جاء في دراسة للجمعية الطبية الأمريكية (American Medical Association) جرت على 1600 طفل تتراوح أعمارهم بين الخامسة والثانية عشرة أن البدانة في أثناء الطفولة مسؤولة بشكل مباشر عن ارتفاع كوليسترول الدم، وهو المادة الدهنية التي تسد الشرايين وتتلفها.
ويقول الدكتور فريدمان المشارك بهذا البحث “لقد وجدنا في هذه الدراسة أن الأطفال الذين سجلوا ازديادًا ملحوظًا في وزنهم كانت نسبة الكوليسترول بدمهم أكثر ارتفاعًا من غيرهم مما يحمل على الاعتقاد بأن البدانة قد تكون مؤدية للإصابة بمرض القلب”.
كما تشير الدراسات إلى أن البدانة إذا طال أمدها، فإنها تتسب في مرض السكري والكوليسترول وأمراض القلب. ويقدر كذلك بأن ثلاثة أرباع البدينين في العقد الثاني من العمر يستمرون في بدانتهم حتى سني الكهولة.
إن كثيرًا من الأهل لا يلاحظون ازدياد وزن ولدهم لكون ذلك يحدث بشكل بطيء وتدريجي، ولكونه أمام أعينهم كل يوم.
ولكن الأمر يتضح لهم عندما تصبح الملابس المناسبة لهذه السن ضيقة الحجم. أما الطبيب فهو قادر على إعطاء الرأي الصائب بالرجوع إلى جدول النمو ومقارنة وزن الطفل وطوله بالرقم الوارد في الجدول لذلك العمر.
يقول الدكتور برونل، مدير الفريق الدراسي بجامعة بنسلفانيا، إن إخضاع الطفل لحمية غذائية شديدة سيعيق نموه خلافًا لما يحصل لدى الكبار الذين يتكيفون مع ذلك، ولابد من التنويه للأهل أن إنقاص الوزن ليس بالأمر السهل حتى على الأولاد وأنه باتباع طرق معينة يسهل تحقيق ذلك.
أوقف ازدياد الوزن باكرًا
إن البدانة مشكلة يمكن حلها ككثير من الأمراض الخطرة إذا ما تم التصدي لها في سن مبكرة وقبل أن تسيطر على الأطفال عادات الطعام السيئة وفقد الأهل سيطرتهم على نوعية الأكل المقدم وكميته.
إن الطفل دون الثامنة من العمر يتوقع التوجيه والسيطرة من ذويه، فهما يقرران موعد النوم وما يمكن أن يشاهده من برامج على التلفاز. ولكن الأهل يفقدون شيئًا من سيطرتهم على الطفل عندما يكبر ويشعر باستقلاليته.
تقول إحدى السيدات إنها أنجبت طفلاً يزن 4 كيلوجرامات عند الولادة، وما إن بلغ ثلاثة أشهر من العمر حتى أصبح وزنه ۸ كيلوجرامات وهو الوزن الذي بلغته شقيقته عندما بلغت ۱5 شهرًا.
وقد نصحها الطبيب بإعطائه ۱۰۰ جرام من الحليب في كل وجبة، لكن الطفل لم يكن يكتفي بهذه الكمية بل بضعفها.
وقد أشار عليها الطبيب باتباع طريقة سهلة في تخفيف وزن الطفل، وذلك بتمديد كمية مسحوق الحليب بمزيد من الماء، وقد استمرت على هذا الترتيب لمدة سنة ونصف بحيث استقر وزن الطفل ضمن الحدود الطبيعية لعمره.
وينصح بعض الغذائيين بأن يستبدل بالحليب كامل الدسم آخر بنصف دسم، وتقديم الفاكهة والخضار للأطفال البدينين، والرأي السديد بين هؤلاء الاختصاصيين أنه يكفي عادة تقليل كمية المواد الدسمة في طعام الطفل لأن المادة الدسمة تحتوي من السعرات الحرارية ضعف ما تحتويه المواد البروتينية أو السكرية.
ربما كان على الأهل أيضًا أن يبدؤوا بتطبيق برنامج تقشف غذائي على أنفسهم أولاً فيسهل بالتالي تطبيقه على الصغار.
تذكر: الطعام ليس أكثر من قوت
لقد أشارت إحدى الدراسات إلى أن ذوي الأطفال الذين اعتادوا على تقديم الطعام لأولادهم كوسيلة لإسكاتهم.. هؤلاء الأطفال يعزون كل إحساس بالملل أو الحزن إلى الجوع. لن يكون الطعام بديلاً عن الحب أو الاهتمام أو مكافأة على عمل جيد.
إن بعض الأهل يلجؤون إلى مكافأة ولدهم بقطعة من الحلوى وذلك لحمله على الامتثال لرغبتهم. وهذا أمر سهل، لكن التصرف الأفضل هو معاملة الطفل بالمحبة والعطف إكرامًا لحسن سلوكه.
