في الوقت الذي لا نستغرب فيه أن يقلل الناس عادة من قيمة الشخص الزائد الوزن، فإن دراسة حديثة تقول إن مجرد الوقوف بجانب شخص سمين قد يضر بسمعة الشخص (غير السمين)!
جاء ذلك في تجربة أجريت في إنجلترا تهدف إلى القضاء على العنصرية التي يمارسها بعضهم ضد البدناء، وعرضت أمام الاجتماع السنوي للاتحاد الأمريكي الشمالي لدراسة السمنة (North American Society for the study of Obesity)، وكان من أهم ما أكدته هو:
السمنة عقدة
فقد قام الخبير النفساني (Jason Halford) وزملاؤه من جامعة ليفربول (University of Liverpool)، بتجربة ردود فعل 144 من طلبة الجامعة عند مشاهدة صورتين, إحداهما يظهر فيها شاب أنيق نحيل يقف بجوار امرأة رشيقة شعرها مجعد (وهي غير مرتبة على ما يبدو)، والأخرى يظهر فيها نفس الفتى بجوار امرأة سمينة جدًا، ولكنها جميلة اللباس.
وبعد مراجعة الصورتين طلب من كل مشترك في التجربة أن يدلي برأيه في كل صورة، وذلك حسب سلم من الدرجات, يسمى سلم درجات الخوف من السمين (fat phobia scale)، وهي في عمومها قياس لمقدار (سلبية الرأي) وليس الرأي مجردًا.
حسب النتائج، التي عرضت في سبتمبر 2007 أمام المؤتمر، فإن الرجل الذي كان بجواره امرأة سمينة كانت الآراء السلبية فيه تزيد نسبتها 22% عن نفس الشخص بجوار رفيقة غير سمينة. حيث كانت من ضمن الأوصاف التي اختاروها لهذا الرجل أنه بدا مكتئبًا, وسلبيًا, وكئيبًا, وضعيفًا, وغير مرتاح نفسيًا. تلك الأوصاف وُصف بها الرجل في الصورة الأخرى أحيانًا، ولكن بفارق نسبة كبيرة.
وقد توصل الباحثون إلى نتيجة هامة وهي أن الناس إذا كونوا أفكارهم السلبية عن شخص سمين فإنهم يوسعون دائرة هذه الفكرة السلبية لتشمل الأشخاص المرافقين له أيضًا!
ومن النتائج (الغريبة) التي خرجت بها تلك الدراسة, أن الطلبة الذين هم في الأصل زائدوا الوزن كانوا أيضًا أكثر ميلًا لأن يصدروا حكمًا قاسيًا على الفتى الواقف بجوار الفتاة البدينة.
وفي تجربة تكاد تؤكد التحيز ضد البدناء, قام بعض الباحثين بإعادة امتحان للكلمات أجري في العام الماضي، حيث طلب من نحو 200 من الحضور (من البد ناء) أن يضعوا كلمة مرادفة أمام كل كلمة أخرى تعرض عليهم من الكلمات التي تحمل معنى السمنة أو النحافة، ومن جديد كان الاحتمال الأكبر أن يربط المشتركون بين مرادفات السمنة وكلمات مثل «غبي» و«عديم الفائدة»، من أن يربطوا بين مرادفات النحافة, وبين كلمات تدل على الغباء وعدم الفائدة.
بعض الخبراء الذين حضروا الاجتماع علقوا على النتائج بقولهم إن هذا التحيز يبدو أنه كامن في العقل الباطن للناس، حسب تصريحات نقلتها صفحة الأخبار في موقع ياهو الإلكتروني. في حين أن آخرين، خصوصًا من أصحاب الوزن الزائد، منهم (Carol Johnson) امرأة كبيرة الحجم من منظمة تساند السمناء ( الإيجابية الكبيرة ، Largely Posivitive)، هؤلاء يقولون إن التحيز مقصود وفي العقل الظاهر. فمثلا الأطباء يحمّلون مرضاهم من السمناءمسؤولية وزنهم الزائد، بل وقد يحرمونهم (على سبيل العقاب غالبًا) من علاجات عادية يعطونها مرضاهم الآخرين.
وتقول كارول بالحرف الواحد «إن المجتمع لا يريد السمناء».أما (Rebecca Pull) التي حضرت المؤتمر، فتضم أيضًا صوتها إلى صوت كارول، إذ تقول إن السمين فرصته في القبول في كلية أو الحصول على عمل أقل من النحيل، وفرص طرده من العمل عادة أكبر. وكأن التحيز ضد السمين أصبح نوعًا من العنصرية مقبولًا في المجتمع.
