الصحة والغذاء

ما اللدونة العصبية؟.. وما فوائدها وأنواعها؟

يتطلب الحفاظ على لياقة العضلات وقوتها جهدًا شاقًا. والأمر سيّان بالنسبة لدماغك، ذلك العضو المذهل الذي يتمتع بقدرة فريدة على التغير والتكيف واكتساب القوة من خلال التمارين الذهنية.

“اللدونة العصبية” هو المصطلح العلمي الدقيق الذي يُستخدم لوصف قدرة دماغك على التعلم والتكيف. تخيّل الأمر كعملية إعادة برمجة داخلية تمكّن عقلك من النمو والاستجابة للمتطلبات الجديدة والمتزايدة.

إذًا، كيف يمكنك تنمية قدراتك العقلية؟ لنستلهم بعض النصائح – وفقًا لموقع clevelandclinic – من عالمة النفس غريس تووريك، الحاصلة على درجة الدكتوراه في علم النفس، لتنمية مهاراتك الإدراكية.

ما هي اللدونة العصبية؟

تشير اللدونة العصبية إلى قدرة دماغك على استيعاب المعلومات والتطور لمواجهة التحديات المستجدة. إنها موهبة فطرية تمكّنك من التطور على المستوى الشخصي وتحمّل أعباء الحياة اليومية المتغيرة باستمرار.

توضح الدكتورة تووريك قائلاً: “تشير اللدونة العصبية إلى مرونة دماغنا وقدرته على التكيف مدى حياتنا. إنها الآلية التي ننمو بها كأفراد.” لذا، عندما تحفظ الأبجدية في صغرك، فهذا مثال جليّ على اللدونة العصبية في مرحلة مبكرة. وينطبق الأمر نفسه عندما تتعلم القيادة والتنقل في شوارع حيّك. حتى فعل بسيط مثل تذكر اسم زميل عمل جديد ينطوي على عمل عقلي يندرج تحت مظلة اللدونة العصبية. وهنا تكمن أهمية الأمر: تُحدث اللدونة العصبية تغيرات بنيوية داخل جمجمتك. باختصار، يخضع دماغك لعملية إعادة برمجة أثناء تعلمه من تجاربك.

تقول الدكتورة تووريك: “تحدث تغيرات مورفولوجية وبنيوية في أدمغتنا. تتشكل روابط تشابكية جديدة بين مليارات الخلايا العصبية في دماغك أثناء استقبال المعلومات. إنها عملية مستمرة.”

فوائد اللدونة العصبية

تفسر اللدونة العصبية كيف نتعلم من خلال استيعاب المعلومات وتحليلها طوال حياتنا. تقول الدكتورة تووريك: “إنها تسمح لنا بالتكيف مع البيئات والمواقف الجديدة”.

لكن اللدونة العصبية لا تقتصر على تعلم أشياء جديدة. فقدرة دماغك على التحديث وإعادة البرمجة باستمرار تمكّنك أيضًا من إعادة التعلم، وهي حاجة ملحة بعد السكتة الدماغية أو إصابة الرأس الرضحية.

هل تتذكر تلك التغيرات الجسدية الكامنة وراء اللدونة العصبية؟ عملية البناء هذه في دماغك تمكّنه من تجاوز المناطق المتضررة. هذه الوصلات المشبكية تنشئ مسارات جديدة للتغلب على الإصابات.

في جوانب عديدة، تستهدف أنشطة العلاج الطبيعي وإعادة التأهيل بعد السكتة الدماغية أو إصابة الرأس استغلال القوة التجديدية للِّيونة العصبية.

أنواع اللدونة العصبية

تشكل وظائف التعلم وإعادة التعلم الأساس لنوعين مختلفين من اللدونة العصبية:

  • اللدونة البنيوية: تجارب تُنشئ مسارات لترسيخ المعلومات المكتسبة.
  • اللدونة الوظيفية: بناء مسارات بديلة حول مناطق الدماغ المتضررة للتغلب على إصابة أو ضعف.

10  مبادئ للُّدونة العصبية

نُشرت ورقة بحثية عام 2008 حددت عشرة مبادئ للُّدونة العصبية بهدف تحسين وظائف الدماغ، وخاصةً بعد التعرض لإصابة أو ضرر.

