الصحة والغذاء

معززات الطاقة هل تفيد الرجال؟

اكتسبت مكملات أو معززات الطاقة شعبية كبيرة في السنوات الأخيرة في صفوف الرياضيين وعامة الناس الذين يعتقدون أن إيقاع الحياة السريع جعلهم في حاجة ماسة للحصول على المزيد من الطاقة.

يحدث ذلك رغم أن فاعلية الكثير من هذه المكملات ما زالت محل شك من جانب عدد كبير من الخبراء، فضلاً عن أن بعض هذه المكملات قد تفيد فئة من الناس ولا تساعد فئة أخرى. 

وحول ذلك، يقول د.بول كوتس، مدير مكتب المكملات الغذائية بمعاهد الصحة القومية الأمريكية: قبل أن تملا عربة مشترياتك بمنتجات مكملات الطاقة عليك أن تحدد بدقة أي نوع من مكملات الطاقة أنت في حاجة حقيقية إليه؟

ويضيف موضحًا أن مكمل الطاقة الذي يفيد الشخص العادي الذي يأمل فقط في التمكن من متابعة فيلم كامل بدون الشعور بالنعاس لا يجدي نفعًا مع العداء الذي يسعى إلى تحطيم رقم قياسي عالمي أو أوليمبي.

أنواع مكملات الطاقة

في السطور التالية نستعرض مكملات الطاقة المختلفة، ونلقي الضوء على مدى فاعليتها، وأي فئات الناس قد تنجح معهم. ولسهولة العرض نقسم مكملات الطاقة إلى 3 فئات هي:

المنبهات:

ترفع من معدل الأيض (التمثيل الغذائي)، ويدخل ضمن هذه الفئة من مكملات الطاقة كل ما يلي:

– الكافيين

– مصادر عشبية للكافيين مثل: نبتة الجواراناو Guarana والمتة yerba mate وجوزة الكولا Kola nut والشاي الأخضر.

– مركب الكبساسين (Capsaicin) المسؤول عن حرارة الفلفل الأحمر.

– عشبة الجينسنج Ginseng.

– النارنج bitter orange  خاصة مادته الفعالة سينفرين synephrine.

ويعد تناول أحد أنواع المنبهات الحل السريع عن الشعور بالكسل بعد تناول الغداء.

ويشير كوتس إلى أن الكافيين يعد واحدًا من أكثر المنبهات فاعلية وأكثرها شيوعًا في المنتجات المعززة للطاقة. ويضيف موضحًا: إذا كان أحد مكملات الطاقة يحتوي على أكثر من 25 مركبًا بينها الكافيين فإن الكافيين سيكون على الأرجح الأكثر تأثيرًا؛ حيث يطغى تأثيره على أي مكون آخر. وحول آلية عمل الكافيين، يوضح روجر كليمنس، عضو معهد خبراء تكنولوجيا الغذاء في الولايات المتحدة، أن الكافيين والمكونات الشبيهة به تحفز عملية الأيض بصورة مؤقتة؛ ما يضفي على الناس شعورًا بالتحسن.

من جانبه يشير د. أندرو شاو، من مجلس التغذية المسؤولة في الولايات المتحدة، إلى وجود أدلة جيدة على فاعلية الكافيين في تحسين التركيز وتجنيب الأبطال الرياضيين الشعور السريع بالإجهاد.

لكن هناك مخاطر من الإفراط في تناول الكافيين على كل من الكبار والصغار.

وقد اكتشف العلماء أن حصول حيوانات التجارب كميات كبيرة من الكافيين في طعامها يسبب تلفًا في الصبغيات (الكرومزومات) chromosomes داخل خلايا جسمها وتشوهات في أجنتها. كما تبين زيادة تعرض مرضى القلب الأكليلي Coronary heart disease  بنحو مرتين إلى ثلاث مرات لنوبات قلبية قد تكون خطيرة على حياتهم ، عند إفراطهم في تناول الكافيين.

 ويعتقد بعض العلماء بعلاقة استهلاك الكافيين وحدوث الإصابة بسرطان البنكرياس.

ويصاحب الإدمان عليها ظهور أعراض صحية قد تستمر فترة طويلة وتشمل الأرق في النوم والشعور بالجزع anexiety والشد العصبي والتهيج والاكتئاب. لكن لحسن الحظ لم تظهر الأبحاث العلمية الحديثة على الإنسان خطرًا من استهلاك الأشخاص البالغين كميات عادية من الكافيين. وبخصوص الجينسنج، يشير كوتس إلى أنه يعمل كمنبه للمخ رغم عدم احتوائه على الكافيين لكن لا تتوافر أدلة علمية على فائدته كمعزز للطاقة.