ويشجع الأطباء الأمهات على إرضاع أطفالهن من لبنهن، لأن ذلك سوف يتيح للأم التكيف مع احتياج طفلها للغذاء. فالطفل الذي ترضعه أمه من لبنها يتوقف عن الرضاعة عندما يشبع، لكنه عندما يرضع من الزجاجة التي قد تحتوي على 240 جرامًا من الحليب، فإنه قد يستهلك محتوياتها عن غير قصد وهو يداعب الزجاجة، وهي كمية تفوق احتياجه. وكثير من الأمهات يجهلن المقدار الذي يحتاجه أولادهن من الحليب في الوجبة الواحدة.
طبق الحمية الغذائية على نفسك
تشير الأبحاث إلى أن من الأرجح أن أحد أبوي الطفل البدين بدين أيضًا. فإذا طبقت الأم أو الأب الحمية الغذائية على نفسيهما، فإن ذلك سوف يشجع الطفل على تقبل التقنين الغذائي، وهناك أمثلة تروى على أطفال كانوا قدوة لذويهم، كما أن مشاركة الأهل لولدهم في برنامج الحمية الغذائي يقوي من احتمال نجاح البرنامج.
شجع ولدك بشكل إيجابي
تقول الكاتبة دي ماثويز الاختصاصية في التغذية وهي تخاطب الأم: إذا وجدت شيئًا من الطعام ينقص من البراد فلا تتهمي طفلك بالنهم رأسًا، بل ينبغي لك اصطحابه إلى السوق عند شراء الحاجيات وتشجيعه على المساعدة في تحضير الطعام.
المحافظة على النشاط
إن الأطفال البدينين لا يأكلون بالضرورة أكثر من غيرهم، لكنهم أقل نشاطًا منهم، فلا بد إذًا من ممارسة الرياضة في أثناء تطبيق الحمية الغذائية، والمقصود بالرياضة المشي وركوب الدراجة.
تنظيم الطعام
ينصح بتناول الطعام في هدوء وفي أوقاته المحددة، وبعدم تناول أي شيء منه ما بين الوجبات (بين وجبة الفطور الصباحي والغداء أو بين وجبة الغداء والعشاء).
يسقى الطفل شيئًا من الماء بين الوجبات للحد من طعامه، هذا ومن المفيد النظر للأمور التالية:
هل للطفل ميل معين اتجاه نوع خاص من الأطعمة؟ وهل يلجأ إلى الطعام في أوقات الضجر أو الملل أو أثناء مشاهدة التلفاز؟ ففي دراسة أجريت على سبعة آلاف طفل تبين أن الذين يكثرون من مشاهدة التلفاز كانوا أكثر استعدادًا للسمنة، ويتناولون الأطعمة بين الوجبات وأداؤهم ضعيف في المدرسة، وإن من وسائل مكافحة البدانة لدى الأطفال هي نهيهم عن مشاهدة التلفاز.
انتبه لنوعية الأطعمة
إن الأطفال يحبون الأطعمة المعلبة وهي سيئة لهم، فهي تزيد من وزنهم. والطفل البدين يكثر من كافة أنواع الأطعمة، علمًا بأن الإكثار من الطعام (حتى الجيد منه) يأتي بالضرر للجسم كالطعام السيئ من حيث ازدياد الوزن، كما أن الأطفال عادة لا يحبون الأطعمة المفيدة لهم فهم يفضلون الأطعمة التي اعتادوا على تناولها.
قدم الطعام على المائدة كما لو كنت في مطعم
ضع من الطعام على الطاولة كمية تكفي لطبق واحد لكل شخص، فعندما ينتهي طفلك من الطعام في طبقه فليس هناك طبق آخر، ثم اتبع النصائح التالية:
1- كافئ ولدك إذا خسر كيلوجرامين من وزنه الزائد بأن تقدم له كرة قدم جديدة، أو كافئ ابنتك المجتهدة في دروسها والمتفوقة بأن تقدم لها شيئًا تحبه غير الطعام.
2- اعتنِ بمظهر ولدك وهندامه، إذ يلاحظ أن الأطفال البدينين يهملون مظهرهم وهندامهم وتسريحة شعرهم. فإذا اقتنع بضرورة المحافظة على لباسه نظيفًا مرتبًا وبتسريحة شعره منضبطة، فإن ذلك سوف يعيد إليه الثقة بنفسه التي هو بحاجة إليها، لأن ضياع الثقة بالنفس قد يؤدي إلى تعلقه بالطعام.
3- اشترِ لطفلك الألبسة المناسبة للحجم المتوخى الوصول إليه، فذلك سوف يضع له هدفًا يسعى لتحقيقه، وليقم بقياس هذه الألبسة، فيشعر تدريجيًا بأنه يقترب من الوزن المطلوب الوصول إليه.