المبادئ هي كما يلي:

  1. استخدمها وإلا ستفقدها: تعلم شيء ما لمرة واحدة لا يعني إتقانه للأبد. فإذا لم تستخدم مهارة ما، فمن المرجح أن تتدهور وتضعف بمرور الوقت.
  2. استخدمها وحسِّنها: وكما تقول الحكمة القديمة: “الممارسة تُفضي إلى الإتقان”.
  3. التحديد: كن دقيقًا في أسلوبك وركّز على المهارة التي ترغب في تعلمها.
  4. التكرار: تكرار مهمة ما قد يجعلها في النهاية أمرًا طبيعيًا. تقول الدكتورة تووريك: “التكرار بمثابة تدريب إضافي لعقلك”.
  5. الشدة مهمة: ابذل قصارى جهدك، فالجهد المعتدل غالبًا ما يُحقق نتائج محدودة.
  6. التوقيت مهم: إذا كنت تعاني من إصابة دماغية، فلا تتأخر في محاولة إعادة بناء المسارات العصبية، فالتدخل المبكر عادةً ما يُحقق نتائج أفضل.
  7. الأهمية مهمة: ستحسّن أداءك إذا كان الأمر ذا مغزى حقيقي بالنسبة لك، مما يعزز التزامك بالجهد المبذول.
  8. العمر مهم: يمكن لأي شخص، مهما بلغ من العمر، الاستفادة من اللدونة العصبية، لكن العملية تكون أيسر قليلًا في سن أصغر. تقول الدكتورة تووريك: “إذا كنت أكبر سنًا، فقد يتطلب الأمر وقتًا وصبرًا أطول”.
  9. النقل: الجميع يفضل صفقة “اثنان بسعر واحد”، أليس كذلك؟ حسنًا، ممارسة مهارة واحدة يمكن أن تثمر فوائد عند القيام بمهام مرتبطة بها. (مثال: وجد الباحثون أن إعادة تدريب الأشخاص على استخدام الملعقة بعد السكتة الدماغية يحسّن مهارات حركية أخرى).
  10. التداخل: قد يتعارض ما تتعلمه مع ما ستتعلمه لاحقًا، ويصدق هذا بشكل خاص إذا كنت تسلك طرقًا مختصرة وتضطر إلى التخلص من عادات سيئة.

طرق تحسين اللدونة العصبية

هل ترغب في تقوية دماغك؟ إذًا، تحدَّه بانتظام بأنشطة وتجارب جديدة – وهو مسعى ليس بالصعوبة التي قد تتخيلها.

توضح الدكتورة تووريك: “لست بحاجة إلى السفر حول العالم لاكتشاف تجارب جديدة، بل اسعَ إلى ترسيخ مفهوم “التجارب الجديدة” في حياتك اليومية ببعض الأعمال البسيطة.”

الفكرة هي كسر روتينك، ولو قليلًا. يمكنك تحقيق ذلك من خلال:

  • سلك طريق جديد إلى العمل أو المتجر. والأفضل من ذلك، أوقف تشغيل نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) مؤقتًا واستخدم عقلك لتحديد اتجاهك.
  • الاستماع إلى أغنية جديدة بدلًا من تكرار قائمة التشغيل القديمة نفسها.
  • البحث عن وصفة جديدة لتحضير العشاء.
  • إضافة نشاط مختلف إلى روتينك الرياضي. فإذا كنت عداءً، على سبيل المثال، فجرّب ركوب الدراجات أو رفع الأثقال.
  • استخدام يدك الأخرى لإنجاز المهام. فإذا كنت أيمن، فاستخدم يدك اليسرى لتنظيف أسنانك.
  • الحصول على قسط كافٍ من النوم الجيد. تقول الدكتورة تووريك: “النوم هو الوقت الذي تُرسَّخ فيه معلومات اليوم في دماغك، وهو يفيد دماغك أكثر مما تتخيل”.
  • إذا كنت تشعر بنشاط كبير، فافعل شيئًا جديدًا كليًا وخارجًا عن المألوف لتتجاوز منطقة راحتك. قد يشمل ذلك:
    • الاشتراك في دورة تدريبية.
    • تعلم لغة جديدة.
    • ممارسة التلاعب بالكرات.
    • البدء في العزف على آلة موسيقية.
    • السفر.

استمتع أيضًا بعملية بناء الدماغ من خلال المرونة العصبية، ولا تقلق بشأن مدى نجاحك في مشروعك الجديد. تشجع الدكتورة تووريك قائلاً: “الخبرة هي الأهم، وسيستفيد دماغك منها مهما بلغت مهارتك في هذا الشيء الجديد الذي تجربه.”

تابعنا

تابع الصحة والغذاء على مختلف منصات التواصل الاجتماعي

الصحة والغذاء إحدى بوابات دار   دار اليوم