وتستخدم خلاصة الكبساسين أحيانًا أيضًا كمنبه لاحتوائها على خصائص المنبهات. ويمثل البرتقال المر مكملًا أخر للطاقة  لا ينتمي لعائلة الكافيين، لكنه لم يخضع لدراسة كافية، وهناك بعض المخاوف من أضرار محتلمه له؛ حيث يحتوي على مادة السينيفرين – وهي مشابهة كيميائيًا للأفيدرين ephedrine الذي يعتبر المادة الفعالة في الأفيدرا ephedra  التي تم سحبها من الأسواق عام 2004؛ بسبب مخاطرها الصحية. ويرى كوتس أن البرتقال المر قد يكون أقل ضررًا من الأفيدرا لكن هناك حاجة ماسة للمزيد من الدراسات قبل الجزم بذلك.

خلاصة الأمر:

ربما تساعد هذه الفئة من مكملات الطاقة في تحسين عملية التمثيل الغذائي بشكل مؤقت، وتعطي زيادة في معدلها لكن تأثيرها لا يتفوق على التأثير الناتج عن تناول كوب من القهوة.

– مواد تؤثر على عملية الأيض: 

تعمل على زيادة استفادة الخلايا من السعرات الحرارية الناتجة عن تناول المواد الغذائية، وتضم المكونات والمركبات التالي:

– الأنزيم المساعد (كيو عشرة Coenzyme Q10).

– فيتامينات «ب» مثل ب6 و ب12، حمض الفوليك، الثيامين، النياسين.

– الأحماض الأمينية مثل: كرياتين وكارنتين وتيروسين وفينيل ألانين والأحماض الأمينية متفرعة السلسلة.

ولمناقشة مفعول هذه الفئة من المكملات نشير إلى أن الكثير من مكملات الطاقة تشتق من المواد الغذائية والبروتينات والدهون والأحماض الأمينية، وكل هذه المركبات موجودة بالفعل في أجسامنا أو نستخلصها عن طريق الطعام.

ويرى «شاو» أن هذه المركبات تدعم بالفعل عملية أيض الطاقة؛ حيث تؤثر على طريقة تعامل الجسم مع المواد الغذائية التي نتناولها وتحويلها إلى طاقة. لكن السؤال الذي يجب أن يطرح هنا هو: إذا كان لهذه المكونات دور في عملية التمثيل الغذائي بالجسم، فهل تناولها في صورة مكملات يعزز بالفعل من معدل طاقة الشخص؟

يرجح الخبراء عدم فاعلية هذه المكونات في تعزيز طاقة الجسم لعدة أسباب، أولها أن أجسام غالبيتنا تحتوي مقدارًا كافيًا من هذه المركبات  بالفعل؛ لذا فنحن لا نحتاج المزيد منها.

ويعلق كوتس على ذلك قائلاً: إذا لم يقل طبيبك إن لديك نقصًا في الأنزيم المساعد كيو عشرة أو الحمض الأميني كارنتين فليس هناك من الناحية العملية أي دليل على أن تناولك المزيد من هذه المواد سيساعد في تحسين طاقتك. وأضاف: ربما يكون النقص في مثل هذه المركبات واردًا لكنه احتمال نادر جدًا.

وينطبق نفس الأمر على الأحماض الأمينية الأخرى مثل كرياتين وكارنتين وتيروسين وفينيل ألانين وكذلك الأحماض الأمينية متفرعة السلسلة.

لكن «شو» يرى أن الأبطال الرياضيين خاصة هؤلاء الذين يبذلون مجهودًا كبيرًا قد يستفيدون من هذه المكملات؛ حيث إنهم معرضون بشكل أكبر لاستنفاد مثل هذه المركبات من أجسادهم.

وبخصوص الكرياتين، ذكر بول توماس، وهو مستشار علمي في المكتب الأمريكي للمكملات الغذائية، أن الكرياتين قد يزيد إنتاج الطاقة لكن تحت ظروف محددة. على سبيل المثال، قد يستفيد عداؤو المسافات القصيرة من الكرياتين لكن تأثيراته محدودة. فضلاً عن أن الكرياتين يقلل من أداء الرياضي في النشاطات طويلة المدى.

خلاصة الأمر:

إذا كنت واحدًا من الأبطال الرياضيين أو تعاني قصورًا في عملية الأيض الغذائي وهو أمر نادر الحدوث فإنك قد تستفيد من بعض مكملات الطاقة في هذه الفئة. لكن إذا كنت شخصًا عاديًا وتبحث عما يجعلك أكثر نشاطًا فان هذه النوعية من المكملات قد لا تفيدك.

