على مر العصور والأزمِنّة كانت الجوائح هي من أكثر ما يحصد أرواح النّاس، وليست الجوائح حصرًا على الأوبئة فحسب؛ بل إنّ جائحة تصديق المعلومات المغلوطة كانت هي الأكثر حصدًا للأرواح؛ فقد جَعلت الأفراد يستهينون بالبحث عن المعلومّة الصحيحّة من مصادرها العلميّة الموثوقة؛ وبالتالي انتشرت موجة الإشاعات وسَيل عارِم من الخُرافات. ومن أبرز ما دار عليه الجدل مؤخرًا هو القلق من إعطاء لقاح كوفيد – 19 للأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 5 سنوات وحتى 11 سنة؛ لذا جرى التأكيد على ضرورة معرفة الحقائق العلميّة عن اللقاح من خلال هذا المقال.
يتداول البعض عبارة “كورونا لا تُصيب الأطفال”، ولذا فهم يمتنعون عن إعطاء اللُقاح لهم خشية الإضرار بهم، وفي الحقيقة فمن الممكن أن يصاب الأطفال بفيروس كوفيد – 19 مثل البالغين وقد تحدث لديهم مضاعفات صحيّة على المدى القصير والمدى الطويل، كما أنهم يساهمون في نشر الفيروس للآخرين، بما في ذلك المنزل والمدرسة، و أخذ الأطفال للقاح ليس له مضاعفات شديدة مُقارنةً بالمضاعفات الناتجة عن الإصابة بكوفيد – 19؛ حيث شارك الآلاف من الأطفال في الدراسات السريريّة للقاح وتلقى ما يقارب 5 مليايين طفل (5-11 سنة) اللقاح ولم تظهر عليهم أي أعراض جانبية خطيرة، كما أن الآثار الجانبية للقاح معروفة جيّدًا وموثّقة بِدقّة، ولا صحة لأن تكون هناك أعراض جانبية طويلة الأمد.
إنّ لقاحات كوفيد المعتمدة على تقنية mRNA لا تتفاعل مع الحمض النووي الخاص بالإنسان على الإطلاق. لأن الحمض النووي الريبوزي في اللقاحات لا يدخل النواة أبداً وبمجرد أن تستخدم خلايا المناعة التعليمات، فإنها تكسر الحمض النووي الريبوزي وتُخرِجه بسرعة من الجسم، وتحتوي لقاحات فايزر وموديرنا على جزيء الحمض النووي الريبوزي ملفوف في مغلف جسيمات نانوية دهنية (LNP) ، وهذه الجسيمات قابلة للتحلل الحيوي خلال 4 ساعات تقريبًا، ويبدأ جزيء الحمض النووي الريبوزي في لقاح COVID-19 في التفكك بعد حوالي ست ساعات ويختفي تماما في غضون 48 ساعة. كذلك فإن البروتين الشوكي الذي تصنعه خلايا الجسم غير ضار ويُستخدم لتحفيز الخلايا المناعية ثم يتخلّص منه الجسم خلال أيام قليلة. بينما تستخدِم اللقاحات التقليدية ميكروب مضعّف أو جزء منه حتى تحفز الجهاز المناعي على توليد أجسام مضادة تقاوم العدوى، وقد تستغرق مدة إنتاج السلالة الصحيحة عدة شهور بينما لقاحات mRNA تعطي استجابة أسرع، وعلى الرغم من بعض الاختلافات بين النوعين فكلاهما آمن وفعّال.
وخُلاصة القول فإنّه ينبغي الإدراك بأهميّة اللقاحات لحمايتك وحماية أطفالك من المضاعفات الشديدة التي قَد يتم التَعرُّض لها نتيجة الإصابة بالفيروس، والحذَر من تصديق المصادر الزائفة والمجهولة التي تَبُث المعلومات المغلوطة للحصول على زَخم إعلامي أو لأسباب أخرى.
المصدر: وزارة الصحة – عش بصحة