الصحة والغذاء

امشِ كما تحب.. لكن بأصول

يخطئ من يظن أن أسلوب الحياة الصحي يعتمد على حرمان الإنسان من أشياء عديدة محببة إلى نفسه، فهو ببساطة شديدة: أسلوب للاستمتاع بحياة خالية من الآلام أو الأمراض أو المعاناة من منغصات الحياة الأخرى.

من عناصر الحياة الصحية الالتزام بنظام غذائي صحي، وممارسة رياضة بدنية ملائمة، واستنشاق هواء عليل، وتناول ماء نقى، والحصول على قدر مناسب من ضوء الشمس، والابتعاد عن التوتر والقلق، والتخلص من رتابة الحياة اليومية، وتخصيص وقت مناسب للراحة والاسترخاء، والاستمتاع بعادات شعورية إيجابية مثل: الضحك، والحب، وروح التفاؤل.

كما ينبغي احترام النظام إذا ما رغبنا في التمتع بجودة الحياة، ومن ضمن ذلك: النظـام في مواعيد النوم والاستيقاظ، وفي مواعيد تناول الوجبات الرئيسة، وأنواع الأطعمة وكمياتها، وفي مواعيد الراحة والترويح اليومية.

رياضة ملائمة

وتعد ممارسة رياضة بدنية ملائمة من أهم شروط التمتع بأسلوب حياه صحي. وهناك عدد لا حصر له من الأنشطة الرياضية التي يمكن ممارستها من بينها: الجري، المشي، السباحة، الدراجات، ركوب الخيل، الألعاب المختلفة مثل كرة السلة والقدم واليد…إلخ، وألعاب المضرب مثل التنس الأرضي، وتنس الطاولة، والاسكواش…إلخ، أو المنازلات كالمصارعة والملاكمة والسلاح والجودو والكاراتيه والتايكوندو…إلخ.

وعلى الشخص أن يختار من بين تلك الأنشطة المتعددة ما يناسب إمكانياته البدينة والصحية والمادية، بحيث لا يسبب له الإرهاق أو الإجهاد. وتعد رياضة المشي من الرياضات المناسبة تمامًا؛ فهي لا تحتاج إلى أي متطلبات، ولا تكلف أي مصاريف. كما لا تشكل أي خطورة على صحة ممارسها؛ فهي من أقل التمارين الرياضية ضررًا على المفاصل، والأقل في احتمالات الإصابة خلال النشاط.

التمارين المعتدلة

فضلاً عن أن هذه الرياضة تحمل فوائد صحية عديدة لممارسيها، فقد وجدت دراسة أجراها باحثون في جامعة الينوي الأمريكية أن ممارسة التمارين المعتدلة البسيطة مثل المشي نصف ساعة يوميًا، يساعد في تقليل ضغط الدم الشرياني إلى حدوده الطبيعية. وذكرت الدراسة أنه ليس ضروريًا أن تكون التمارين قاسية وعنيفة لتحقيق الفوائد الصحية، بل يكفي ممارسة رياضة معتدلة للمحافظة على سلامة الجسم والتخلص من ارتفاع ضغط الدم.

ووجدت دراسة بريطانية أخرى أن ممارسة رياضة المشي بشكل يومي يساهم في تقليل احتمالات الإصابة بأمراض القلب. اشترك في إجراء الدراسة باحثون من مدرسة الطب بجامعة هارفارد، ومستشفى النساء في بوسطن، ومدرسة هارفارد للصحة العامة، وشملت أكثر من 72 ألف امرأة يراوح عمرهن بين 40 و65 عامًا في بداية الدراسة، وتم متابعتهم على مدار  8 سنوات.

وبينت النتائج أن النساء اللاتي سرن مدة تبلغ نحو 3 ساعات أسبوعيًا، قلت لديهن احتمالات الإصابة بأمراض القلب بنحو يتراوح بين 30 و40%. أما النساء اللاتي سرن مدة تزيد على 5 ساعات أسبوعيًا، قلت لديهن احتمالات الإصابة بأمراض القلب بنحو 50%.

كما يعد المشي من الرياضات المتوسطة الإجهاد التي تساعد الناس على المحافظة على لياقتهم ورشاقتهم بحرق الطاقة الزائدة، ويقوي العضلات والجهاز الدوري ويحسن من استخدام الأكسجين والطاقة في الجسم. لذلك يقلل من المخاطر المرتبطة بالجهاز التنفسي والسمنة والسكري وسرطان الثدي وسرطان القولون.

للمشي أصول

وهناك أصول وقواعد يجب التقيد بها للاستفادة من برامج رياضة المشي على النحو الأمثل، من بينها ما يلي:

– ممارسة رياضة المشي من 3 إلى 4 مرات أسبوعيًا على أن تكون الفترة الزمنية من 15 إلى 20 دقيقة في الأسابيع الثلاثة الأولى، وتمتد إلى 35 دقيقة من الأسبوع الرابع إلى السادس. ويجب عدم زيادة وقت المشي أكثر من 10% في الأسبوع.  على سبيل المثال إذا كانت مدة السير 30 دقيقة يوميًا أربع مرات في الأسبوع، أي 120 دقيقة في الأسبوع، فيجب عدم زيادتها أكثر من 12 دقيقة في اليوم أي 132 دقيقة في الأسبوع التالي.

– أفضل أسلوب فعال للمشي، يتمثل في المشي بسرعة وانتظام مع الحرص على انتظام التنفس.

وهناك أخطاء تحدث من قبل البعض أثناء ممارسة رياضة المشي، وقد تقلل من فوائدها؛ لذا يراعى تجنبها ومن بين هذه الأخطاء ما يلي:

ـ المشي على الأمشاط بدلاً من القدم كاملاً.

ـ المشي بخطوات بطيئة جدًا، لا تعمل على إثارة القلب الإثارة الفسيولوجية المناسبة.

ـ تغطية الأنف والفم، وعدم ارتداء الحذاء المناسب لمزاولة المشي.

ـ ارتداء الملابس الثقيلة والداكنة خاصة في فصل الصيف.

ـ تحريك الجذع جانبًا، وجعل اتجاه المشطين للخارج بدلاً من الأمام، أثناء المشي.

– المشي مع سحب القدمين مع الأرض.

– التوقف بين فترة وأخرى دون الوصول للاستثارة الفسيولوجية.

ـ عدم الانتظام بالتنفس الطبيعي.

وينصح بصفة عامة بالاعتدال عند البدء في أي نشاط رياضي، وعدم الإفراط في ممارسة النشاط الرياضي. ويراعى تهيئة العضلات قبل البدء في أية تمارين رياضية، لأن المرونة هي أحد العوامل المهمة في اللياقة. ويراعى عدم التغاضي عن الألم عند الشعور به. وبإمكانك اتخاذ شريك لك في ممارسة النشاط. كما يجب مراقبة النظام الغذائي؛ فهو جزء فعال في مسألة اللياقة وما تتناوله من أطعمة يؤثر على ما تقوم به من نشاط. يجب مثلًا تعويض السوائل التي تفقد من الجسم عن طريق شرب الماء.

نؤكد في النهاية أهمية الانتظام والاستمرار في رياضة المشي، لضمان الحصول على اللياقة الصحية والبدنية والنفسية المطلوبة، وحتى يتغير إحساسك وشعورك بتحسن حالتك الصحية والنفسية والبدنية، وهنا تشعر بجودة الحياة.

د.طارق عبد العظيم الشامخ – أستاذ التربية البدنية

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم