كثيرًا ما كان يتندر أبناء قريتنا على شخص بأنه من الذين يغسلون الحطب، أو من الذين يغسلون التمر كناية عن هوسه بنظافة الطعام، إذ كان الحرص على غسل الطعام قبل أكله يعد أمرًا غير طبيعي في وقت من الأوقات.
ولهذا السبب كان كثير من الأطفال والبالغين أيضًا يشتكون من دودة الأسكارس أو الدودة الأسطوانية، وهي بالفعل أسطوانية الشكل، وكبيرة الحجم، وتتخذ من أمعائنا مسكنًا لها، وتضع الأنثى منها في بطوننا ألوف البويضات ما يجعل كثيرًا منا مصابًا بضعف عام ونقص في الوزن مع آلام شديدة في البطن تجعل الواحد منا يتلوى طوال النهار، والمصيبة أن العلاج الذي يصفه كبار السن ومدعو الطب لهذه الدودة هو شرب كمية قليلة من البنزين، ويفضل أن يكون من نوع أوكتين 95!
أنا شخصيًا لا أتذكر أني كنت أغسل الفواكه أو الخضروات، وإذا أصبت بهوس نظافة في أحد الأيام فقد كنت أكتفي بمسحها بكلتا يدي فحسب، وأما التمر فكان غسله مما يخل بمروءة الإنسان، وأما الآن فصرت أغسل الفواكه خوفًا من هذه الدودة الطفيلية، ومع ذلك فمازلت أفضل الفواكه التي لا تحتاج إلى غسل مثل الموز والبرتقال واليوسفي، ومع أني لا أفرق حتى الآن بين الخضراوات والفواكه إلا أني اهتديت أخيرًا إلى طريقة للتفريق بينهما، وهي أن الفواكه هي كل ما لا يحتاج إلى طبخ على عكس الخضراوات!!
في إحدى السنوات طلب منا مدرس الرسم أن نرسم لوحة فيها سلة فواكه، ولأننا نعيش في قرية نائية فلم يكن يصلنا من الفواكه سوى البرتقال والتفاح، أما الموز فلأنه يتلف في الطريق فلم يكن أحد من التجار يغامر بنقله إلى هناك، وحين انتهينا من رسم لوحاتنا نظر إليها المعلم فلم يجد فيها سوى نوعين من الفواكه برتقال وتفاح، فقال لنا: لماذا لم يرسم أحد منكم الموز؟ فأجاب أحدنا: لأننا لم نره أبدًا، ولا نعرف شكله يا أستاذ!
(الصحة والغذاء : نشكر الأخ سعيد الدوسري على مشاركاته القيمة التي عودنا عليها ونؤكد ضرورة غسل الفواكه والخضراوات الطازجة بماء نظيف جار قبل تناولها لأنها قد تكون ملوثة ببكتريا أو فيروسات ممرضة, و من الممكن أن يحدث هذا التلوث في أية مرحلة ابتداء من مراحل الحصاد حتى وصول الغذاء للمائدة).