أبحاث متعددة تؤكد وجود أغذية تصيب مستهلكيها بالأمراض، مثل تعرض البعض لأعراض الحساسية إثر تناول أغذية معينة، وتعرض آخرين لاضطرابات في الجهاز الهضمي نتيجة تناول أغذية مثل الثوم والبصل.
معضلة الشريان التاجي
قد يكون الغذاء من أهم عوامل الإصابة بجلطة الشريان التاجي، الذي يمد عضلة القلب بالدم الذي يحمل معه الأكسجين الضروري لحياة عضلة القلب. فهناك أغذية تحتوي على نسبة مرتفعة من الدهون الحيوانية المشبعة والكولسترول تشمل السمن والزبد والقشدة، وهناك أطعمة تحتوي على نسبة عالية من الدهون مثل الكعك والبسكويت وأصناف الحلويات الأخرى، واللحوم الدسمة. ويحتوي صفار البيض على نسبة عالية من الكولسترول.
الطريف أن أحد العلماء لخص العوامل مجتمعة التي تصيب بجلطة الشريان التاجي في جملة موجزة بقوله: «إنها السيارة والتلفزيون والزوجة التي تجيد طهي الطعام..»، فالسيارة تقلل من السير على الأقدام وتقلل من الحركة والنشاط بوجه عام.. والتلفزيون يشجع على الجلوس بدون أدنى حركة أو نشاط لساعات طويلة.. أما الزوجة التي تجيد طهي الطعام فإنها بما تقدمه لزوجها وأولادها من صنوف الأطعمة الشهية والدسمة تمثل عاملاً مهمًا من العوامل التي تؤدي إلى الإصابة بجلطة الشريان التاجي.
هذا الأمر يتطلب منا الإقلال من تناول الدهون المشبعة مثل السمن والزبد والقشدة واللحوم الدسمة واللبن الدسم وغيرها من الأغذية التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون المشبعة، بالإضافة إلى الأغذية الغنية بالكولسترول مثل صفار البيض والأطعمة الدسمة بوجه عام. وفي الوقت ذاته ينبغي تناول الأطعمة المحتوية على الزيوت النباتية (مثل زيت الذرة) والأسماك والدجاج بالإضافة إلى الخضراوات والفاكهة.
القرحة والجهاز الهضمي
وللغذاء دور في حدوث القرحة.. بينما تسبب أغذية أخرى متاعب وآلامًا لمرضى القرحة، خاصة الأطعمة التي ينتج عن تناولها تكوين غازات وزيادة حموضة المعدة مثل الثوم والبصل، وتلك التي تحتوي على مواد مثيرة لأغشية المعدة والأمعاء مثل الفلفل والشطة وغيرهما من الأطعمة الحريفة.
ومن أمراض الجهاز الهضمي التي يسببها الغذاء التهاب المعدة المزمن الذي قد ينشأ عن تناول أغذية مثيرة لأغشية المعدة، أو الإفراط في شرب القهوة. كما يسبب تناول الأغذية المثيرة لأغشية المعدة متاعب ومعاناة لمرضى التهاب المعدة.
أما الأطعمة الحريفة والأغذية المحتوية على نسبة عالية من الألياف والأغذية فتؤدي إلى تكوين الغازات ومن ثم متاعب لمرضى التهاب القولون والقولون العصبي. كما تنشأ اضطرابات الجهاز الهضمي عن تناول أغذية تزيد من تكوين الغازات، وهي تشمل البصل والفول والباذنجان والزبيب والموز واللبن.
كما ترتبط أمراض الكبد بتناول نوعيات معينة من الأغذية، وفي الوقت ذاته فإن الغذاء قد يساعد في علاج المرض الكبدي. مثل مرض الكبد الدهني، وينشأ عن قصور الكبد عن التخلص من الدهون التي تصل إليه من الدم، فتتراكم الدهون في الكبد ومن ثم تضخمه وعرقلة وظائفه، وقد يتطور المرض بحيث يصاب الكبد بالتليف.
الحساسية للأغذية
وعند تناول بعضهم لأنواع معينة من الأغذية تظهر أعراض حساسية لديهم، وهي تحدث عادة بسبب تناول أغذية تحتوي على البروتينات مثل البيض واللبن والسمك وبعض الحبوب.
وبشكل عام، فإن على الذين يشكون من الحساسية لأغذية معينة تجنب تناولها بعد تحديدها، ويستطيع الطبيب مساعدة المريض في التعرف على نوعيات الأغذية التي تسبب له الحساسية، وذلك بعد إجراء اختبار خاص يطلق عليه اسم اختبار الحساسية. كما تحدث أعراض الحساسية بسبب مواد كيميائية مضافة لحفظ الغذاء أو لإكسابه لونًا جذابًا أو مذاقًا أو نكهة مميزة.
طعام الإمساك
لا يتناول المصاب بـالإمساك (Constipation) عادة إلا أطعمة خالية من الألياف (من لحم ودجاج وحليب) ودهونًا (الزبد وزيت الذرة) وحبوبًا عالية التكرير (الخبز الأبيض والأرز الأبيض)… فإذا استمر على ذلك فترة من الزمن فإنه لا يبقى في أمعائه الغليظة مواد كثيفة، مثل الألياف، وهي التي تجعل مادة الإخراج كبيرة الحجم سهلة الخروج. وتتحول بدلاً من ذلك إلى مادة صلبة مكدسة.
إذًا الألياف النباتية تعد عاملاً مهمًا في تحقيق حركة البطن بشكل صحي، حيث تبقى الألياف وتتحرك نحو الأمعاء الغليظة لتؤلف أغلب مادة الإخراج، فضلاً عن تميزها بخاصية الاحتفاظ بالماء، مما يزيد من حجم المادة ويسهل خروجها.
ولا ننسى عنصرًا آخر مهمًا في هذا المجال لأنه لا يكتمل بدونه حركة بطن صحية سهلة، ونقصد به الماء.
ومن ثم، فإن برنامجًا غذائيًا محتويًا على الخضراوات والفواكه يعد وصفة مضمونة للتغلب على الإمساك. فالفواكه تحوي كميات وفيرة من الألياف والماء المسهلة للإخراج. والحبوب (النشويات) تحوي كميات وفيرة من الكربوهيدرات المعقدة التي تمتص الماء سريعًا.
د . عز الدين الدنشاري – أستاذ الأدوية والسموم