اكتشف بعض العلماء نوعًا جديدًا من الألياف الغذائية أفادهم في علاج بعض أنواع السرطان في حيوانات التجارب، وأظهرت التجارب الأولية على هذا المركب الكربوهيدراتي الذي يسمى “البكتين” Pectin ويستخلص تجاريًا من قشور ثمار الحمضيات كالبرتقال والليمون والجريب فروت، فائدته المحتملة في علاج السرطان. لكن يحذر العلماء من استعماله لهذا الغرض في الإنسان قبل توفر أدلة علمية كافية تؤكد فائدته العلاجية لضحايا السرطان، ويباع في محلات الأغذية الصحية بالولايات المتحدة كمستحضر غذائي وليس دواء، وينتشر استعمال مسحوق البكتين النقي كمركب يعطي قوامًا كثيفًا لبعض شرابات الأدوية والأغذية كالمربى والمرملاد ومستحضرات التجميل، وهو مركب يجعل المحاليل والسوائل على شكل هلام (جيل) ولا تتحلل جزيئاته في الجهاز الهضمي للإنسان فلا يمتص في أمعائه، وتحتوي بعض الأغذية على نسب مرتفعة منه كالتفاح والكمثرى والبنجر والطبقة الإسفنجية في قشور ثمار الحمضيات.
واكتشف الأطباء فوائد استعماله على شكل مستحضر غذائي أو تناول الأغذية المحتوية على نسب مرتفعة من البكتين في تقليل معدل امتصاص السكريات ومركب الكوليسترول والدهون الموجودة في الطعام داخل الأمعاء نتيجة ادمصاصها على سطوح جزيئاته المنتفخة في الماء، مما يقلل حدة ارتفاعها في الدم، وهذا له فائدة كبيرة لمرضى السكر وارتفاع دهون الدم والكوليسترول في تخفيف شدة مرضهم.
ويسعى بعض العلماء نحو الاستفادة من بعض السكريات المعقدة في الأغذية في أداء وظائف حيوية داخل جسم الإنسان، ويهتم الدكتور أبراهام راز Avraham Raz مدير مختبر الأورام السرطانية في معهد السرطان في مدينة ديترويت Lab at Detroit’s Barbara Ann Karamanos Cancer Institute بالولايات المتحدة بطريقة التصاق الخلايا الخبيثة مع بعضها لتكوين الورم في الجسم، ولاحظ احتياج هذا الالتصاق إلى توفر سكريات في الدم تسهل التصاق الخلايا السرطانية مع بعضها، فاقترح إمكانية قيام البكتين بمنع حدوث التصاق هذا الخلايا مع بعضها، لكن لا يمكن إعطاء البكتين العادي عن طريق الوريد. ثم اكتشف هذا الباحث أيضًا طريقة علمية تؤدي إلى تغيير تركيب جزيء البكتين فتجعله قابلاً للهضم في الأمعاء فيدخل إلى الدم. ثم أشارت دراسة علمية حديثة قام بها نفس هذا الباحث ومعاونوه نشرها في مجلة معهد الوطني للسرطان Journal of the National Cancer Institute بالولايات المتحدة أن بكتين الحمضيات المعدل تركيبه قلل حجم الأورام الخبيثة المحدثة في فئران التجارب، بعد حصولها على بكتين ذائب في ماء شربها، فقد لاحظ حدوث تناقص ملحوظ في حجم انتشار الورم في أجسامها. وبلا شك تختلف هذه الطريقة الجديدة لعلاج السرطان عن الطرق التقليدية كالعلاج الكيماوي والإشعاعي، فلا يقوم البكتين بقتل الخلايا السرطانية وإنما يعيق التصاقها مع بعضها أو الالتصاق على جدار الأوعية الدموية ومنع تجمعها في منطقة الورم الخبيث مما يعيق تمكنها من الحصول على تغذية كافية لتنمو وتنقسم فيقل معدل انتشارها في جسم المريض. وبلا شك هناك حاجة إلى إجراء المزيد من البحوث العلمية على فعالية هذا المركب في علاج السرطان في الإنسان لتأكيدها أو نفيها.
