السنوات الخمس الأولى من حياة الإنسان من المراحل المهمة التي تتشكل فيها سلوكياته الصحية والغذائية. والبيئة من العوامل المؤثرة في نمط التغذية، وهي تشمل عادات وتصرفات الوالدين وبقية أفراد الأسرة نحو الطفل. ومن ذلك:
طريقة الطهي: تؤثر على تفضيل الأغذية عند الأطفال، فمثلاً عندما تستخدم الأم كميات عالية من الملح في تحضير الطعام يتأصل الطعام المالح عند الطفل ويبدأ بتفضيل الأطعمة المالحة. وينعكس التأثير نفسه في حالة زيادة استخدام السكر أو الدهون أو البهارات، كما أن عدم التنويع في الأطعمة يحد من تذوق الطفل له ، مما يؤثر في مدى تقبله لأطعمة جديدة.
طريقة التقديم: ما تقدمه الأسرة لأطفالها من أطعمة يعني أنهم سوف يتعودون على هذه الأطعمة وتصبح جزءًا مهمًا من عاداتهم الغذائية، بما في ذلك الأطعمة السريعة والمشروبات الغازية والشاي أو القهوة وغير ذلك من الأطعمة. ولا ننسى الطريقة التي تقوم بها الأسرة في إقناع أطفالها بتناول هذه الأطعمة، فكثيرًا ما يرفض الأطفال بعض الأطعمة بسبب إلحاح الوالدين أو أحدهما عليهم لكي يتناولوها.
طريقة التناول: يستخدم الطفل يديه أو الملعقة في تناول الطعام نتيجة استخدام والديه لإحدى هاتين الطريقتين. كما يتعود الطفل تناول الطعام على الأرض أو على الطاولة، وكيفية الجلوس إلى الطعام وغير ذلك نتيجة الطريقة التي يسلكها أفراد الأسرة نحو هذه الأمور.
التحضير والحفظ: يؤثر نقص الوعي الصحي والغذائي عند الأبوين بشكل كبير في صحة وتغذية أطفالهما. وقد وجد أن بعض الممارسات الغذائية غير الصحية المتعلقة بتحضير الطعام التي تقوم بها ربة الأسرة هي السبب في بعض حالات الإسهال والتسمم الغذائي للأطفال. مثال ذلك الحرص على النظافة الشخصية في تحضير الطعام وطريقة تذويب الطعام المثلج وتخزين الأغذية في المنزل وكيفية التعامل مع الفائض من الطعام، وغير ذلك.
أمام التلفزيون: مشاهدة التلفزيون في أثناء تناول الطعام يساهم في زيادة تناول الطعام ومن ثم زيادة وزن الطفل. كما أن طول فترة مشاهدة التلفزيون يعني قلة حركة الأطفال، وهو عامل مساعد للسمنة. ويميل الأطفال إلى تناول أطعمة غنية بالسعرات الحرارية أثناء مشاهدة التلفزيون مثل الشوكولاته والشبس والمكسرات والمشروبات الغازية.
خارج المنزل: أحيانًا يكون تناول الطعام خارج المنزل من الجوانب الجيدة لتغيير الروتين اليومي والمساعدة في تعريض الطفل لأغذية جديدة، كما تعطيه فرصة لاختيار طعامه بنفسه. كل هذه الأمور قد تساهم في توفير جو اجتماعي ونفسي يحبب للطفل تناول الطعام. ولكن يجب أن تكون الأطعمة التي يتم تناولها خارج المنزل مغذية ومفيدة لصحة الطفل.
وجبة الفطور: كثيرًا ما يشتكي الأطفال من عدم الرغبة في تناول الفطور لأسباب متعلقة بشكل كبير بالجو البيئي داخل الأسرة . فعندما لا يتناول الأبوان الفطور فإن الطفل يفتقد القدوة وعدم التعود على تناول هذه الوجبة المهمة. ويشتكي الأطفال من تكرار الطعام نفسه وعدم التنويع في الأطعمة المقدمة في وجبة الفطور مما يشعرهم بالملل ومن ثم العزوف عن تناولها.
وجبة الغداء: اجتماع الأسرة حول الغداء يساعد على خلق الود ويعطي جوًا اجتماعيًا محفزًا للأطفال لتناول الطعام. ولكن أحيانًا تتحول وجبة الغداء إلى شبه معركة وتخلق جوًا غير سعيد، فقد يأتي الأب ومزاجه متعكر، وعندما تكون الأم عاملة قد يساورها الشعور نفسه. فينعكس هذا المزاج على الأطفال بتوبيخهم أو تأنيبهم مما يقلل من الحافز للاستمرار في تناول الطعام، ويحاول الطفل الإسراع في الانتهاء منها وقد لا يكون قد شبع، مما يجعله جائعًا ويقوم بسد هذا الجوع بتناول أغذية غير مفيدة مثل الحلويات والشوكولاته والشيبسي والمشروبات الغازية.
وجبة العشاء: وجبة محببة عند الأطفال لعدة أسباب أهمها التنويع في الأطعمة المقدمة في هذه الوجبة، وتعدل مزاج الأب أو الأم أو كلاهما بعد أخذ قيلولة الظهر أو العصر. وإذا تم جلب الطعام من خارج المنزل (توصيل المنازل) في وجبة العشاء فإن هذا يعني أطعمة جديدة محببة للأطفال.
تقبل الطعام: على الوالدين التحلي بالصبر وعدم الاستعجال أو الشكوى من أن طفلهما لا يحب غذاء معينًا قد يكون مفيدًا مثل الفواكه الطازجة، فبعض الأطفال يتقبل الطعام بشكل أسرع من غيره، وهناك أطفال يحتاجون فترة أطول قد تدوم عدة أشهر حتى يبدؤوافي تناول الطعام الجديد. ولا ننصح بفرض الطعام على الطفل أو عقابه أو ثوابه لكي يتناوله، وإذا أصر على تناول طعام معين، فإن ذلك لا يهم بشرط أن يكون طعامًا مغذيًا.
حقائق حول البيئة المنزلية وتغذية الطفل
يتناول الأطفال كميات أقل من الطعام عندما يحاول الوالدان إقناعهم بتناول المزيد.
· تؤدي القدوة دورًا مهمًا في اكتساب العادات الغذائية الحسنة أو السيئة عند الأطفال.
· استخدام الغذاء للعقاب أو الثواب يؤدي إلى نتائج عكسية.
· طفلك لن يموت أو يصاب بسوء التغذية إذا لم يتناول طعامًا معينًا.
د. عبد الرحمن مصيقر
رئيس المركز العربي للتغذية