للشعر دور هام في حياة كل إنسان، فهو من أبرز ملامح الوجه عند النساء خاصة. وعلى هذا فإن أي خلل يصيب الشعر سيؤثر حتما على نفسية المرء وقد يجعله يشعر بالنقص وفقدان الثقة خاصة إذا كان المرض حادًا وتسبب بفقدان كبير للشعر. وقد يقع المصاب رهينة لأنواع مختلفة من المشاعر السلبية مثل تفادى المشاركة في المناسبات الاجتماعية.
منتجات وهمية
لقد بلغ الخوف من الصلع مبلغًا جعل كثيرًا من الرجال والنساء يركضون خلف كل منتج يزعم مروجه الفائدة ممن ليس لهم أدنى علم بالطب كبعض العاملين في صالونات الحلاقة وممن يطلقن على أنفسهن «خبيرات» الشعر والتجميل. وقد يتعاطى المصاب الكثير منها ومن الفيتامينات وأنواع الدهون والكريمات الأخرى التي يتم الترويج لها بأنها ستحد من تساقط المزيد من الشعر وعلاج الصلع، إلا أن هذه المستحضرات لا تستند لأي دراسات للفاعلية، بل ولا حتى الأمان مما يجعل الشخص يقضي فترة طويلة دون الحصول على أدنى فائدة، وربما أثرت عليه سلبًا، فضلاً عن الخسارة المادية والتأخر عن استخدام العلاج المناسب.
وقد توقع بحث صدر عن منظمة الغذاء والدواء الأمريكية في عقد التسعينيات من القرن الماضي ظهور أكثر من 300000 منتج يتعامل مع الصلع خلال تسع السنوات التالية على البحث، إلا أن هذه المنتجات ثبت لاحقًا عدم فاعليتها طبيًا وبقيت على أرفف الصيدليات سنوات طويلة تباع بأعلى الأسعار مما قد يوهم المريض بأنها فاعلة. والحق أنها لا تعدو أن تكون منتجات ترفع من نفسيات المريض أن يفعل شيئًا حيال مشكلته وترفع من أرصدة منتجيها.
وعلى الرغم من عدم وجود أي أدلة على فاعلية مثل هذه المنتجات أو حتى أمانها فإنه يتم التسويق لها في وسائل الإعلام مما يجعل المريض صيدًا سهلًا لهذه الشركات ومسوقيها. وبخاصة في انسياق بعض الأطباء بجهل منه في الترويج لها.
– تساقط الشعر الطبيعي: أشير هنا إلى أن عدد الشعر في رأس الشخص البالغ يتراوح بين 80.000 إلى 120000 شعرة.. وكل شعرة منها لها عمر محدد تنمو في خلاله ثم تشيخ فتسقط (عند اكتمال عمرها) بشكل طبيعي ثم تبدأ شعرة جديدة بالنمو مكان تلك التي سقطت.
ومن هنا فمن الطبيعي أن يسقط عدد من الشعرات يوميًا، وهذه الشعرات تكون في المستوى الطبيعي إذا كان عددها ما بين 50 إلى 100 شعرة. ويستطيع الطبيب تحديد ذلك بالكشف السريري والتاريخ المرضي وأحيانًا تحاليل مخبرية محدودة.
وهناك عدة أنواع من الصلع أوجزها فيما يلي:
– الصلع الوراثي: يصيب أكثر من 50% من البالغين بدرجات متفاوتة فمنهم من يفقد مقدمة الشعر فقط ومنهم من يفقد شعره بالكلية. وهذه الدرجة تتراوح بين 1 – 7.
وبخلاف ما هو شائع عن عدم إمكانية علاج الصلع الوراثي، فمن الممكن إيقاف تساقط الشعر، بل إعادة كثير مما فقد منه بدون جراحة. وفي جميع الأحوال فإن المبادرة بالعلاج أمر أساسي في زيادة فرصة استعادة الشعر المفقود، ولذا ينصح كل المصابين بتساقط الشعر باستشارة الطبيب المختص قبل الوصول إلى مرحلة اللاعودة. وهم المرضى الذين يكون الحل الوحيد هو زراعة الشعر.
