصراع الصعب الذي تواجهه البلاد في إعادة الاتزان إلى المائدة الهندية. ففي الوقت الذي يعاني فقراء القرى من سوء تغذية، فإن ساكني المدن يشكون من التخمة والسمنة، وذلك نتيجة وفرة الأطعمة المثخنة بالدهون.

العجيب في الأمر أن ساكني المدن يمثلون 5% فقط من سكان الهند الذين يزيد عددهم عن مليار و300 مليون نسمة، لكنهم يستهلكون 40% من كل الدهون المستهلكة. وفي الوقت الذي مات في الهند 4 ملايين بسبب المجاعة في عام 1943، فإن بعض الإحصاءات تشير إلى أن ساكنًا واحدًا من بين كل ثلاثة سكان في مدينة نيودلهي مصاب بالسمنة. ولا غرابة في ذلك، حيث إن السكان يستهلكون كمية أكبر من الدهون تقدر بـ20 %، وكمية أكبر من السكر تقدر بـ40%، مقارنة بما كان يستهلكونه قبل 50 سنة. وعلى صعيد دولة الهند كلها فإن 31% من سكان المدن إما زائد الوزن أو سمين.

وقد جعلت هذه الظاهرة الحكومة تتحرك من أجل توقيع اتفاقية خاصة مع منظمة الصحة العالمية (WHO) لتطوير خطط لإعداد وجبات غذائية صحية للمدارس وقوائم معيارية للمنتجات الغذائية. لكن من المستبعد أن يفقد الهنود وزنهم الزائد بين عشية وضحاها. فالطعام الهندي بطبيعته عالي السعرات والدهون. لكن الطعام الغربي عديم القيمة (Western junk food) هو العامل الأكبر الذي يزيد من الوزن، حيث تؤكد مختلف الأبحاث أن أي طعام مضاف إليه كميات كبيرة من الكربوهيدرات (الأرز الأبيض والخبز الأبيض والسكر الأبيض)، يسبب مشاكل صحية. ناهيك عن أن الهنود أصلًا لا يأخذون أمر التغذية مأخذ الجد.

فضلاً عن ذلك، فقد أدى النمو الاقتصادي في الهند إلى تنامي صناعة الأكلات السريعة، وهذا النمو يجعل معظم الناس يعيشون حياة يسودها الكسل. على سبيل المثال فإن معظم الهنود من الطبقات العليا تستأجر الخدم والسائقين.

في المقابل، هناك وعي ورغبة من قبل بعض فئات المجتمع للتخفيف من الأوزان. فمع انتشار شعبية نجوم السينما أخذت بعض الأفكار حول تعريف الجمال والجاذبية تتبدل، خصوصًا بين الأغنياء. كما أن الشباب المشتركين في الأندية الرياضية واعون جدًا لأهمية الحفاظ على الوزن. بل حتى بعض من كبار السن يريدون التخلص من أوزانهم غير الصحية.

وعلى وجه العموم، فإن الكثير من المراهقين في الهند لا يمارسون الرياضة بالمقدار الكافي، كل ما يفعلونه معظم اليوم هو الجلوس أمام الحاسوب أو التلفاز. ويفاقم من هذه المشكلة أن معظم الأجهزة المعنية في الهند لم تبادر بعد إلى تطبيق أي برنامج لإيقاف وباء السمنة.

وعودًا إلى الشباب الذين كانوا يجلسون في ذلك المطعم في أحد شوارع نيودلهي: فإن من بين عشرة أشخاص لم يمارس الرياضة بشكل منتظم سوى أربعة. ومن بين هؤلاء الأربعة كان أحدهم يمارس اليوغا فقط بعض المرات في الأسبوع، أما الآخرون فكانوا «تمشي بعض المرات في الأسبوع». ومبرر بعضهم في قلة نشاطه هو أنه منشغل بالتخطيط لزواج محتمل في المستقبل.

أنوب ميسرا (Anoop Misra) –  أستاذ أمراض التمثيل الغذائي،  المعهد القومي الهندي للعلوم الطبية (A. I. I. M. S)

المصدر: الصفحة الصحية بوكالة الأسوشييتد برس – Health – AP

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم