أطفالنا أكبادنا تمشي على الأرض كما نردد، ولذلك نضعهم في حدقات العيون ونحرص على أن يكونوا هناك: في القمة الشماء، صحة، وعافية، ونضارة، وحيوية وجمالاً وسعادة، ومن هنا يأتي حديثنا عن أسنان أطفالنا في هذه الزاوية لأنهم رمز حياتنا الجميل. إن تسوس الأسنان والوجع والمعالجة الغالية، هذه أشياء نود كلنا اجتنابها فكيف نجنبها أطفالنا؟ سنجيب على السؤال برحلة سريعة، هي رحلة حصول أطفالنا على أسنان سليمة وجذابة.
رحلة الأسنان الجذابة
وتبدأ رحلة الحصول على الأسنان الجذابة منذ الصغر، وللأمهات اليد الطولى في ذلك لتشجيع أطفالهن على العناية بأسنانهم، إضافةً إلى اهتمامهن بمراقبة المستجدات كلها التي تطرأ على أسنانهم وبالتالي عدم تجاهل أي طارئ يمكن أن يحدث، تابعوا معنا مراحل تكوين الأسنان وكيفية الحفاظ عليها.
يبدأ تكون الأسنان اللبنية في الأسبوع السادس من الحمل ويبزغ أول سن لبنية وهي عادةً القاطع السفلي الوسطي في عمر ما بين 8 – 10 أشهر في المعدل ويتوالى بزوغ الأسنان اللبنية حتى عمر 21/2 – 3 سنوات حيث تكتمل جميع الأسنان اللبنية. وهي عشرون سنًا: عشر أسنان في كل فك أربعة قواطع ونابان وأربعة أضراس لبنية.
كما يبدأ أول سن دائمة بالبزوغ في عمر 6 سنوات تقريبًا وهو الرحى الأولى ثم تبزغ الأسنان الأمامية (القواطع السفلية فالعلوية) الوسطية فالطرفية ما بين 7 – 9 سنوات تقريبًا ثم تبزغ الضواحك والأنياب ثم الأرحاء الدائمة الأخرى.. حيث يكتمل تبديل الأسنان اللبنية في عمر يتراوح بين 12 – 13 سنة.
لذا، فإن الأرحاء اللبنية تبقى في فم الطفل مدة 9 – 10 سنوات تقريبًا وفي هذه الأثناء تقوم الأرحاء اللبنية بوظيفتين رئيسيتين وهما مضغ الأطعمة المفيدة وحفظ الفراغ للسن الدائمة التي سيحل محلها إلى حين بزوغها لذا فإنه من الضروري العناية بها حتى يستبدل بها الأسنان الدائمة التي ستحل محلها. كما ويكتمل بزوغ الأسنان الدائمة عند سن 17 إلى 25 سنة.
وعند بزوغ الأسنان الدائمة الأمامية السفلية، فإنها تبزغ لسانيًا أي من خلف الأسنان اللبنية بحيث إن الأسنان اللبنية غالبًا ما تبقى مكانها دون النزول أثناء بزوغ الأسنان الدائمة وهذا ما نسميه بالصف المزدوج من الأسنان أو (double raw) وهذا شيء طبيعي ويجب أن لا يقلق الأهل، ولا ينصح بالتدخل بخلع الأسنان اللبنية إلا إذا أصبحت حركة الأسنان اللبنية مؤلمة أثناء مضغ الطعام أو تعدى عمر الطفل الـ8 سنوات ونيف مع بقاء هذه الأسنان اللبنية ثابتة في مكانها.
أول زيارة لعيادات الأسنان
يجب أن تكون أول زيارة للطفل إلى عيادة الأسنان عند بزوغ أول سن لبنية أو مع إنهاء الطفل عامه الأول وذلك حتى يتمكن طبيب الأسنان من شرح أسباب التسوس وكيفية الوقايه منها، ومن ثم يقوم الطبيب بتحديد المواعيد التالية للمتابعة. كما يجب على الأم البدء بتنظيف أول سن تبزغ للطفل بواقع مرتين إلى ثلاث مرات يوميًا بقطن نظيف بعد غمسه بمحلول ملحي خفيف التركيز وعصر القطن.