– السعرات الحرارية:

تمثل الوقود الرئيس لكافة أنشطة الجسم، وتؤخذ عادة من المواد الكربوهيدراتية (مثل السكريات) التي يسهل على أجسامنا امتصاصها وتحويلها إلى طاقة. وتتوافر هذا الفئة من معززات الطاقة في عدة صور منها: المشروبات  والحلوى والجيل والماء المحسن.

ويقول «شاو» إن هذه الفئة من معززات الطاقة  تجذب الرياضيين، بصفة خاصة من هم في مضمار سباق المسافات الطويلة؛ حيث تمدهم الكربوهيدات من هذه النوعية سهلة الامتصاص بالطاقة التي يحتاجونها لمواصلة السباق حتى النهاية.

ويضيف: أما إذا لم تكن عداء للمسافات الطويلة، وكنت تقضي معظم وقتك في العمل جالسًا على مكتبك فإن منتجات هذه الفئة من مكملات الطاقة لن تفيدك كثيرًا.

ويوضح كوتس أن تناول أحد المنتجات عالية المحتوى من السكريات البسيطة سهلة الهضم قد ترفع مستوى السكر في الدم وتمنحك مقدارًا من الطاقة، لكن سرعان ما ينخفض مستوى السكر في الدم مرة أخرى؛ وبذلك تكون أنت المسؤول عن شعورك بالنعاس. وفضلاً عن ذلك فإن اعتمادك على مشروبات وأطعمة السعرات الحرارية العالية قد يساهم في زيادة وزنك بصورة كبيرة على المدى الطويل خاصة إذا لم تكن ممن يمارسون النشاط الرياضي بشكل منتظم. وقد يشعرك هذا الوزن الزائد بأنك أقل نشاطًا.

خلاصة الأمر:

إذا كنت من الأبطال الرياضيين  فإنك قد تستفيد من هذه الفئة من مكملات الطاقة. لكن إذا كنت شخصًا عاديًا فإن تناول مشروب للطاقة بشكل عرضي ربما يمنحك تعزيزًا قليلاً للسكر في الدم، لكن إذا أخذ بانتظام فانه قد يسبب زيادة الوزن.

قبل تناول مكملات الطاقة..

إذا كنت تعاني من إرهاق شديد، يجب عليك الرجوع إلى طبيبك أولاً قبل أن تبدأ في تناول أي معزز للطاقة؛ حتى تتأكد من عدم تسبب عرض صحي معين في حالة الإجهاد التي تعاني منها. وبعد حسم هذا الأمر، تبقى هناك بعض الأسئلة التي يجب أن تضعها في الاعتبار وأن تجيب عليها:

هل هذا المكمل آمن بالنسبة لي؟

إذا كنت تعاني مرضًا ما أو تأخذ أدوية معينة بشكل منتظم، فقد تشكل  بعض مكملات الطاقة خطورة على صحتك، لذا يجب أن تراجع طبيبك قبل تعاطيها. وتذكر دائمًا أننا لا نعلم حتى الآن الكثير عن مخاطر المكملات الغذائية؛ حيث إنها لم تختبر أو يصرح بها – مثل الأدوية – من قبل منظمة الغذاء والدواء الأمريكية.

ما هو الدليل على أن هذا المكمل يقوم بدوره؟

يشير كوتس إلى أن الكثير من معززات الطاقة لم تحظ بكثير من الدعم العلمي، وهذا لا يعني أنها لا تقوم بدورها، ولكن من الضروري أن تتوفر دراسات كافية تفصل في هذا القول.

هل أنا في احتياج حقيقي لهذا المكمل؟

يرى كوتس أن الاعتماد على برنامج غذاء متكامل ومتوازن يمنح الناس كل ما يحتاجونه من المعادن والمواد الغذائية. لذا فمن الضروري البحث عن سبب حدوث نقص ما في بعض المغذيات في جسم الإنسان.

وأخيرًا، ينصح دائمًا باتباع تعليمات الجرعة الموصى بها  والرجوع للطبيب أو أخصائي التغذية قبل الاعتماد على أي نوع من مكملات الطاقة.

من مصادر الموضوع:

– موسوعة «جيل» للطب البديل، الطبعة الثانية 2004.

– «لمحة عن الأعشاب: البرتقال اللاذع، والجينسنج الآسيوي»، موقع المركز القومي للطب التكميلي و البديل (إنترنت).

٭ «كارنتين ، فيتامين ب12»، موقع مكتب المكملات الغذائية.

٭ بويتز ت. و. وآخرون، النشرة النفسية ، 2006، العدد 132.

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم