عرف الناس قديمًا وحديثًا السكر باسم السم الأبيض.. لكن هل سمعتم عن السم الملون؟
إنها الألوان الصناعية التي تضاف للأغذية، ولا نجد اسمًا أفضل لها من هذا؛ بعدما أكدت كثير من الأبحاث مخاطرها على صحة الإنسان خاصة في حالة استخدام جرعات كبيرة منها على المدى البعيد.
والمتابع لمصانع إنتاج الأغذية يلاحظ توسعًا كبيرًا في استخدام هذه الألوان في إنتاج الأغذية؛ حيث إن اللون أكثر ما يلفت الانتباه ويضفي على ذهن المستهلك نكهة وهمية.
لكن ما حقيقة الألوان الصناعية؟
تعد الألوان الصناعية مواد ليس لها أي قيمة غذائية تضاف للأطعمة المصنعة من أجل تدعيم لونها بإكساب المنتج لونًا خاصًا به، دون اللجوء لعمليات الغش وخداع المستهلك، عبر إيهامه مثلاً بأن الصنف يحتوي على الطماطم في حين لا يحتوي إلا على لونها الأحمر مثلاً.
وقد تم إدخال المواد الملونة للصناعات الغذائية منذ زمن بعيد، وتقريبًا في منتصف الخمسينيات من القرن الثامن عشر، وكان أول استخدام لها عام 1856م حين اكتشف الدكتور بركنز عن طريق المصادفة أول صبغة تخلقية وهي البنفسجي الزاهي الذي سمي فيما بعد ببنفسجي بركنز. ونجح العلماء بعد ذلك في إنتاج الألوان من قطران الفحم، واستعمل فيها مركب الأنيلين، وعرفت فيما بعد ولسنوات طويلة باسم ألوان الأنيلين.
الجدير بالذكر أنه قبل السماح باستعمال أو تسويق هذه المواد على الصعيد المحلي أو العالمي يجب أن تخضع لبعض الشروط الصارمة كأن تخضع لاختبارات السمية على المدى البعيد والقصير أو إذا كانت المواد المذكورة من المحتمل أن تسبب السرطانات أو مشاكل تناسلية.
والدليل على خطورتها هو قيام التشريعات الغذائية في بعض دول العالم بالحد من استخدام بعض هذه الملونات مثل الترترازين ذي اللون الأصفر الذي يدخل في عدة أطعمة وسكاكر؛ حيث ثبت أنه قد يتسبب في حدوث مرض السرطان على المدى الطويل. كما وجد لبعضها تأثير على البشرة وبعضها يؤدي لارتفاع في ضغط الدم. كما تتسبب أنواع منها في زيادة نسبة الكوليسترول بالدم. وقد يعاني بعض الأشخاص من حساسية سواء جلدية أو تنفسية من بعض المواد الملونة مثل مادة التارترازين (E102) ومادة الصباغ القرمزية (E120) ومادة الإيرتروزين (E127) والمستعملة في صناعة الكرز بالسكر ومادة الأمارانت (E123) المستعملة في صناعة بعض المشروبات. وحرف إي (E) يعد اختصارًا لأوروبا أي أن هذه المادة الملونة تعرف في كتاب المواصفات القياسية الأوروبية بهذا الرمز. وخطورة هذه المواد ناشئة عن أنها ليست لها آثار سلبية سريعة على جسم الإنسان بحيث يمكن للفرد تدارك خطورتها ويبتعد عنها سريعًا، وإنما تأثيرها يكون على المدى البعيد.
ويزداد خطر هذه الملونات على الأطفال باعتبارها الشريحة الأكثر حساسية والأكثر تناولاً للأغذية التي تحتوي على المواد الملونة حيث تشدهم الألوان والنكهات الموجودة في أصناف الحلوى والسكاكر والمشروبات مع أنها الأكثر خطورة بين فئات المواد الكيماوية المضافة.
كما أن مداومة الأطفال على هذه الأطعمة وفي هذه السن الصغيرة يعجل بظهور أعراض مرضية مبكرة.
وتمثل مثل هذه الحقائق كارثة بالنسبة لمنتجي الأغذية، حيث إن المواد الملونة تعد بالنسبة لهم إحدى أهم وسائل تسويق المنتجات الغذائية. ولحسن الحظ أجريت دراسات أخرى، تحدد الجرعات الآمنة المسموحة من كل مادة ومنع استخدام البعض الآخر، ولكن هذا الحل وحده لا يكفي وبخاصة لنا ولأبنائنا وغالبًا ما يرفض الآباء المثقفون أن يتناول أبناؤهم الأغذية التي تحتوي على مواد ملونة، إذًا مازالت المشكلة قائمة لمنتجي الأغذية.