وبعد بزوغ ثلاث إلى أربع أسنان تتحول إلى فرشاة ناعمة أو ناعمة جدًا (soft or ultra soft) بدون استعمال معجون الأسنان. ويكون التنظيف من قبل الأم أو الأب في كل يوم مرتين أو ثلاثًا منها مرة واحدة قبل النوم.
إن أهم أمراض الأسنان التي تقلق الأهل والطبيب والمجتمع هو مرض تسوس الأسنان, وهو مرض بكتيري واسع الانتشار, تبدأ أولى معالمه حين تنتقل البكتيريا – العامل الرئيس فيه – من الأهل وغالبًا ما تكون من الأم إلى الطفل بشكل مباشر عند تقبيل الطفل من فمه، أو غير مباشر عند إطعام الطفل بملعقة أكلت بها الأم.
وعندما تستقر البكتيريا على الأسنان تبدأ أولى حلقات المرض بالتكون وعندما يتناول الطفل السكاكر فإن البكتيريا تتغذى على هذه السكاكر منتجة حامضًا يؤدي إلى ذوبان الأسنان.. كما أن هذه البكتيريا قادرة على تصنيع سكاكر متعددة التسلسل، من السكاكر التي يتناولها الطفل ثم تخزنها في داخلها وتتغذى عليها عندما لا تتوفر السكاكر المعتادة.
لذا فإن التناول المتكرر للسكاكر يؤدي إلى نشاط أكبر للتسوس فيجب تنبه الأهل لذلك.
تنظيف الأسنان وحمايتها
معجون الأسنان يحتوي على فلورايد بتركيز عال نسبيًا – والفلورايد عنصر إذا وجد بتركيز مناسب أثناء تكوّن الأسنان أو بعد بزوغها، يكون له تأثير إيجابي بأن يجعل الأسنان أكثر مقاومة للتسوس ولكن إن زادت النسبة عن الطبيعي فإن التأثير يكون سلبيًا حيث تتلون الأسنان باللون المتفاوت من الأصفر إلى البني القاتم وذلك حسب التركيز.
لذا، فإنه لا ينصح بأن يستعمل معجون الأسنان للأطفال الذين تقل أعمارهم عن ست السنوات أو في المناطق التي يحتوي الماء فيها على التركيز المطلوب في ماء الشرب كالمملكة العربية السعودية التي يتراوح تركيز الفلورايد في ماء الشرب فيها – على حد علمي – من 0.85 إلى 1.0 جزيء فلورايد لكل مليون جزيء ماء، حيث تبين أنه في كل مرة ينظف الطفل أسنانه فإنه يبتلع من المعجون 0.3 جزيء لكل مليون جزيء ماء فإن المحصلة هو فلورايد أعلى من المطلوب للطفل في كل يوم وهذا يؤدي إلى تلون الأسنان الدائمة التي تتكون في هذه الأثناء.
وبالإضافة إلى تنظيف الأسنان بالفرشاة فإنه على الوالدين عدم التسبب في تعرض الأسنان إلى المأكولات ذات الطعم الحلو: كالشوكولاته والبسكويت والشبس والعصائر فإن تناول هذه المواد الغذائية وتكرار تناولها يؤدي إلى تسوس الأسنان وبشكل سريع جدًا عند الأطفال حيث إن هذه الحلويات تتراكم على الأسنان ومن الصعب أن تزول وحدها إلا بعد مدة طويلة وهذا يجعلها عرضة مستمرة للبكتيريا التي تسوس الأسنان.
د.جهاد جمحاوي – طبيب أسنان الأطفال