(من الضروري أن تخرج للطبيعة وتكون بين الناس تعيش واقعهم وتستفيد من تجاربهم، وإلا فأنت كالواقف على الشاطئ لا تعرف ما في البحر من خير أو خطر).
قد يتصور البعض أن الغذاء المادي- فقط – هو المهم , وأي شيء يأتي بعد ذلك يكون ثانويًا!
لذلك أحببت أن أروي لكم ما حدث معي مؤخرًا: جاءتني إحدى صديقاتي مهمومة تتأفف! سألتها: ماذا بك ؟
أجابت: أشعر بضيق ، لست مرتاحة.
استغربت من كلامها, فهي على حد علمي ليس لديها مشاكل وحياتها مستقرة ولا تخرج من البيت إلا للزيارات الضرورية أو التسوق ودائمًا تقول: كل شيء متوفر في البيت فلم الخروج؟
قلت لها: هل إذا نصحتك تأخذين بنصيحتي؟
أجابت: بالطبع – إذا كانت ستفيدني.
رددت: لن نناقش الفائدة الآن ولكن بعد أن نعود!
قالت نعود من أين؟
قلت امشي معي ولا تعترضي.. وطلبت من السائق يأخذنا إلى حديقة هادئة نوعًا ما, واخترنا ركنًا جميلاً وجلسنا فيه.
انقطع الكلام بيننا, ولم ندردش كعادتنا.. لكني لاحظت يد صديقتي تمتد لتشير إلى منظر غروب الشمس يطل علينا من بين الأشجار.
همست: ما أروع هذه الألوان! وسمعتها تتمتم: سبحان الله ولا إله إلا الله .
ابتسمت وهمست في أذنها: ألن نعود إلى البيت؟ أجابت مسترخية الأعصاب: لنمكث قليلاً, فوافقتها.
بعد قليل عدت معها إلى منزلها – كنت أراقب تصرفاتها- جلست على الأريكة وأسندت رأسها إلى وسادتها وقالت بأعصاب غاية في الهدوء: سبحان الله, لقد زال عني التوتر.
كنت مسرورة لسماع ذلك منها, فقد حققت هدفي, وقدمت علاج توترها.
لا شك أن الإنسان يتأثر بالطبيعة الجميلة, ليس بجمال المنظر فحسب بل بالألوان المختلفة التي تزخر بها, والتي يرى العلماء والباحثون أن لها آثارًا علاجية فعالة، كماتستخدم بنجاح في الصين والهند كطب بديل.
فاللون الأحمر يوقظ الذهن ويفتح الشهية ويزيد من سرعة النبض ويؤثر في العواطف وله دور في تنشيط الدورة الدموية واتزان الضغط والنشاط الموحي للمخ .
والبرتقالي يبعث في النفس الشعور بالدفء, وينشط الجهاز الهضمي, ويزيل بعض حالات الاكتئاب.
أما الأزرق فيهدئ الأعصاب في حالة الإجهاد الذهني والأرق العصبي, ويساعد على التفكير.
بينما الأخضر يبعث في النفس الشعور بالراحة والاسترخاء, ومفيد للقلب والرئتين, وهو من أكثر الألوان تهدئة للجهاز العصبي، لذلك ينصح بالذهاب إلى الأماكن الخضراء, وقد لاحظ الباحثون أن اللون الأخضر هو أكثر الألوان ثباتًا في الذاكرة.
واللون الأصفر ينشط المخ ويقوي العقل ويحفز على الإبداع, ويساعد على الشفاء من أمراض الجهاز التنفسي, وله إيقاع قوي في الذاكرة.
وأضيف إلى ماسبق, أنه مما يدل على تأثير الألوان في الإنسان اختيارك لألوان ملابسك ومكتبك وسيارتك والأشياء الأخرى, لأن لها تأثيرًا عميقًا لديك.
عزيزي القارئ.. اتجه نحو الطبيعة, هذه اللوحة الرائعة التي أبدعها الرحمن: السماء بزرقتها الصافية.. الغروب والتدرج الذي تأسرنا به الألوان والأزهار بدرجاتها المختلفة، إضافة إلى صوت الماء ينساب أو يتناثر حولنا, زقزقة العصافير, سيمفونية رائعة تنطلق من لوحة غاية في الإعجاز.
بقلم: فايزة أبو النور