تشتغل الدنيا كل حين بضجيج هائل واعتراضات صاخبة تنطلق من كل حدب وصوب وسؤال مستمر ينطلق بكل اللغات: لماذا يحرم الإسلام أكل لحم الخنزير ذلك الحيوان المظلوم؟ ولماذا تنفرد عقيدتهم بتحريم أكل ذلك الحيوان اللطيف؟ ولا يفهم هؤلاء المتسائلون أن المسلم إنما يقول سمعًا وطاعة لأوامر الله حتى لو لم تتكشف له الحكمة الإلهية من وراء الأمر أو النهي لأنها مهما تأخر تفسيرها فهي حق ولكن لم يأت الوقت الذي يتكشف عنه هذه الحقيقة كغيرها من المعجزات القرآنية ولكن على قدر ما فهمنا كان تفسيرنا والذي يتضح من قوله تعالى }… أو لحم خنزير فإنه رجس{.
فقد شرع لنا أن نجتهد في تفهم علة الأمر أو النهي ومحاولة فهم بعض جوانب نجاسة هذا اللحم الحرام. وقد وضح العلم بعض أسباب التحريم فمثلاً شهد دكتور / فيليب تومز خبير أمراض الدم بلندن ـ وهو غير مسلم – أن الخنزير ينقل صفاته لكل من يتناول لحمه ويسبب مع الوقت أمراضًا عقلية وبدنية وبالأخص أمراض تناسلية مدمرة، ونحن نعرض شهادته لنؤكد أن القرآن الكريم بمنهجه الطبي الذي يمنع المرض ويقطع عليه الطريق بمنع أسبابه، هو خير ألف مرة من كل دعاوى الغرب وابتكاراتهم في عالم العلاج الذي يتطلب الكثير من المال، دون ضمان كاف بإيجابية
النتائج، ومهما حاول الغرب تجميل صورة الخنزير بإمداد المزارع التي يربى فيها بأحدث سبل العناية والنظافة واستخدام التقنيات الحديثة فإن كل هذا لن ينفي أبدًا الحقائق الدامغة التي اكتشفها علماؤهم أنفسهم عن الديدان والأمراض التي يحتويها جسم الخنزير دون غيره من الحيوانات مهما ألبسوه تاج الرفعة والشرف.
فمن المعروف أن الخنزير من الحيوانات التي تأكل القمامة والقاذورات والنفايات فهو جامع لمعان القبح والقذارة والرجس والنجاسة ويشتهر بطبائع عارية من الحياء في تزاوجه بالإضافة إلى ما يتعرض له من إصابة بعدد كبير من الطفيليات التي تصيب الإنسان وكذلك الفيروسات مثل: مرض الكلب والحمى الصفراء والسبيركيتات (اللبتوسبيرا) التي تسبب حمى العقل وكذلك العديد من الحيوانات الأولية (البروتوزوا) مثل الزحار البلنتيدى وبعض أنواع التريبانوسوما.
· طفيليـات الخنزير بصفة عـامة: يؤوي الخنزير في جسمه عددًا كبيرًا من أنواع الطفيليات وكثيرا من هذه الطفيليات خاصة به، ومن المعروف أن به أكثر من عشرين نوعًا من الطفيليات التي تصيب الإنسان وتسمى بالأمراض المشتركة أي بين الإنسان والحيوان. ويقول تقرير أعدته عام 1979 لجنة مشتركة من خبراء هيئة الصحة العالمية والهيئة العالمية للغذاء والزراعة أن الأمراض الزونوسية أي المشتركة تعد تحديًا طبيًا خاصًا حيث تزيد فداحة ثقل عبء المرض الملقى على البشرية؛ والأمراض الطفيلية بين الإنسان والخنزير يتحدد خطورتها بدرجة المرض الذي يحدثه الطفيل فيه، وحقيقة الدور الذي يقوم به الخنزير في دورة حياة الطفيل ونسبة تعرض الإنسان للإصابة به .
· دهن الخنزير: يحتوي لحم الخنزير على أكبر كمية من الدهن من بين جميع أنواع اللحوم المختلفة مما يجعل لحمه عسير الهضم، فمن المعروف علميًا أن اللحوم التي يأكلها الإنسان تتوقف سهولة هضمها في المعدة على كميات الدهنيات التي تحويها وعلى نوع هذه الدهون، فكلما زادت كمية الدهنيات كان اللحم أصعب في الهضم، وقد جاء في الموسوعة الأمريكية أن كل مئة رطل من لحم الخنزير تحتوي على خمسين رطلاً من الدهن أي بنسبة 50% في حين أن الدهن في الضأن يمثل نحو 17% فقط, وفي العجول لا يزيد عن 5% كما أثبتت التحاليل أن دهن الخنزير يحتوي على نسبة كبيرة من الأحماض الدهنية المعقدة، وأن نسبة الكوليسترول في دهن الخنزير إلى الضأن إلى العجول 6:7:9 أي أن نسبة الكولسترول في لحم الخنزير أكثر من عشرة أضعاف ما في البقر. ولهذا دلالة خطيرة حيث إن زيادة الكولستيرول في دم الإنسان عن المعدل الطبيعى تجعله يترسب في الشرايين وخصوصًا شرايين القلب وبالتالي تسبب تصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم وهو السبب الرئيسي في معظم حالات الذبحة الصدرية القلبية المنتشرة في أوروبا ، حيث أظهرت الإحصائيات أن نسبة الإصابة بهذين المرضين في أوروبا تعادل خمسة أضعاف النسبة في العالم الإسلامى وذلك بجانب التوتر العصبي الذي لا ينكره العلم الحديث.
د. آمال أحمد محمد
باحث أول بمعهد بحوث صحة الحيوان، جامعة أسيوط