وننبه هنا إلى أن بعض النساء اللواتي يصبن بالصلع الوراثي إلا أنهن يجهلن ذلك، إذ أشارت الدراسات إلى أن أكثر من 40% قد يصبن بالصلع الوراثي. والسبب في عدم معرفة إصابتهن بهذا النوع من تساقط الشعر يرجع إلى أن كثيرًا من أطباء الجلدية قد يجهلون ذلك، والأمر الآخر أن طبيعة هذا التساقط تختلف عنه عند الرجال.
– تساقط الشعر المؤقت: في هذه الحالة يفقد الرجل أو المرأة كميات من شعره لأسباب كثيرة من الصعب حصرها، لكن من أكثرها شيوعًا تغير الهرمونات، أو أنظمة تخسيس الوزن التي تهبط بالوزن بشكل سريع وكبير خلال فترة زمنية قصيرة، أو تناول أدوية معينة، أو التعرض لحالة مرضية شديدة أو إجراء بعض العمليات الجراحية، أو فقدان دم بكميات كبيرة بالإضافة إلى أسباب كثيرة يصعب تناولها في هذا المقال لكن يمكن لطبيبك التقصي عنها لتصحيح الوضع المسبب للتساقط.
– الحمل والشعر: عادة ما يكون الحمل مصاحبًا لتحسن جزئي للشعر عند أغلب الحوامل إلا أنه قد يكون أثره سلبيًا عند عدد قليل منهن مما يستلزم معرفة السبب في الحال قبل الولادة. وهذا الاكتساب الجزئي يتم فقده عند أغلب الحوامل بعد الولادة حيث تبدأ المرأة بفقد شعرها بشكل كبير ومقلق جدًا في الثلاثة الأشهر الأولى بعد الولادة، وعادة ما يعود الشعر لنموه الطبيعي بعد عودة المرأة للاهتمام بغذائها، إلا أنه قد يستمر هذا التساقط إلى سنة إن لم يتم تصحيح الوضع بمعرفة السبب وعلاجه.
ولحبوب منع الحمل دور ازدواجي على الشعر، إذ إنه في بعض الأحيان يكون أثرها إيجابيًا، وفي بعضها الآخر يكون أثرها سلبيًا وذلك يرجع إلى عاملين أساسيين: أحدهما المادة الفاعلة في العقار، والعامل الآخر هو زمن أخذ هذه الموانع. ويمكن تصحيح الأثر السلبي بطريقتين مختلفتين. وفي أغلب الأحيان لا يحتاج المريض إلى إيقاف موانع الحمل مطلقًا لحل المشكلة.
– الثعلبة: تعتبر من أكثر أسباب تساقط الشعر والتي يمكن أن تصيب كافة شرائح المجتمع بدءًا بالمواليد وانتهاءً بالعجائز. وفيها يحدث سقوط مفاجئ لكمية من الشعر في منطقة محددة قد تتوسع لاحقًا، ولا يعرف إلى الآن السبب المثير لها. إلا أن الدراسات قد أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن مناعة الجسم لها دور أساسي في مهاجمة بصيلات الشعر وحصول التساقط. ومما يزيد الأمر تعقيدًا أن بعض الحالات يعود الشعر للنمو تلقائيًا وبدون علاج.
إلا أن العلاج يساهم بشكل مثبت علميًا في منع اتساع التساقط، بل إعادة إنبات الشعر عن طريق إزالة المؤثر المناعي. ولذا ينصح المصابون باستشارة الطبيب المختص وعدم إهمال الأمر.
والثعلبة لها أنواع كثيرة تبدأ بالثعلبة المحدودة وتنتهي بالثعلبة الكلية التي تصيب كل شعرة في جسم الإنسان.
د. عبد المجيد العجلان استشاري أمراض وزراعة الشعر وجراحة الليزر