حتى تكون العلاقة صحية بينك وبين طعامك، تأكد من أنك تأكل لإشباع إحساسك بالجوع الفسيولوجي لا الجوع العاطفي، وأنك قادر على التوقف عن الأكل عندما يشعر جسدك وعقلك معًا بالشبع الحقيقي.
إذْنٌ بالأكل
ولإنشاء علاقة صحية مع الطعام عليك أولاً أن تحصل على الإذن بالبدء في تناول الطعام، ذلك أن عقليتك التي اعتادت على اتباع الحمية الغذائية قد سلبتك حتى حق الحصول على ذلك الإذن.
الكثيرون منا لا يستطيعون إدراك النقطة التي ينتهي عندها الإحساس بالجوع ويبدأ الإحساس بالرضا والشبع. فإذا كان الدافع الذي يحثك على تناول الطعام ناتجًا عن مواقف خارجية كحلول وقت الطعام أو رؤية الأطعمة، فإن ذلك قد يؤدي إلى إغفال الإشارات التي يرسلها الجسم بإحساسه بالجوع.
أما لو كان تناول الطعام هو آلية التكيف الرئيسة لديك للتعامل مع مشاعرك السلبية فقد لا تعرف أبدًا الشعور بالجوع الفسيولوجي بما أنك تتناول الطعام دون أن ينتابك إحساس بالجوع.
الإحساس بالذنب
إن تناول الطعام بناء على تلقي إشارات داخلية بالجوع يجعلك تفعل ذلك دون الإحساس بالذنب، لذا فعليك إكرام الجوع واحترام الشبع والاستمتاع بما بين ذاك وتلك بملذات عملية الأكل في حد ذاتها. كما أن العلاقة الصحية مع الطعام تبدأ بانتباهك إلى ما يدخل جوفك، هذه البداية البسيطة هي بمثابة حجر واحد يضرب ثلاثة عصافير:
– سيتقلص حجم كل لقمة تدخل إلى فمك.
– سيكون تركيزك أكثر على النوع لا الكم.
– ستستمتع أكثر بما تتناوله من طعام.
ولك أن تعرف أن زوائد التذوق الموجودة على سطح اللسان هي جزء من أساسيات عملية الأكل، فإن أخذت قضمات كبيرة من الطعام بحيث يمتلئ بها فمك وتنتفخ وجناتك، فلن تستطيع في هذه الحالة تذوق 90% مما تبتلعه من الطعام، فيكون ما تفعله بعيدًا تمامًا عن تذوق الطعام.
التحكم في العلاقة
إن العلاقة الصحية بالطعام تسمح لك بتقدير عملية الأكل بوقع يتسم بالاسترخاء مما يعود عليك بالفائدة. ولحسن الحظ، فإنك تستطيع التحكم في هذا النوع من العلاقات على عكس كثير من العلاقات الأخرى.
فيمكنك مثلاً أن تحدد كافة صفات الطرف الآخر، بينما لا يمكنك أن تفعل ذلك تمامًا مع شريكتك.
كما أن علاقتك بطعامك ستكون أنت صاحب الكلمة الأولى والأخيرة بها، وهو ما يتعارض مع العلاقات الشخصية حيث لكل منكما أهداف تنافسية وعيوب ونقاط ضعف عليكما العمل على تفاديها. كما أنه لا توجد مشكلة في ترك نوع وانتقاء غيره.
الإسراع في الطعام
ومن وجهة النظر المراعية للحمية الغذائية، يميل غالبيتنا إلى الإسراع في تناول الطعام، فيصبح أهم ما في عملية الأكل هو الانتهاء منها بسرعة والتفرغ إلى غيرها من الأعمال. وهكذا تتحول عملية الأكل إلى فاصل نشبع فيه الإحساس بالجوع لنعود بعده إلى أمورنا «الهامة».
إن الاستمتاع بطعامك لا يعني الانتهاء منه بأسرع ما يمكن، بل يعني قضاء أقل وقت ممكن في عملية الأكل.
نحن بحاجة إلى التفكير بشكل مختلف والتعامل مع قضايا الحمية والصحة من خلال وجهة نظر ناضجة متعقلة، وهو ما يستتبع إمكانية «تحديث» وجهات نظرنا القديمة غير الناضجة بسهولة إذا أردنا ذلك.
الأمر في النهاية يخصك أنت. فأي نوع من العلاقات تريد؟ هل هدفك هو الانتهاء من طعامك ومن ثم الانصراف إلى شيء آخر؟ أم أنك تريد علاقة تأخذ وقتك فيها بحيث تشعر بلذة الطعم وتستمتع به لأطول وقت ممكن؟
إعادة تفكير
إن بناء علاقة صحية يتطلب ضمنيًا الالتزام بإعادة التفكير في أسلوب شرائنا لنوعية الطعام وتخصيص الوقت المتاح للاستمتاع بعملية الأكل بالإضافة إلى منح الوجبة ما تستحقه من أهمية اجتماعية.
تعلم كيف تفرق بين الجوع الفسيولوجي والعاطفي، فإذا لم تستطع التأكد فلتشرب بعض الماء فقد يكون دافعك هو الشعور بالجفاف.
خذ نفسًا عميقًا بطيئًا وكرر ذلك عدة مرات، فغالبًا ما يتنكر التعب والإرهاق في شكل إحساس بالجوع. إذا تأكدت من أن جوعك ليس فسيولوجيًا، فاسأل نفسك ما الذي أطلق داخلك الرغبة في تناول الطعام.
ابحث عن خيارات بديلة للتخلص من القلق مثل ممارسة التمارين الرياضية أو التأمل، أو اتصل بأحد أصدقائك أو اخرج إلى الطبيعة أو خذ حمامًا واسترخ.
الأكل متعة فلا تعامله كشيء يسبب لك الضيق أو الإزعاج. يجب أن يكون ذهنك حاضرًا عندما يبدأ فمك في المضغ، فالطعام بهجة للنفس وليس شيئًا تلتهمه بسرعة دون أن تتذوقه.