حذَّر حائز جائزة نوبل «أتو واربورج» من نقص الريبوفلافين وحمض النيكوتينيك، وحمض البانتوثنيك، وإن هذه الفيتامينات توجد مجتمعة وبمقادير وافية في الخميرة على نحو يجعل منها أفضل أغذية الوقاية من هذا الداء الذي عز فيه دواء.. فعنده أن هذا الثلاثي يكون فريقًا قويًا لحماية الأبدان من خطر السرطان.
فثمة نظرية تقول إن من أسباب الإصابة بهذا الداء، تدنى الأكسجين المتاح للخلايا، فالخلايا التي ينقص الأكسجين الواصل إليها إلى 35% تضطر حتى تحافظ على بقائها إلى سلوك آلية شاذة لإطلاق الطاقة.
فبدلًا من حصولها على الطاقة من عملية التمثيل الغذائي، تعمد إلى تخمير السكريات. وهذا مما يعجل بظهور الأورام، ومما يستطاب ذكره أن هذا الثلاثي يعمل داخل الخلايا كمساعدات مهمة لإنزيمات التنفس. وبتعبير أفصح نقول إن الخلايا التي تصاب فجأة بالجنون إنما هي في الواقع خلايا محرومة من نوع أو أكثر من هذه الفيتامينات ولأجل ذلك تصبح عاجزة عن التنفس السليم.
لقد أجرى باحثون دراسات معملية أظهرت أن لهذه الفيتامينات قدرة مدهشة على مقاومة الإصابة بالسرطان، فعندما أضاف الباحثون قدرًا مناسبًا منها إلى مزارع خلوية أصابها الجنون هدأت الخلايا واستكانت واستعادت إيقاع تكاثرها الطبيعي.
فهذا كشف مثير، ولكن الأكثر إثارة هو ما توصل إليه الباحثون في مشروع الجينوم البشري حين كشفوا لأول مرة عن دور حامض الفوليك في الوقاية من السرطان. فقد عرفوا أن آلية تخليق القواعد الأزوتية التي يتركب منها الحمض النووي تستوجب توافر المزيد من حامض الفوليك الذي يضطلع بمهمة نقل ذرة كربون واحدة من مركب إلى آخر.
وهكذا فإن حامض الفوليك يبدو حيويًا للغاية لانتظام عملية تخليق الأحماض النووية ولتصحيح ما يطرأ عليها من عيوب ولالتئام ما قد يعتريها من تشوهات، وتعد عيوب الأحماض النووية وتشوهاتها، أحد الأسباب المهمة للتحول السرطاني، ومن ثم فإن من يعاني من نقص شديد في حامض الفوليك يكون على الأرجح معرضًا بصورة أكبر للإصابة بأنواع من السرطان، لاسيما سرطاني القولون والمستقيم، وزيادة احتمالات إصابة النساء بسرطان عنق الرحم، بسبب نقص «الفوليك» في الطعام.
وعلى ذلك، فإن وجود فيتامينات الأكسدة والاختزال جنبًا إلى جنب وفيتامين حامض الفوليك، يحقق أفضل النتائج في الحرب ضد السرطان.